ما هاج شوقك من مغاني دمنة
ما هاجَ شوقكَ من مغاني دمنة ٍ
ما هاجَ شوقكَ من مغاني دمنةٍ
ومنازلٍ شغفَ الفؤادَ بلاها
جيداءُ يطويها الضجيعُ بصلبها
طَيَّ المَحَالَةِ لَيِّن مَتْنَاهَا
دارٌ لِصَفْرَاءَ الَّتِي لاَ تَنْتَهِي
عَنْ ذِكْرِهَا أَبَداً وَلاَ تَنْسَاهَا
لوْ يستطيعًُ ضجيعها لأحبها
فِيْ الجَوْفِ مِنْهُ يَشُمُّهَا وَحَشَاهَا
صَاْدَتْكَ أُخْتُ بَنِي لُؤَيٍّ إذْ رَمَتْ
وَأَصَابَ سَهْمُكَ إذْ رَمَيْتَ سِوَاهَا
وأعارها الحدثانُ منكَ مودةً
وَأعِيْرَ غَيْرُكَ وُدَّهَا وَهَوَاهَا
تِلْكَ الظُّلاَمَةُ قَدْ عَلِمْتَ فَلَيْتَهَا
إذْ كُنْتَ مُكْتَهِلاً تَلُمُّ نَوَاهَا
بَيْضَاءُ تَسْتَلِبُ الرِّجَالَ عُقُولَهُمْ
عَظُمَتْ رَوَادِفُهَا وَدَقَّ حَشَاهَا
وَكَأَنَّ طَعْمَ الزِّنْجَبِيْلِ وَلَذَّةً
صَهْبَاءَ سَاكَ بِهَا المُسَحِّرُ فَاهَا
يَا شَوْقُ مَا بِكَ يَوْمَ بَانَ حُدُوْجُهُمْ
منْ ذيْ المويقعِ غدوةً فرآها
وكأن نخلاً في مطيطةَ ثاوياً
بالكمعِ بينَ قرارها وحجاها
وعلى الجمالِ إذا ونينَ لسائقٍ
أنزلنَ آخرَ رائحاً فحداها
منْ بينِ مختضعٍ وآخرَ مشيهُ
رفلٌ إذا رفعتْ عليهِ عصاها
من بين بكر كالمهاة وكاعب
شَفَعَ النَّعِيْمُ شَبَابَهَا فَعَرَاهَا
لاَ مُكْثِرٌ عَيْشٍ وَلاَ ابْنُ وَلِيْدَةٍ
بَادِي المُرُوْءَةِ تَسْتَبِيْحُ حِمَاهَا
وَجَعَلْنَ مَحْمَلَ ذِي السِّلاَحِ تَحِيَّةً
عن ذي اليتيمة وافترشن لواها
أَصْعَدْنَ فِي وَادِي أُثَيْدَةَ بَعْدَمَا
عسف الخميلة واحزأل صواها
قرية حبك المقيظ وأهلها
بحشى مآب ترى قصور قراها
واحتل أهلك ذا القتود وغربا
فالصحصحان فأين منك نواها
فَإذَا تَحَيَّرَ فِي الفُؤَادِ خَيَالُهَا
شرق الشؤون بعبرة فبكاها
أفلا تناساها بذات براية
عنس تجل إذا السفار براها
تطوي الفلاة إذا الإكام توقدت
طَيَّ الخَنِيْفِ بِوَشْكِ رَجْع خُطَاهَا
وَتَشُوْلُ خَشْيَةَ ذِي اليَمِيْنِ بِمُسْبَلٍ
وَحْفٍ إذَا صَحِبَ الذِّئَابِ حَمَاهَا
متذيل لون المناضل فوقه
عجب أصم يسل خور صلاها
نَخَسَتْ بِهِ عَجُزٌ كَأَنَّ مَجَالَها
دَرَجٌ سُلَيْمَانُ القَدِيْمُ بَنَاهَا
بنيت على كرش كأن حرودها
مقط مطواة أمر قواها
في مجفر حابي الضلوع كأنه
بئر يجيب الناطقين رجاها
ويقود ناهضها مجامع صلبها
قَوْداً وَتَبْتَدِرُ النِّجَاءَ يَدَاهَا
وَتَسُوْقُ رِجْلاَهَا توالى خَلْفِهَا
طَرْداً وَتَلْتَطِسُ الحَصَى بِعُجَاهَا
فَغَدَتْ وَأَصْبَحَ فِي المُعَرَّسِ ثَاوِياً
كَالْخِرْقِ مُلْتَفِعاً عَلَيْهِ سَلاَهَا
وبها مناخ قلما نزلت به
وَمُصَمَّعَاتٌ مِنْ بَنَاتِ مِعَاهَا
سود توائم من بقية حسوها
قذفت بهن الأرض غب سراها
وكأن مضطجع امرىء أغنى به
لِقَرَارِ عَيْنٍ بَعْدَ طُوْلِ كَرَاهَا
حتى إذا انقشعت ضبابة نومه
عَنْهُ وَكَانَتْ حَاجَةً فَقَضَاهَا
أهوى فعصب رأسه بعمامة
دَسْمَاءَ لَمْ يَكُ حِيْنَ نَامَ طَوَاهَا
ثُمَّ اتْلأَبَّ إلَى زِمَامِ مُنَاخَةٍ
كَبْدَاءَ شَدَّ بِنِسْعَتَيْهِ مَشَاهَا
حَتَّى إذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ حَالِقٌ
ورأت بقية فشجاها
وغدت تنازعه الجديل كأنها
بَيْدَانَةٌ أَكَلَ السِّبَاعُ طَلاَهَا
قَلِقَتْ وَعَارَضَهَا حِصَانٌ حَائِصٌ
صَحِلُ الصَّهيْلِ وَأَدْبَرَتْ فَتَلاهَا
يتعاوران من الغبار ملاءة
بَيْضَاءَ مُخْمَلَةً هُمَا نَسَجَاهَا
تطوى إذا علوا مكانا جاسيا
وَإذَا السَّنَابِكُ أَسْهَلَتْ نَشَرَاهَا
فَأَلَحَّ وَاعْتَزَمَتْ عَلَيْهِ بِشَأوِهَا
شرفين ثمت ردها فثناها
بسرارة حفش الربيع غثاءها
حَوَّاءُ يَزْدَرِعُ الغَمِيْرَ ثَرَاهَا
فَتَصَيَّفَاهَا يَصْحَبَانِ كِلاَهُمَا
لِثَرَا الجَحَافِلِ مَنْ وَكَيْفَ؟ يَدَاهَا
حَتَّى اصْطَلَى وَهَجَ المَقِيْظِ وَخَانَهُ
أبقى مشاربه وشاب عثاها
وَنَوَى القِيَامَ عَلَى الصُّوَى فَتَذَكَّرَا
مَاءَ المَنَاظِرِ قُلْبَهَا فَأَضَاهَا
فأرن تارتها إذا عرضت له
بَيْدَاءُ ذَاتُ مَخَارِمٍ عَسَفَاهَا
حَتَّى تَأَوَّبَ مَاءَ عَيْنٍ زَغْرَبٍ
يَبْغِي الضَّفَادِعَ فِي نَقِيْعِ صَرَاهَا