ما لقلبى من لوعة ليس يهدا ؟

ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟

​ما لِقلبى من لوعة ٍ ليسَ يَهدا ؟​ المؤلف محمود سامي البارودي


ما لِقلبى من لوعةٍ ليسَ يَهدا؟
أو لم يكفِ أنَّهُ ذابَ وَجدا؟
وَسَمَتْنِي بِنَارِهَا الْغِيدُ حَتَّى
تَركتنى فى عالَمِ الحُبِّ فَردا
فَضُلُوعِي مِنْ قَدْحَةِ الزَّنْدِ أَوْرَى
ودُموعى مِن صَفحَة الغَيمِ أَندى
مَا عَلَى الْبَرْقِ لَوْ تَحَمَّلَ عَنِّي
بَعضَ ما خفَّ من سلامٍ فأدَّى؟
أيُّها الساهِرونَ حَولَ وسَادى
لَسْتُ مِنْكُمْ أَوْ تَذْكُرُوا لِيَ نَجْدَا
وَعُهُوداً لَمْ يَتْرُكِ الدَّهْرُ مِنْهَا
لأَخى صَبوةٍ ذِماماً وَعهدا
ونسيماً إذا سَرى ضَوَّعَ الآ
فَاقَ مِسْكاً، وَعَطَّرَ الْجَوَّ نَدَّا
لا تخوضوا فى غيرهِ من حَديثٍ
فهوَ حسبى، وأىُّ ماءٍ كصدَّا؟
هِيَ أُحْدُوثَةٌ تُسَاقُ وَلَكِنْ
رُبَّمَا اسْتَوْجَبَتْ ثَنَاءً وَحَمْدَا
آهِ من لوعةٍ أطارت بقلبى
شُعلةً شفَّتِ الجوانِحَ وَقدَا
كُلَّما قلتُ قد تناهى غرامى
عَادَ مِنْهُ ما كَانَ أَصْمَى وَأَرْدَى
يَا رَفِيْقِي إِذَا عَرَانِي خَطْبٌ
ونصيرى إذا خَصيمٍ تَصَدَّى
أَصْبَحَتْ حَاجَتِي إِلَيْكَ، فَخُذْ لِي
بِحُقُوقِي مِنْ ظَالِمٍ قَدْ تَعَدَّى
وجدَ القلبَ خالياً فاحتواهُ
وَرَأَى النَّفْسَ طَوْعَهُ فاستَبَدَّا
وَكَذَاكَ السُّلْطَانُ إِنْ ظَنَّ بِالأُمَّـ
ةِ عَجزاً سَطا عليهَا وشدَّا
فَأَقِلْنِي مِنْ عَثْرَةِ الْحُبِّ إِنْ أُو
تيتَ حُكماً، أو قُل لقلبى يهدَا
فَمِنَ الْعَارِ غَضُّ طَرْفِكَ عَنِّي
إِنَّ خَيْرَ الصِّحَابِ أَنْفَعُ وُدَّا
وبنفسى حلوُ الشمائلِ، مُرُّ الـ
ـهَجْرِ، يُحيِي وَصْلاً، وَيَقْتُلُ صَدَّا
ذو قوامٍ أعدى منَ الرُمحِ ليناً
وَلِحَاظٍ أَمْضَى مِنَ السَّيْفِ حَدَّا
كانَ قلبى وديعةً عِندَ عينيـ
ـهِ، فَآلَى بِالسِّحْرِ أَلاَّ يُرَدَّا
مَا عَلَى قَوْمِهِ وَإِنْ كُنْتُ حُرًّا
أَن دعتنى لهُ المحبَّةُ عَبدا؟
غُصنُ بانٍ، قَد أطلعَ الحُسنُ فيه
بِيَدِ السِّحْرِ جُلَّناراً وَوَرْدَا
مَا هِلاَلُ السَّماءِ؟ مَا الظَّبْيُ؟ ما الْوَرْ
دُ جَنِيًّا ما الغُصْنُ إِذْ يَتَهَدَّى؟
هُوَ أَبْهَى وَجْهاً، وَأَقْتَلُ أَلْحا
ظاً، وَأَنْدَى خَدًّا، وَأَلْيَنُ قَدَّا
فَدَعِ اللَّوْمَ يَا عَذُولُ، فَإِنِّي
لَسْتُ أَبْغِي مِنَ الْعَوَاذِلِ رُشْدَا
لا تخَلنى على غراتِكَ سهلاً
أَنَا أَدْرَى بِلَوْعَتِي مِنْكَ جِدَّا
لَستُ أقوى على الصُّدودِ، وإن كُنـ
تُ على سورة الحوادثِ جَلدا
إِنْ تَكُنْ رَحْمَةٌ فَنَفْسِيَ أَوْلَى
أو تَكن ضَلَّةٌ فَربِّى أهدى