ما يصنع السير بالجرد السراحيب

ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ

​ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ​ المؤلف الشريف الرضي


ما يَصْنَعُ السّيرُ بالجُرْدِ السّرَاحِيبِ
إنْ كانَ وَعدُ الأماني غيرَ مَكذوبِ
لله أمر من الأيام اطلبه
هيهات أطلب أمراً غير مطلوب
لا تَصْحَبِ الدّهرَ إلاّ غيرَ مُنتَظِرٍ
فالهم يطرده قرع الظنابيب
وَاقذِفْ بنَفسِكَ في شَعوَاءَ خابِطَةٍ
كالسيل يعصف بالصوان واللوب
إن حنت النيب شوقاً وهي واقفة
فان عزمي مشتاق إلى النيب
أوْ صَارَتِ البِيضُ في الأغمادِ آجِنَةً
فإنما الضرب ماء غير مشروب
مَتَى أرَاني وَدِرْعي غَيرُ مُحقَبَةٍ
أجر رمحي وسيفي غير مقروب
أيد تجانب دنيا لا بقاء لها
خِبَاؤهَا بَينَ تَقْوِيضٍ وَتَطنِيبِ
قد كنت غراً وكان الدهر يسمح لي
إن الرقيب على دنياي تجريبي
وعدت يا دهر شيئاً بت أرقبه
وما أرى منك إلا وعد عرقوب
وَحَاجَةٍ أتَقَاضَاهَا وَتَمْطُلُني
كَأنّهَا حَاجَةٌ في نَفْسِ يَعقُوبِ
لأُتْعِبَنّ عَلى البَيْداءِ رَاحِلَةً
والليل بالريح خفاق الجلابيب
ما كنتُ أرْغَبُ عن هوْجاءَ تَقذِفُ بي
هام المرورى وأعناق الشناخيب
في فِتيةٍ هَجرُوا الأوْطانَ وَاصْطَنَعوا
إيدِي المَطَايَا بإدْلاجٍ وَتَأوِيبِ
مِنْ كلّ أشعَثَ مُلتاثِ اللّثَامِ، لَهُ
لَحْظٌ تَكَرّرُهُ أجفَانُ مَدْؤوبِ
يُوَسِّدُ الرّحْلَ خَدّاً مَا تَوَسّدَهُ
قَبلَ المَطالبِ غيرُ الحُسنِ وَالطّيبِ
إلَيكَ طارَتْ بِنا نُجْبٌ مُدَفَّعَةٌ
تحت السياط رميضات العراقيب
وردن منك سحاباً غير منتقل
عَنِ البِلادِ، وَبَدْراً غَيرَ مَحجوبِ
مَا زِلْتَ تَرْغَبُ في مَجْدٍ تُشَيّدُهُ
عَفْواً وَغَيرُكَ في كَدٍّ وَتَعذِيبِ
حتى بَلَغْتَ مِنَ العَلْيَاءِ مَنْزِلَةً
تفدي الأعاجم فيها بالأعاريب
إني رأيتك ممن لا يخادعه
حَثُّ الزّجَاجَةِ بالغِيدِ الرّعَابيبِ
ولا تحل يد الإقداح حبونه
اذا احتبى بين مطعون ومضروب
يُهَابُ سَيفُكَ مَصْقولاً وَمُختَضِباً
وأهيب الشعر شيب غير مخضوب
يأوي حسامك إن صاح الضراب به
الى لواءٍ من العلياء منصوب
وَيَرْتَمي بكَ، وَالأرْمَاحُ وَالِغَةٌ
طماح كل اسيل الخد يعبوب
بلم يسل همك من مال تفرقه
إلاّ تَعَشّقَ أطْرَافَ الأنَابِيبِ
إذا مَنَحْتَ العَوَالي كَفَّ مُسْتَلِبٍ
أقطَعتَ بَذْلَ العَطايا كَفَّ مَسلوبِ
لا يَرْكَبُ النّدبُ إلاّ كلَّ مُعضِلَةٍ
كَأنّ ظَهْرَ الهُوَيْنَا غَيرُ مَرْكوبِ
ولا يرى الغدر اهلاً ان يلم به
وانما الغدر مأخوذ عن الذيب
مَا نَالَ مَدْحي أبُو نَصْرٍ بِنَائِلَةٍ
ولا بسلطان ترغيب وترهيب
إلاّ بِشيمَةِ بَسّامٍ وَتَكْرِمَةٍ
غَرّاءَ تَعدِلُ عندي كلَّ مَوْهُوبِ
انت المعين على امر تصاوله
وَحَاجَةٍ شَافَهَتْنَا بِالأعَاجيبِ
وَمِثلُ سَمعِكَ يَدعُوهُ إلى كَرَمٍ
قَوْلٌ تُشَيّعُهُ أنْفَاسُ مَكْرُوبِ
سَبَى فنَاؤكَ آمَالاً لطِينَتِها
سَبْيَ الأزِمّةِ أعنَاقَ المَصَاعيبِ
يا خيرمن قال بلغ خير مستمع
عَنّي وَحَسبُكَ مِنْ وَصْفٍ وَتَلقيبِ
لَوْلاكَ يا مَلِكَ الأمْلاكِ سَالَ بِنَا
مِنَ النّوَائِبِ عَرّاصُ الشّآبِيبِ
زجرت عنا الليالي وهي رابضة
تَقْرُو بِأنْيَابِهَا عَقْرَ المَخاليبِ
ارعيتنا الكلأ الممطور ننشطه
نشط الخمائل بعد المربع الموبي
فكُنتَ كالغَيثِ مَسّ المَحلَ رَيّقُهُ
فَهَذّبَ الأرْضَ منهُ أيَّ تَهذِيبِ
هذا أتَى قائِلاً، وَالصّدْقُ يَنصُرُهُ
اقال عنقي وكان السيف يغري بي
صَدَقتَ ظَنَّ العُلَى فيه، وَحاسِدُهُ
يعطي الحقائق اطراف الاكاذيب
تركته زاهداً في العيش منقطعاً
عن القراين منا والاصاحيب
وكان بالحرب يلقى من ينافره
فَصَارَ يَلقَى الأعَادي بِالمَحارِيبِ
ماقلت ما كان صرف الدهر ادبه
بَلى قَديماً، وَهذا فَضْلُ تأدِيبِ
الحمد لله لا أشكو الى أحد
قَلّ الوَفَاءُ منَ الشبّانِ والشّيبِ
هَيَّأتَ مَجدَكَ يَستَوْفي الزّمَانَ بهِ
عَزْماً حُسَاماً، وَرأياً غيرَ مَغلوبِ
ولا صبرت على ذل ومنقصة
وَلا حَذِرْتَ عَلى عَذْلٍ وَتَأنِيبِ
خَطَبتَ شِعرِي إلى قَلْبٍ يَضِنّ بهِ
الا عليك فباشر خير مخطوب
شببت بالعز اذ كان المديح له
فما اصول بمدحي دون تشبيب
لا علقَ الموت نفساً انت صاحبها
ان الحمام محب غير محبوب