ما أذاعت ريح الصبا لك سرا

مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً

​مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً​ المؤلف عبد الله الخفاجي


مَا أَذَاعَتْ رِيْحُ الصَبَا لَكَ سِرّاً
إِنَّمَا عَرَّضَتْ بِهِ وَهِي سَكْرَى
وَعَلَى أَنَّهَا تَنِمُّ فَقَدْ أَهْـ
ـدَتْ نسيماً منَ العذيبِ وعطرَا
وأتى البارقُ الذي بتَّ ترعَا
هُ فنوناً منَ الخيانةِ أخرى
بَاتَ يَطْوِي ذَيْلَ الدُّجَى وَيُضِىء ال
ـبيدَ حتَّى يظنهُ الطيفُ فجرَا
فَمَتَى يَعْرِفُ الوَفَاءَ وَمَا يَذْ
كر إِلاَّ لَوْمَا عَلَيْكَ وَعُذْرَا
وإذَا كنتَ مَا وجدتَ لأشجَا
نك حُرَّا فَمُتْ بِدَائِكَ حُرَّا
يَا خَلِيْلَيَّ قَدْ سَئِمْتُ أَمَانِيَّ
وَأَنْفَقْتُ فِي القَنَاعَةِ عُمْرَا
فاطْلِقَا مِنْ أَزْمَّةِ العَيْسِ مَا شا
ءتْ فإنَّا في ربقةِ الهمِّ أسرَى
زادَ عرضُ الفَلا عليهَا كمَا طال
الدجَى فهيَ والكواكبُ حسرَى
تَتَرَامى بِهَا البِلادُ وَمَا تَشُدُ
إِلاَّ رَسْمَا مِنَ الجُودِ قَفْرَا
فَاعْذُرَاهَا إِنْ أَخْفَقَتْ فَلَقَدْ رَا
متْ عسيراً منَ المطالبِ وعرَا
نقصَ الدهرُ حظهَا منْ بنيهِ
فَهِي تَبْغِي حَظاًّ وَنَاسَاً وَدَهْرَا
وَلَعَمَرِي لَقَدْ
كَفَاهَا نَصِيْرُ ال
رتعتْ منْ جنابهِ في رياض
ضَوَّعَتْهَا فِيْهِ ثَنَاء وَذِكْرَا
وسرَى جودهُ إليها علَى البعدِ كمَا
تحملُ النسائمُ عطرَا
وردتْ مشرعَ المكارمِ ملآ
ن وَحَيَّتْ وَجْهَ الزَّمَانِ أَغَرَّا
طلعةٌ كالصباحِ يلمعُ فيها
بارقٌ للسماحِ سموهُ بشرَا
وَبَنَانَ إذا تَجَهَّمَتِ الأنْوَاء
أحرَى بهِ سحائبَ عشرَا
يسبقُ السمهريُّ طولاً وطوْلاً
ويفوتُ الهنديَّ أثراً وأثرَا
شَرَفاً يَا بَنِي فَزَارَةَ قَدْ أَحْيَا
نداهُ عليكَ حصناً وبدرَا
وَغِنًى عَنْ مَوَاهِبِ المُزْنِ بِالغُوْرِ
رِ فقدْ صارتِ البحيرةُ بحرَا
حَلَّ فِيْكَ ابْنَ مُلْهَمٍ وَخَصِيْبُ
الرَّوْضِ مَا كَانَ عَيْشُهُ مُسْتَقِرَّا
عارض يستهلُّ جوداً وفيهِ
بارق ربما توقدَ جمرَا
فجرَى ماؤهُ مواهبَ بيضاً
وَوَرَتْ نَارُهُ قَوَاضِبَ حُمْرَا
قدْ عرفنَا ضرامهُ كيفَ يصلَى
وعلمنَا غمامهُ كيفَ يُمرَا
فَوَجَدْنَا جَنَاهُ فِي السِّلْمِ حُلْواً
وَرَأَيْنَا لَظَاهُ في الحَرْبِ مُرَّا
خَطَرَاتُ الزَّمَانِ بُؤسَى وَنُعْمَى
وفنونُ الأقدارِ نفعاً وضرّا
علمَ الناسُ كيفَ يسعَى إلى
المَجْدِ وَلَكِنْ بَاتُوا نِيَامَاً وَأَسْرَى
وَأَرَاهُمْ مِنْ جُودِهِ كُلَّ عَذْرَاءَ
عَلَى أَنَّهَا مَواهِبُ تَتْرَى
وإذا عدَّ حامداً وعلياً
وسليمَ الندَى وكعباً وبكرَا
منةٌ لمْ يجدْ بها غيرُ كفيهِ
فأعجبْ بهَا عواناً وبكرَا
سَبَقَ النَّاسَ أَوَّلا وَأَخِيْرَا
وَحَوَى المَكْرُمَاتَ بَدْوَا وَحَضْرَا
طرقَ الشامَ منْ فراقكَ خطبٌ
لا يُرَى بَعْدَهُ مِنَ العُسْرِ يُسْرَا
علمَ الرومُ أنَّ سيفكَ حاميهِ
فَقَدْ حَاوَلُوا لِبُعْدِكَ أَمْرَا
وأجابَ المحاربونَ إلى السلمِ
فَرَارَاً مِنَ الطِّعَانِ وَكُفْرَا
وإذَا ما خلا العرينُ منَ الليثِ
أغارَ السرحانُ فيهِ وكرَّا
عودتهمْ ظباكَ جامحةَ الفرِّ
الفَرِّ وَسَنَّتْ فِيْهِمْ جِيَادُكَ ذُعْرَا
وَتَحَامَتْكُمْ المَعَاقِلُ لَمَّا
ملَكَتْهَا لَكَ الصَّوَارِمُ قَسْرَا
طَلَعَتْ نَحْوَهُمْ مِنَ الجُوْنِ
جَون وَجَدُوهَا باللاَّذِقِيَةِ شُقَرَا
مُقَرَبَات مِثْلُ السَّرَاحينِ إِلاَّ
أنَّها تقنصُ الفرائسَ جهرَا
وخميسٌ ألقَى علَى طرفِ السا
حلِ شطراً وفي العواصمِ شطرَا
قادهُ مرهفُ العزيمةِ والرأ
ي إذَا قدمُ المحاربِ غيرَّا
هذبتْ فكرهُ التجاربُ حتَّى
هَتَكَتْ دُوْنَهُ مِنَ الغَيْبِ سِتْرَا
رفعَ اللهُ منْ لوائكَ لمَّا
كَانَ عِزَاً لِلْمُسْلِمِيْنَ وَنَصْرَا
طُلْتَ قَدْرَاً عَن المَدِيْحِ فَمَا أَذْهَبُ
هبُ فيهِ إلاَّ وفاء وشكرَا
زَفَرَات أَثَرْتُهُنَّ مِنَ الشَّوْقِ
وَإِنْ كُنَّ فِي المَسَامِعَ شِعْرَا
وَثَنَاء كَأَنَّمَا أَطْلَعَ الصُّبْحَ
ضِيَاء وَأَرَّجَ الرَّوْضَ نَشْرَا
يُخْبِرُ النَّاسَ إِنَّ فِي ذِكْرِ إِحْسَانِكَ
دَيْنَاً وَفِي ثَنَائِي سِحْرَا