مجلة البيان للبرقوقي/العدد 31/آراء في المرأة ومكانها من المجتمع

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 31/آراء في المرأة ومكانها من المجتمع

ملاحظات: بتاريخ: 5 - 2 - 1917



(1) رأي فردريك نيتشه

تريد المرأة أن تتحرر وتنطلق من سلطة الرجل، ولهذا تحاول أن تفهمنا نفسها على حقيقتها، وهذا لعمري أكبر وسيلة لتشويه أوروبا ومسخها، إذ ماذا أنت مستنتج من هذه المحاولات المنكرة السقيمة الشوهاء التي تريد المرأة بها أن تظهر لنا تفلسفها وتكشف لنا عن نفسها. إن المرأة يجب أن تخجل وتستشعر الخزي والفضيحة، لأن أكبر صفاتها الادعاء، والتظرف، والسطحية، والرياء، والخلاعة، والطيش الخفي، وهذه الصفات لم تستطع أن تكتمها أو تقهرها وتغالبها الأمن - خوفها من الرجل ولكن صيحاتها ولا ريب تبعث الآن على الخشية والخوف، إنها تريد أن تكون عالمة، ولكن العلم كان ولا يزال من شؤون الرجال وموهبة من مواهبه، ونحن يجب أن نشك في هذه الرغبة التي تنزع إليها المرأة، وهي أنها تريد التنوير والتهذيب والعلم، لأن المرأة إذا كانت تريد حلية جديدة لها، والحلي هي أبداً مطلب النساء - فلماذا إذن تريد أن تجعل نفسها مخوفة مرهوبة. ألعلها تريد أن تظفر بالسيادة. ولكنها لا تريد الحقيقة، بل إن الحقيقة هي أعدى أعداء المرأة وأشد الأمور إرعاباً لها - إذ كان أكبر فنونها الكذب. وأشد مزاياها التظاهر والجمال. ونحن الرجال يجب أن نعترف ونقر بأننا نحب هذا الفن منها، نعم ونعجب بهذه الغريزة فيها، نحن الذين علينا الكد والعمل والواجب الأشق نتطلب الرياضة والنزهة في رفقة مخلوقات، إزاء نظراتها وحماقاتها وخلاعاتها تبدوا رزانتنا ووقارنا وجدنا كأنها إحدى الحماقات، وأنا أسألكم أخيراً، هل رأيتم يوماً امرأة شهدت لامرأة أخرى بقوة الذهن ونيل الروح، أليس الواقع أن المرأة كانت ولا تزال تحتقر وتزدرى من المرأة نفسها، وليس منا نحن الرجال.

لقد كانت المرأة - ولا تزال - تعامل من الرجال كالأطيار، التي فقدت طريقها فهبطت إليهم من حالق، وكانوا يعدونها شيئاً ضعيفاً سهل الانكسار، غريباً، حلواً مخيفاً، منعشاً، ولكنه يجب مع ذلك أن يقص جناحاه، حتى لا يستطع الفرار.

إن من أكبر دلائل السخف وبساطة الذهن أن تجهل المكانة الطبيعية للرجل والمرأة وتتنامى العداء الشديد الطبيعي بينهما، وتتمنى أن تجد التساوي في الحقوق، والتساوي في التعليم، والمركز، والعمل، إن المفكر الذي يرى ذلك يعد سطحياً تافه الذهن، يجب أن يعد متهماً مشبوهاً بل مخدوعاً مدخولاً في عقله، وأما الرجل العميق الروح. العميق الرغبات المحب للخير - وإن امتزاج هذا الخير بالقوة والشدة والجفاء - فينظر إلى المرأة نظر الشرقيين، يجب أن يعدها ملكاً من أملاكه، ومتاعاً محبوساً من أمتعته، ومخلوقاً قضت عليه الطبيعة بالخدمة وأداء واجبه الذي أعد له، يجب أن يقتدي في ذلك بحكمة آسيا العظيمة، وسمو غريزة آسيا، كما فعل اليونان القدماء - وهم أبدع ورثة آسيا وتلامذتها - إذ كانوا من زمن هوميروس إلى بركليز يشتدون في معاملة المرأة، ويظلون أبداً شرقيين إزاءها، فعلينا نحن أن نفهم ضرورة ذلك وحكمته وسداده.

إن هذا الجنس الضعيف لم يعامل في العصور الماضية بمثل هذا الاحترام الذي يعامل به اليوم. وهذا بفضل مزاج الديمقراطية الحديثة. فلا غرو إذا كان هذا الجنس يريد أن يسيء استعمال هذا الاحترام. لأن النساء يطلبن أكثر منه. وقد تعلمن أن يسألن حقوقاً أخرى ومطالب. حتى لقد كادت ضريبة هذا الاحترام تصبح مخيفة مفزعة، وجملة القول أن المرأة قد فقدت الحياء. ويجب أن نقول أيضاً أنها فقدت الذوق. إنها ابتدأت تتعلم أن لا تخاف الرجل. والمرأة التي لا تخاف الرجل. والمرأة التي لا تخاف تضحى أكبر غرائزها النسائية، وعلى هذا ينبغي أن نفهم أن المرأة قد بدأت تتلف الآن وتفسد.

إن تحرير المرأة الذي تطلبه النساء أنفسهن. ويصيح به معهن الفارغو الرؤوس من الرجال، ليس يراد به إلا إضعاف الغرائز النسائية وقتلها، إنها حركة طائشة بلهاء، حركة رجولية حمقاء، يجب أن تخجل منها المرأة الصالحة، لأن تركها الأسلحة التي أعدتها الطبيعية لانتصارها، واستباقها الرجل وتقدمها عليه وإزالة إيمانه بنسائيتها الأبدية فيها، واجتهادها في إغراء الرجل أن يجتنب عقيدته بأن المرأة يجب أن يحتفظ بها، ويحرص عليها ويرعى شأنها، ويتمتع بها كحيوان داجن، ضعيف ومفترس معاً، ليس ذلك كله إلا دليلاً على غرائز المرأة، ولا يقصد به إلا ترجيلها وتذكيرها!!