لي بامتداحك عن ذكر الهوى شغل

لي بامتداحكَ عنْ ذكرِ الهوى شغلُ

​لي بامتداحكَ عنْ ذكرِ الهوى شغلُ​ المؤلف ابن حيوس



لي بامتداحكَ عنْ ذكرِ الهوى شغلُ
 
وبارتياحكَ عنْ عيشِ الصِّبا بدلُ
وكيفَ يعدوكَ بالتَّأميلِ منْ بلغتْ
 
بِهِ عَطَايَاكَ مَا لَمْ يَبْلُغِ الأَمَلُ
أَسْرَفْتَ وَاخْتَصَرَ الْقَوْمُ الَّذِينَ مَضَوْا
 
فَهَلْ عَلِمْتَ بِصَافِي الْفِكْرِ مَا جَهِلُوا
ولاَ أقيمُ لهمْ عذراً بجهلهمُ
 
لكنْ أقولُ محقّاً جدتَ إذْ بخلوا
ما جُرتَ عنْ طرقِ العلياءِ إذْ عدلوا
 
عَنْهَا وَجُرْتَ عَلَى الأَمْوَالِ إِذْ عَدَلُوا
وَهَبْتَها كَرَماً قَبْلَ السُّؤالِ بِلاَ
 
مَنٍّ وَمَنُّوا وَمَا مَنُّوا وَقَدْ سُئِلُوا
يا مسمعي فقراً تفضيلُها لزمٌ
 
وَمُوسِعِي مِنَناً تَفْصِيلُها جُمَلُ
قُسٌّ وَسَحْبَانُ وَالقَوْمُ الأُلى فَصُحُوا
 
لوْ يسمعونَ الَّذي أسمعتني ذهلوا
لاَ يَبْلُغُونَ إِذَا أَفْكَارُهُمْ تَعِبَتْ
 
معشارَ قولكَ فينا حينَ ترتجلُ
فُتَّ الْوَرى بِأَيادٍ كُلُّها هُطُلٌ
 
على المنى وعوادٍ كلُّها قتلُ
فما لنا في حياة ٍ عنكَ مندفعٌ
 
وَالرِّزْقُ طَوْعُكَ فِيما شِئْتَ وَالأَجَلُ
فليسلُ مجدكَ رغماً لاَ مجاملة ً
 
منْ مالهُ ناقة ٌ فيهِ ولاَ جملُ
وَلاَ لَهُ فِي يَمِينٍ بَرَّة ٍ صَدَقَتْ
 
قَوْلٌ وَلاَ بِيَمِينٍ بَرَّة ٍ عَمَلُ
وَلَوْ رَأَتْكَ مُلُوكٌ أَنْتَ تاجُهُمُ
 
لأَذْعَنُوا وَأَقَرُّوا أَنَّهُمْ خَوَلُ
وهلْ لهمْ طمعٌ أنْ يلحقوكَ وقدْ
 
بَلَغْتَ ما لَمْ يَنَلْ آباؤُكَ الأُوَلُ
مَنْ لمْ يدينوا لمنْ دانَ الزَّمانُ لهُ
 
ولمْ يدوا منْ حماة ِ الرَّوعِ مَنْ قتلوا
تُغْنِي عَنِ السُّمرِ فِي الْهَيجا عَزَائِمُهُمِ
 
فيطعنونَ العدى شزراً وهمْ عزلُ
ولوْ غزوا مكَّة ً إذْ جاهليَّتُها
 
قريشُ لمْ تُعبدِ العزّى ولاَ هُبَلِ
مَضَوا وَخَلَّوْا أَحَادِيثاً مُخَلَّدَة ً
 
تُحدى بِها في الدَّياجِي الأيْنُقُ الذُّلُلُ
ونبتَ عنهمْ وقدْ طاحَ الزَّمانُ بهمْ
 
نِيَابَة َ البِيضِ لَمَّا حُطِّمَ الأَسَلُ
تنقَّلَ الشَّامُ فيكمْ برهة ً وأتى
 
منْ صدقِ عزمكَ ما زالتْ بهِ النُّقلُ
أكلاؤهُ بشفارِ المرهفاتِ حمى ً
 
وماءهُ بينَ مركوزِ القنا غللُ
وَدُونَ قَدْرِكَ مَا أَصْبَحْتَ مَالِكَهُ
 
فَاحْكُمْ فَأَمْرُكَ في الآفاقِ مُمْتَثَلُ
مَا بَعْدَ قَوْلِ مَلِيكِ الأَرْضِ كَيْفَ أَخِي
 
منْ مطلبٍ دونهُ مطلٌ ولاَ عللُ
أَثْنى عَلَيْكَ لَدُنْ شَافَهْتَ حَضْرَتَهُ
 
ونابتِ الكتبُ لمَّا بانَ والرُّسلُ
مجدِّداً فيكَ أمراً لا يخصُّ بهِ
 
سِوَاكَ كُلُّ جَدِيدٍ عِنْدَهُ سَمَلُ
لَقَدْ أَحَلَّكَ إِذْ آخَاكَ مَنْزِلَة ً
 
لا المشتري طامعٌ فيها ولا زحلُ
وقدْ أظلَّكَ منْ تشريفهِ منحٌ
 
على صنوفِ العلى والعزِّ تشتملُ
ومنْ ملابسهِ ما فخرهُ أبداً
 
باقٍ عليكَ إذا ما رثَّتِ الحللُ
وَمِنْ نَفَائِسِ مَا قَدْ كانَ مُمْتَطِياً
 
جردٌ يعزُّ عليها الغزوُ والقفلُ
زادتْ حلاها ولوْ جاءتكَ عاطلة ً
 
منْ خالصِ التِّبرِ ما أزرى بها العطلُ
وراءها علما النَّصرِ اللَّذا كفلا
 
لِمَنْ أَظَلاَّ بِعِزٍّ لَيْسَ يُنْتَحَلُ
مِنْ عَقْدِ مَنْ عُذِقَ النَّصْرُ الْعزِيزُ بِهِ
 
فما لهُ أبداً عنْ ظلِّهِ حولُ
عَنَّتْ لَهُ فُرَصٌ شَتّى دَعَاكَ لَهَا
 
يَا مَنْ بِهِ فُرَصُ الْعَلْيَاءِ تُهْتَبَلُ
وَقَلَّدَ الأَمْرَ مَيْمُوناً نَقِيبَتُهُ
 
لِلْهَوْلِ مُقْتَحِمٌ بِالنَّصْرِ مُشْتَمِلُ
إذا عرا الخطبُ لمْ يحضرْ مشورتهُ
 
منْ فيهِ حرصٌ ولا جبنٌ ولا بخلُ
وكيفَ يأمنُ أبناءُ الزَّمانِ سطى ً
 
أبوهمُ خائفٌ منْ بطشها وجلُ
روَّعتهُ في مقاماتٍ قهرتَ بها
 
حَتّى اعْتَرَاهُ عَلَى إِقْدَامِهِ فَشَلُ
لا فلَّ عزمكَ صرفُ النَّائباتِ فكمْ
 
عَزَّتْ وَذَلَّتْ بِكَ الأَمْلاكُ وَالدُّوَلُ
وَالرُّومُ مَنْ عَلِمُوا حَقّاً بِأَنَّهُمُ
 
إِنْ سَالَمُوا سَلِمُوا أَوْ قَاتَلُوا قُتِلُوا
ولاَ سلامة َ إلاَّ أنْ يجودَ لهمْ
 
بِها أَبُوهَا فَيَنْأَى الْخَوْفُ وَالوَجَلُ
يرجونَ أمناً بهِ تحيا نفوسهمُ
 
وَالأَمْنُ يَنْزِلُ وَالأَرْوَاحُ تَرْتَحِلُ
قَتَلْتَ شَطْرَهُمُ خَوْفاً وَشَطْرُهُمُ
 
يُمِيتُهُمْ فَرَحاً إِدْرَاكُ مَا سَأَلُوا
فَا فْخَرْ فَقَبْلكَ مَا أَبْصَرْتُ سَيْفَ وَغى ً
 
ينوبُ عنْ مضربيهِ الخوفُ والجذلُ
أتيتَ ظاهرَ أنطاكيَّة ٍ عبثاً
 
أَمَامَكَ الْقَاتِلاَنِ الرُّعْبُ وَالْوَهَلُ
وَكُلُّ أَسْمَرَ مَا فِي عَوْدِهِ طَمَعٌ
 
بَعْدَ اللِّقاءِ وَلاَ في عُودِهِ خَطَلُ
وَكُلُّ أَبْيَضَ مَضْرُوبٍ بِشَفْرَتِهِ
 
رأسُ المدجَّجِ مضروبٌ بهِ المثلُ
وَكُلُّ سَلْهَبَة ٍ أَنْتَ الْكَفِيلُ لها
 
أَلاَّ يُصَابَ لَها فِي غارَة ٍ كَفَلُ
دهماءَ كاللَّيلِ أوْ شقراءَ صافية ٍ
 
تريكَ في اللَّيلِ ثوباً حاكهُ الأصلُ
مُذْكِّراً بِأَبِيكَ الْمُستَبِيحهِمُ
 
بِالسَّيفِ إِذْ كُلُّ أَلْفٍ فَلَّهُ رَجُلُ
عزوا مئينَ ألوفٍ في مئينَ فلمْ
 
أَصْلٌ كَرِيمٌ بِعَبْدِ اللَّهِ يَتَّصِلُ
فَخَلَّفُوا الْمُلْكَ إِذْ جَدَّ الْعِرَاكُ بِهِمْ
 
نهباً مشاعاً ولولاَ ذاكَ ما وألوا
وأُعطيَ النَّصرَ نصرٌ يومَ قارعهمْ
 
بعزمة ٍ ما لمنْ أمَّتْ بها قبلُ
وَقَدْ تَخَلَّصْتَ نَصْراً مِنْ حَبائِلِهِمْ
 
والحولُ يفعلُ ما لا تفعلُ الحيلُ
وَمِنْ بَدَائِعِكَ اسْتَخْرَجْتَ جَوْهَرَة ً
 
غَوَّاصُها البِيضُ وَالخَطِّيَّة ُ الأَسَلُ
 
بحارها مقفراتُ البيدِ والحللُ
تشكو الحجالُ الَّتي تاهتْ بها زمناً
 
فراقها بعدَ أنْ تاهتْ بها الكللُ
بَلَغْتَ ما أَنْتَ رَاجِيهِ وَآمِلُهُ
 
فِيهِ وَلاَ بَلَغَ الْحُسَّادُ ما أَمَلُوا
لَكَ الْعَطايا الَّتي ما شابَها كَدَرٌ
 
معَ الخلالِ الَّتي ما شانها خللُ
عَلَى جَمِيعِ الَّذي تَحْوِيهِ مِنْ نَشَبٍ
 
منَ المكارمِ والٍ ليسَ ينعزلُ
مَوَاهِبٌ تَخْلُفُ الأَنْوَاءَ غائِبَة ً
 
ويعجزً الغيثُ عنها وهوَ محتفلُ
أمَّا عفاتكَ لا أكدوا فما لهمُ
 
إِذَا الْمَطامِعُ طاحَتْ عَنْكَ مُرْتَحَلُ
جاءَتْ وَسائِقُها وَخْذٌ وَسابِقُها
 
إلى حياضكَ يا بحرَ النَّدى عجلُ
فَأَقْلَعَ الْمَحْلُ عَنْهُمْ حِينَ مُدَّ لَهُمْ
 
لِيَرْتَعُوا فِي كَلاَ إِنْعامِكَ الطِّوَلُ
يقبِّلونَ ثرى ً دامتْ تظلِّلهُ
 
سُحْبُ النَّدى فَهْوَ فِي افْيائِها خَضِلُ
لمْ يظفروا بطريقٍ نحوَ ملككَ ما
 
تزاحمُ النَّاسَ فيهِ الخيلُ والإبلُ
فالعيسُ تدرسُ أيدي الخيلِ ما وطستْ
 
والمقرباتُ تعفِّي وطأها القبلُ
فاشرعْ لهمْ طرقاً ما ذلِّلتْ فلقدْ
 
ضاقتْ بمنْ جاءَ يبغي جودكَ السُّبلُ
وَاسْلَمْ وَلاَ زَالَتِ الأَعْيَادُ عَائِدَة ً
 
والعزُّ مقتبلٌ والظِّلُّ منسدلُ
ظهرتَ فينا فأقررتَ العيونَ وما
 
يعدو بقاءكَ منْ يدعو ويبتهلُ
وزانَ جيشكَ لمَّا سارَ أربعة ٌ
 
إنْ ناضلوا نضلوا أوْ فاضلوا فضَلوا
عَلَوْا جُدُوداً وَأَجْدَاداً فَفَخْرُهُمُ الْ
 
مُذَاعُ مُتَّصِلٌ طَوْراً وَمُنْفَصِلُ
تفصيلهُ ابنُ بويهٍ وابنُ زائدة ٍ
 
وَعِنْدَ نَصْرٍ حَلِيفِ الْجُودِ يَتَّصِلُ
وأنتَ يا أكرمَ الآباءِ والدُهمْ
 
فمجدهمْ في الورى ماضٍ ومقتبلُ
بقوا ولاَ خيَّموا إلاّ على شرفٍ
 
مدى الزَّمانِ ولا خاموا ولاَ خملوا
يَا نَاصِرَ الدِّينِ بِالجِدِّ ارْتَقَيْتَ إِلى
 
هذَا الْمَحَلِّ عَلَى أَنَّ الْعُلى نِحَلُ
وبالحروبِ الَّتي سعَّرتها اعتزلَ الـ
 
بِلادَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلُ يَعْتَزِلُ
وَلَيْسَ يَجْتَمِعُ التَّدْبِيرُ وَالْخَللُ
 
إِذَا تَفَارَقَتِ الأَسْيَافُ وَالْخِلَلُ
لَقَدْ مَلأَتْ الْقَوَافِي فَوْقَ مَا وَسِعَتْ
 
فما لها عنكَ تعريدِ ولاَ ميلُ
فضائلٌ ملأتْ شعري بكثرتها
 
مِنْ أَنْ يَفُوزَ بِهِ التَّشْبِيبُ وَالْغَزَلُ
فَاسْمَعْ لِمُحْكَمَة ٍ فِي الأَرْضِ حاكِمَة ٍ
 
كَالشَّمْسِ مَكَّنَهَا مِنْ بُرْجِهِ الْحَمَلُ
سَرِيعَة ِ السَّيْرِ إِلاَّ أَنَّهَا أَبَداً
 
تقيمُ في كلِّ أرضٍ وهيَ ترتحلُ
ولا تكرَّرُ في سمعٍ فيحدثَ منْ
 
تَكْرَارِهَا ضَجَرٌ مِنْهَا وَلاَ مَلَلُ
جَلَّتْ صِفاتُكَ عَنْ قَوْلٍ يُحِيطُ بِها
 
حَتّى اسْتَوى شَاعِرٌ فِيها وَمُنْتَحِل
مناقبٌ في أقاصي الأرضِ قدْ شُهرتْ
 
فما اعترى مطنباً في وصفها خجَلُ
أُعِيذُ مَجْدَكَ مِنْ عَيْنِ الْكَمالِ فَكَمْ
 
أصابتِ العينُ أملاكاً وما كملوا