ماذا المصاب الذي اهتزت له الأمم
ماذا المصاب الذي اهتزّت له الأمم
ماذا المصاب الذي اهتزّت له الأمم
وغاب فيه الضّيا فاشتدّت الظّلم
ماذا المصاب الذّي أصمى القلوب
أسى وضاق في وقعه عن وصفه الكلم
هل دكّ طود من المعالي بعد منعته
أم هل قضى العالم العلاّمة العلم
أجل هوى من مراقي مجدنا رجلٌ
يحفّه الحزم والإقدام والعظم
قضى الأمام الفريد الجهبذ النّبه
السّامي الخلال الأبيّ النّاقد الفهم
قضى أبو اللّغة الفصحى وسيّدها
واعتلّت الأرض لمّا مضّه السّقم
ساروا به من حمى مطريّة سحراً
بموكب فيه أرباب العلى التأموا
أمامه العلماء الغرّ مطرقةٌ حزناً
وفي كلّ قلبٍ منهم ضرم
وعمدة الجاه والمجد الرّفيع
بدت مع الجموع بفرط الغمّ تتسم
وخيرة السّادة الأعلام سائرةٌ
بين الوفود كموج اليمّ تلتطم
حتّى أتوا جدثاً ألقى المهابة في
القلوب فأرفضّ من تلك العيون دم
هناك الحد شيخ العلم بل دفنوا
من في رداه عرى الآداب تلتحم
هناك أودع والجمهور عاد وفي
الأحشاء حرّ لظى الأشجان يضطرم
وراح كلّ ينادي بين رفقته
وأحر قلباه ممّن قلبه شبم
المجد في أمةٍ أحيا معالمها
تدوم من بعده ما دامت الأمم
يراعةٌ كم نفت عن مخطئٍ
زللاً وأيدت خير آيٍ كلها حكم
ذوو المعارف من تيّاره اغترفوا
وحول مورده الصّافي قد ازدحموا
كم بات يجلو الخطوب السّود ثائرةً
تخرصاً وافتراء وهو يبتسم
سنّ القواعد والألفاظ هذّبها
حتّى غدت عنده الكتاب تحتكم
وأصبحت لغة الأعراب ناطقةً
بفضله ليس يعرو وجهها وصم
لله أبناء ذاك اليازجي لهم في
كل ثغرٍ جميلٌ ليس يكتتم
بل ليس يجحده إلا أخو خرسٍ
وليس يخفيه إلا من به صمم
لو قيل من بلسان العرب فاق على
لصاح كلّ أمريءٍ فخر الأنام هم
اليازجيون خير النّاطقين بها
وقد أقرت بذاك العرب والعجم