ما لجرح جرحته من ضماد

ما لجرح جرحته من ضماد

​ما لجرح جرحته من ضماد​ المؤلف جبران خليل جبران


ما لجرح جرحته من ضماد
نفذ السهم في صميم فؤادي
رحمة يا زمان أين أميري
ونصيري بعد الحبيب الغادي
يا ليالي يوم أمسى عليلا
قد كسوتن بالسواد سوادي
بات من دائه حليف سهاد
وأنا من جوى حليف سهاد
ثم كان الفراق ما من رجاء
بعده للقاء قبل المعاد
أين أنسي إذا افتقدت أنيسا
آه من وحشتي وطول افتقادي
جاء شجوي من حيث كان سروري
كيف بدلت قربه ببعاد
كيف أرثيه والحجى أطفاته
غشية الحزن والحشى في اتقاد
لو تحول الدموع شعرا لما جارى
قوافي فيه صوب العهاد
يا بقايا من همة تتلاشى
لا تضني علي بالإسعاد
كان عين الأعيان في كل حفل
كان زين الفتيان في كل ناد
عالي الرأس عالي النفس نهاضا
قوي الأخلاق والأعضاد
وعلى النعمة التي هو فيها
لم تطب نفسه بغير الجهاد
ما على الحر أن يكون طموحا
تصدأ الباترات في الأغماد
كل شأن مما تولاه كان
الفوز من غبه على ميعاد
لم ينافسه في الوجاهة ممدود
طراف ولا كثير رماد
في سبيل الحمى وفي سبل البر
ماسع لا تنقضي وأياد
صرحه ملتقى الأعاظم من عرب
وعجم وكعبة القصاد
هل يضاهيه بالمفاخر بيت
في بيوت السراة والأجواد
وبحق ما أحرزوه جميعا
بيننا من تجلة ووداد
خطب هذا الهمام خطب عميم
عظم الله فيه أجر اللاد
عظم الله فيه أجر كرام
رزئوه من آله الأمجاد
هم عزاء وما سواهم عزاء
عنه يأسو جريحة الأكباد