متى يشتفي كبد مؤلم

متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ

​متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ​ المؤلف عبد الغفار الأخرس


متى يَشْتَفي كبدٌ مُؤلَمُ
ويَقْضي لباناتِه مُغرَمُ؟
ويحظى بمطلبهِ آملٌ
بأَحشائه لوعةٌ تُضْرَم
لقد قوَّضَ الركب يوم الخليط
فأنجدَ في قلبي المتْهِمُ
وروَّعني ضيفُ طيفٍ سرى
يُراعُ به كبدٌ مؤلم
خليليَّ هلْ وقفة في الديار
يسِحّ بها المدمَع المُسَجم؟
فإنّا وقفنا عليها ضحىً
وكلٌّ من الركب مستغرم
وأفشى بسرّي دمع العيون
وسر الصبابة لا يكتم
فأَتْرُكُ خوف الوشاة البكا
وقد يترك المرءُ ما يلزم
إذا ما نسينا عهودَ الغوير
تذكّرنا عهدها الأرسمُ
فيا حبذا يومُنا بالعقيق
مضى وکنقضى يومُها الألْوَم
بحيث تلوح شموس الطلا
ولون الدجى فاحمٌ أسحم
إلى أنْ تبّدى كَميتُ الصباح
وأدبرَ من ليلنا الأدهمُ
تصرَّمَ عهدُ النّقا بالنوى
فما للتصبُّر لا يصرم
أتنكر قتلي، غزالَ الصَّريم
ويشهدُ لي خدُّك العندم؟
ففيمَ أرقتَ دمي عامداً
وحلَّلت في الحبّ ما يحرم؟
حكمتَ عليّ بأمر الغرام
وإنّي لحكمك مستسلم
وقلتُ لمن لامني في هواك
جَهِلتَ ثكلتك ما أعلم
وأرّقَني في الدجى بارقٌ
كما استلَّ من غمده مخذم
وشوّقَني لظِباءِ الحمى
فأَسْقَمَني والهوى يُسْقِم
عجبتُ وكيف وهنَّ الظباء
يُصاد بأجفانها الضّيغمُ
ويسلمُ من مرهفات السيوف
ومن لحظهنّ فلا يَسْلَم
ومن مثلهنَّ أخاف الصّدام
ويصدم مثلي ولا يصدم
هَوَيتكمُ يا أُهيل الحَطيم
وهذا الهوى كلُّه منكم
قضيتم على صبّكم بالعباد
وإنَّ قضاءَ النوى مبرم
فلم يصفُ لي بعدكم مشربٌ
ولا لذَّ لي بعدكم مطعم
وأصبرُ في مُعضَلات الخطوب
وصبر الفتى للفتى أسلم
وعرضي نقيٌّ وأنفي حميٌّ
وبأسي كعزميَ لا يُثلم
ولولا مكارم مفتي العراق
وما غيره المكرمُ المنعم
لما کعتذر الدهرُ من ذنبه
ولا استغفر الزمنُ المجرم
مناقبُ محمود محمودةٌ
وفوق جباه العلى تُرقَم
رقيق الحواشي كريم الطباع
فهذا هو الأكرم الأشيم
يُنبّيء عن خَلقِه خُلقُه
ويؤذنُ في سيبه المبسمُ
فمنْ أمَّل الفضل من كفّه
وُجودَ أياديه لا يحرم
لأيديهِ في كلّ عنقٍ يدٌ
ومنها أفضيت لنا أنعم
ببأسك أقسِم لا حانثاً
وفي غير بأسك لا أقسم
لأنتَ الفريدُ بهذا الزمان
ومنهجُك المنهجُ الأقوم
وأنتَ الفخارُ ومنك الفخارُ
بمثلك فلْيَفْتَخر آدم
بنيتَ بنفسك بيتَ العلى
إلى أبد الدهر لا يُهدمُ
فَهِمْتَ الرموز من المشكلات
وغيرُك من ذا الذي يفهم
كشفتَ غوامض إشكالها
وفي كشْفكَ اتّضح المبهَمُ
وإنَّ لك الحُجَجَ البالغاتِ
يقرُّ بها المؤمنُ المسلم
جوابُك يا سيّدي مُسكِتٌ
ونُصْحُكَ يا سيّدي مُفحِمُ
يمرُّ بسَخْطك حلوُ المذاق
ويحلو بنائِلك العلقم
إذا ما كتبتَ فإنَّ اليراع
بأنملكَ السيفُ واللهذم
ونثرُك يُزري بعِقْد الجمان
قدرّ المعاني بها تنظم
قليلٌ بحقّك ما نِلتَه
وقَدرُك أكبر بل أعظم
نَشَرْتُ بحقّك طيَّ المديح
وفي مدحك الدين والدرهم
لأنّي بحضرتك المستجير
وإنّي بحبلك مستعصم
وفيك أَسُرُّ الوليَّ الحميمَ
وفيكَ أُنُوفَ العِدى أُرغم
أهنِّيكَ بالعيد يا عيدَنا
فأنتَ الهناءُ لنا والأعظم
بفَضْلِك رَغماً يُقِرُّ الحسُود
وينطقُ في مدحكَ الأبكم
أَجِزني رضاك فثَمَّ الغنى
لأنَّ رضاك هو المغنم