ما أسلم القلب وأصفى السمرا

ما أَسلَمَ القَلبَ وَأَصفى السَمَرا

​ما أَسلَمَ القَلبَ وَأَصفى السَمَرا​ المؤلف إلياس أبو شبكة


ما أَسلَمَ القَلبَ وَأَصفى السَمَرا
وَأَهنَأَ الشِتاءَ في تِلكَ القِرى
تَجري اللَيالي عَذبَةٌ كَالساقِيَة
يُضَنُّ مِنها بِاللَيالي الباقِيَة
في لَيلَةٍ لِطولها وَسنانه
وَالأَرضُ مِمّا شَرِبت نَشوانه
فَقالَ ما عَوَّدكِ اللَيلُ السَهَر
لَم يَبقَ إِلّا ساعَتانِ لِلسَحَر
غَلواءُ ما حَلَّ شَقِيَّه
أَما تَبَقّى لِلرَّجا بَقِيَّه
مسكينَةٌ
وَيل امِّها صَبِيَّه
وَحاوَلَ النَومَ بِدونِ جَدوى
كَأَنَّ في عَينَيهِ قَلباً يَهوى
وَاِنتَقَل اِنتِقالَةً عَجيبَه
مِن أَلَمِ الروحِ الى غَيبوبَه
طَوراً يَرى غَلواءَ في صِباها
تَشِعُّ في وُجدانِهِ عَيناها
وَتارَةً في كَفَنٍ مُلتَفَّه
يُسَرَّحُ المَوتُ عَلَيها كَفَّه
بارِزَةً مِن فَمِها الأَسنانُ
مُزرَقَّةً كَأَنَّها ديدان
ذاتَ شُحوبٍ راعِبٍ زَهيبِ
كَأَنَّهُ لَونٌ من الذُنوبِ
وَكانَت الظُلمَةُ في أَشجانِ
وَالريحُ كَالمِبرَد في الأَبدانِ
وَلم يَكَد من حُلمِهِ يُفيق
حَتّى اِعتَراهُ خَدَرٌ عَميقُ
فَأَبصَرَ المَريضَةَ المُحتَضَرَه
مَسدولَةَ الذَوائِبِ المُبَعثَره
وَحلَّ في أَهدابِهِ تابوتُ
في قَلبِهِ صَبِيَّةٌ تَموتُ
تَموتُ في غَيبوبَةٍ وَسَكرَه
لَها مِن العُمرِ ثَماني عَشرَه
وَعِندَما أَفاقَ من رُؤياهُ
وَحَدَّقت الى الدُجى عَيناهُ
رَأى نِياماً كُلَّ من في الدارِ
إِلّا عُيونَ الهِرِّ ذاتَ النارِ