مجلة البيان للبرقوقي/العدد 22/تاريخ سعد زغلول باشا

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 22/تاريخ سعد زغلول باشا

ملاحظات: بتاريخ: 1 - 11 - 1914



إن كتابة تراجم النوابغ والعظماء لا نصادف في الشرق تلك الغاية الكبرى التي تجدها في الغرب. فهي عند الغربيين ركن كبير من أركان الأدب لا مندرجة عنه، لا يكاد ينبغ فيهم نابغة حتى ترى المؤلفات تترى في تحليل نبوغه والبحث في أخلاقه وشخصيته وأعماله ونفسيته، والعوامل التي ساعدت على إظهار نبوغه وعظمته، وهم لا يمسكون عن كتابة ذلك، لأن النابغة لا يزال حياً بينهم، أنهم يعلمون أن من السهل لديهم أن ينسخ الكتاب الكتاب، ويهذب التاريخ التاريخ، وتنقح الترجمة الترجمة، فإذا خرج في ترجمة النابغة الواحد قبل مماته مائة كتاب، فما أهون عليهم أن يخرج بعد مماته مائة مثلها، وهذا الفرع من الأدب هو عامل من أكبر العوامل التي عملت على تقدم الغرب ونشاطه وقوته، أما نحن بني الشرق فلم نهتم إلى اليوم بأمر عظمائنا ونوابغنا تركناهم يعيشون بيننا دون أن يقوم قلم واحد فيخرج لنا صورة واحدة من حياتهم ولذلك ترانا قل ما نفهم العظمة أو نعيها، لأننا لم نشهد منها إلا مظهرها وألوانها.

نقول ذلك لنقود فننبه القراء إلى أننا كنا قد أخذنا في الأعداد الماضية نعقد أبحاثاً مستفيضة في تاريخ سعد زغلول باشا الرجل البرلماني الكبير، حتى بلغ ما كتبناه ثلاثين صفحة أو يزيد، وكنا نجرى في ترجمته مجرى الكتَّاب الغربيين المترجمين، نقف بكل نقطة من حياة الرجل فنعمد إلى تحليلها وتشريحها وبحث دقائقها وما يكون بنحو منها من الموضوعات الفلسفية والبيولوجية والأخلاقية وما إليها، وتحتوي الترجمة معلومات كثيرة ليست معروفة عند الجمهور.

وقد رأينا اليوم أن عالم الأدب في نظامنا الجديد تنقصه هذه الأبحاث الممتعة. في هذا الموضوع الجليل، فعزمنا أن نسترسل منذ العدد القادم في ترجمة هذا الرجل الكبير، فنلفت إليها الأنظار.