ما لي بودك بعد اليوم إلمام
ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ
ما لي بودك بعدَ اليومِ إلمامُ
فاذهبْ؛ فأنتَ لئيمُ العهدِ نمامُ
قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُنِي أَدْرَكْتُ مَأْرُبَةً
مِنَ الْمُنَى، فَإِذَا ما خِلْتُ أَحْلاَمُ
هَيْهَاتَ مِنِّي الرِّضَا مِنْ بَعْدِ تَجْرِبَةٍ
إِنَّ الْمَوَدَّةَ بَينَ النَّاسِ أَقْسَامُ
فَاطْلُبْ لِنَفْسِكَ غَيْرِي؛ إِنَّنِي رَجُلٌ
يأبى لي الغدرَ أخوالٌ وأعمامُ
كلُّ امرئٍ تابعٌ أعراقَ نبعتهِ
وَ الخيرُ وَ الشرُّ أنسابٌ وَ أرحامُ
فانظرْ لفعلِ الفتى تعرفْ مناسبهُ
إنَّ الفعالَ لأصلِ المرءِ إعلامُ
و لاَ يغرنكَ وجهٌ راقَ منظرهُ
فالنصلُ فيهِ المنايا وَ هوَ بسامُ
ما كلُّ ذي منسرٍ فتخاءَ كاسرةً
كَلاَّ، ولاَ كُلُّ ذِي نَابَيْنِ ضِرْغَامُ
فَإِنْ يَكُنْ غرَّنِي حِلْمِي فَلاَ عَجَبٌ
إنَّ الحسامَ لينبو وَ هوَ صمصامُ
ظَنَنْتُ خَيْراً، وَلَمْ أُدْرِكْ عَوَاقِبهُ
فَكَان شرّاً. وَبَعْضُ الظَّنِّ آثامُ
فيا لها ضلةً! ما إنْ أبهتُ لها
حَتَّى تَرَدَّتْ بِها فِي الشَّرِّ أَقْدَامُ
آلَيْت أَكْذِبُ نَفْسِي بَعْدَهَا سفَهاً
إِنَّ الْمُنَى عِنْدَ صِدْقِ النَّفْسِ أَوْهَامُ
فيا بنَ تزدريهِ النفسُ منْ ضعةٍ
فما يحسُّ لهُ وجدٌ وَ إعدامُ
دَعِ الْفَخَارَ، وَخُذْ فِيما خُلِقْتَ لَهُ
منَ الصغارِ؛ فإنَّ الطبعَ إلزامُ
وَ اذكرْ مكانك منْ " عباسَ " حيثُ مضتْ
عليكَ في الدارِ أعوامٌ وَ أعوامُ
تَبِيتُ مُرْتَفِعاً فِي ظلِّ دَسْكَرةٍ
لكلَّ باغٍ بها وجدٌ وَ تهيامُ
وَفَوْقَ ظَهْرِكَ لِلأَنْفَاسِ مُعْتَرَكٌ
وفِي حَشَاكَ لِنَارِ الْفِسْقِ إِضْرامُ
وَيْلُمِّهَا خَزْيَةً طارَتْ بِشُنْعتِها
صَحَائِفٌ، وجَرَتْ بِالذَّمِّ أَقَلاَمُ
فاخسأْ؛ فما الكلبُ أدنى منكَ منزلةً
وَ«اخْسَأْ» لِمِثْلِكَ إِعْزَازٌ وَإِكْرَامُ
هذا الذي تكرهُ الأبصارُ طلعتهُ
فَحَظُّها مِنْهُ إِيذَاءٌ وَإِيلاَمُ
فِي وَجْهِهِ سِمَةٌ لِلْغَدْرِ بيِّنَةٌ
و بينَ جنبيهِ أحقادٌ وَ أوغامُ
لهُ على الشرَّ إقدامٌ، وَ ليسَ لهُ
إِلاّ عَن الْخَيْرِ وَالْمعْرُوفِ إِحْجامُ
كأنما أنفهُ منْ طولِ سجدتهِ
في حانةِ اللهوِ حرفٌ فيهِ إدغامُ
كَعقْرَبِ الْمَاءِ يَمْشِي مَشْيَةً صدَداً
فَخَلْفُهُ عِنْدَ جِدِّ الأَمْرِ إِقْدَامُ
أبدى بعاتقهِ المنديلُ سيمتهُ
وَحتَّ موْضِعهُ مِنْ كَفِّهِ الْجَامُ
وَكَيْفَ يصْلُحُ أَمْرُ النَّاسِ فِي بَلَدٍ
حُكَّامُهُ لِبناتِ اللَّهْوِ خُدَّامُ؟
قَدْ يَمَّمَتْهُ الْمَخَازِي؛ فَهْيَ نَازِلَةٌ
منهُ بحيثُ تلاقي اللؤمُ وَ الذامُ
مَا إِنْ أَصَبْتُ لَهُ خُلْقاً، فَأَحْمَدَهُ
فَكُلُّ أَخْلاَقِهِ لِلنَّفْسِ آلاَمُ
فظٌّ، غليظٌ، مقيتٌ، ساقطٌ، وَ جمٌ
وَغْدٌ، لَئِيمٌ، ثَقِيلُ الظِّلِّ، حَجَّامُ
جاءتْ بهِ عجزٌ ليستْ بطاهرةٍ
لها بمدرجةِ الفحشاءِ أزلامُ
مستيقظٌ للمخازي، غيرَ أنَّ لهُ
طَرْفاً عَنِ الْعِرْضِ وَالأَوْتَارِ نَوَّامُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ مِنْ عَدَاوتِهِ
فَإِنَّهَا لِجَلاَلِ اللَّهِ إِعْظامُ
فاذهبْ كما ذهبَ الطاعونُ منْ بلدٍ
تَقْفُوهُ بِاللَّعْنِ أَرْوَاحٌ وَأَجْسَامُ
وَهَاكَ مَا أَنْتَ أَهْلٌ فِي الْهِجَاءِ لَهُ
فالهجوُ فيكَ لنقضِ الحقَّ إبرامُ
منْ كلَّ قافيةٍ في الأرضِ سائرةٍ
لها بعرضكَ إنجادٌ وَ إتهامُ
شعرٌ لوجهِ المخازي منهُ سافيةٌ
يحاصبٍ، وَ لأنفِ الجهل إرغامُ
تَبْلَى الْعِظَامُ، وَيَبْقَى ذِكْرُهُ أَبَداً
في كلَّ عصرٍ لهُ سجعٌ وَ ترنامُ