ما أنت للكلف المشوق بصاحب
ما أنت للكلف المشوق بصاحب
ما أنتَ، للكَلِفِ المَشُوقِ، بصَاحِبِ،
فاذهَبْ على مَهَلٍ، فَليسَ بِذاهِبِ
عَرَفَ الدّيارَ، وقد سَئِمنَ من البِلَى،
وَمَللْنَ مِنْ سُقيا السّحابِ الصّائبِ
فأرَاكَ جَهْلَ الشّوْقِ بَينَ مَعالِمٍ
منهَا، وَجِدَّ الدّمعِ بَينَ مَلاعِبِ
وَيَزِيدُهُ وَحْشاً تَقارُضُ وَحْشِهَا
وَصْلَينِ بَينَ أحِبّةٍ وَحَبَائِبِ
تَرْعَى السّهُولَةَ، وَالحزُونُ يَقينَهَا
حَدّينِ: بين أظَافِرٍ وَمَخَالِبِ
لَمْ يَمْشِ وَاشٍ بَيْنَهنّ، وَلا دَعا
بَيْناً لَهُنّ صَدَى الغُرَابِ النّاعِبِ
مَا كانَ أحسَنَ هَذِهِ مِنْ وَقْفَةٍ،
لوْ كانَ ذاكَ السّرْبُ سِرْبَ كَوَاعبِ
هَل كنتَ، لوْلا بَينُهمْ، مُتَوَهّماً
أنّ امْرَأً يُشجيهِ بَينُ مُحَارِبِ
عَمرِي، لقد ظَلَمتْ ظَلومُ، ولم تَجُدْ،
لِمُعَذَّلٍ فيهَا، بوَعْدٍ كاذِبِ
صَدّتْ مُجَانِبَةً، وَخَلّفني الهَوَى
عن هَجرِها فوصَلتُ غيرَ مُجَانِبِ
وَإذا رَجَوْتُ ثَنَتْ رَجائيَ شَكتّةٌ
مِنْ عاتِبٍ في الحُبّ، غَيرِ مُعاتِبِ
لوْ كانَ ذَنْبي غَيرَ حُبّكِ أنّهُ
ذَنْبي إلَيكِ، لكُنتُ أوّلَ تَائِبِ
سأرُوضُ قَلبي، أوْ يروح مُباعِداً
لِمُبَاعِدٍ، وَمُقارِباً لمُقارِبِ
فإذا رَأيْتُ الهَجرَ ضَرْبَةَ لازِبٍ
يَوْماً، رَأيتُ الصّبرَ ضَرْبةَ لازِبِ
وَشَمَائِلِ الحَسَنِ بنِ وَهْبٍ، إنّها
في المَجدِ ذاتُ شَمائِلٍ وَجَنَائِبِ
لِيُقَصّرَنّ لَجَاجُ شَوْقٍ غالب،
وَلْيُقْصَرَنّ لَجَاجُ دَمْعٍ سَاكِبِ
فالعَزْمُ يَقْتُلُ كُلّ سُقْمٍ قَاتِلٍ،
وَالبُعْدُ يَغْلِبُ كُلّ وَجْدٍ غالِبِ
ولَقَدْ بَعَثْتُ العِيسَ تَحمِلُ هِمّةً
أنضَتْ عَزَائمَ أرْكْبٍ وَرَكائِبِ
يُشْرِقْنَ باللّيْلِ التّمَامِ، طَوَالِعاً
مِنْهُ على نَجْمِ العرَاقِ الثّاقِبِ
يَمْتُتْنَ بالقُرْبَى إلَيْهِ، وعِندَه
فِعْلُ القَرِيبِ، وَهُنّ غَيرُ قَرَائِبِ
وَإذا رَأيْتُ أبَا عَليٍّ، فَالعلا
لمَشَارِقٍ مِنْ سَيْبِهِ، وَمَغارِبِ
يبْدُو، فَيعِربُ آخِرٌ عَنْ أوّلٍ
مِنْهُ، وَيُخبر شَاهدٌ عن غائِبِ
بِطَرَائِقٍ كَطَرَائِقٍ، وخَلائِقٍ
كَخَلائِقٍ، وَضَرَائِبٍ كَضَرَائِبِ
وَمَوَاهِبٍ كَعْبِيّةٍ وَهْبِيّةٍ
يُوجِبْنَ في الإفْضال فَوْقَ الوَاجبِ
يَعْلُو على عَلَةٍ بِوَفْدِ أُبُوّةٍ،
يُتَوَهّمُونَ هُنَاكَ وَفْدَكَوَاكِبِ
كَانُوا بذاكَ عُصَابَةً كَعَصَائِبٍ
في مَذحِجٍ، وَذُؤابَةً كَذَوَائِبِ
وَأرَى التّكَرّمَ، في الرّجال، تَكَارُماً،
ما لمْ يَكُنْ بِمَنَاسِبٍ وَمَنَاصِبِ
يَرْمي العَوَاذِلُ في النَّدى مِنْ جانِبٍ
عَنْهُ، وَيَرْمِيهِ النَّدَى مِنْ جانِبِ
حتّى يَرُوحَ مُتَارِكاً كَمُعَارِكٍ
بجَميعِهِ، وَمُسالِماً كمُحارِبِ
قَهَرَ الأُمُورَ بَديهَةً كَرَوِيّةٍ
مِنْ حازم، وَقَرِيحَةً كَتَجارِبِ
كل الخُطوبُ، وَقد خَطَبنَ لِقاءَهُ،
فَرَجَعْنَ في إخفاقِ ظَنٍّ خَايِبِ
هُتِكَتْ غَيَابَتُها بأبْيَضَ مَاجِدٍ،
فكَأنّمَا هُتِكَتْ بأبْيَضَ قَاضِبِ
فَهْمٌ أرقُّ مِنَ الشّرَابِ، وَفِطْنَةٌ
رَدّتْ أقاصِي الغَيْبِ رَدَّ الهَارِبِ
وَمَكَارِمٌ مَعْمُورَةٌ بِصَنَائِعٍ،
فَكَأنّهَا مَمْطُورَةٌ بسَحَائِبِ
وَغَرَائِبٌ في الجُودِ، تَعْلَمُ أنّهَا
مِنْ عالِمٍ، أوْ شاعرٍ، أوْ كاتِبِ
لله أنْتَ، وأنْتَ تُحرِزُ وَاهباً
سَبْقَينِ: سَبْقَ مَحاسِنٍ وَمَوَاهبِ
في تَوْبَةٍ مِنْ تَائِبٍ، أوْ رَهْبَةٍ
مِنْ رَاهبٍ، أوْ رَغبَةٍ مِنْ رَاغبِ
أعْطَيْتَ سَائِلَكَ المُحَسَّدَ سُؤلَهُ،
وَطَلَبْتَ بالمعرُوفِ غَيرَ الطّالِبِ
عَلمتَني الطّلَبَ الشّرِيفَ، وَرُبّمَا
كُنتُ الوَضِيعَ مِنِ اتّضَاعِ مَطالبي
وَأرَيْتَني أنّ السّؤالَ مَحَلّةٌ،
فيها اخْتِلافُ مَنَازِلٍ وَمَرَاتِبِ
وَبَسَطْتَ لي قَبلَ النّوَالِ عِنَايَةً،
بَسَطَتْ مَسَافَةَ لحظَيَ المُتَقَارِبِ
وعرَفْتُ وِدّكَ في شَيعَتي تعصب،
وَوُجُوهِ اخْوَاني وَعَطْفِ أقارِبي
فَلَئِنْ شَكَرْتُكَ، إنّني لمُعَذَّرٌ
في وَاجِبٍ، وَمُقَصِّرٌ عَنْ وَاجِبِ