مجلة البيان للبرقوقي/العدد 34/باب النقد

مجلة البيان للبرقوقي/العدد 34/باب النقد

ملاحظات: بتاريخ: 20 - 3 - 1917



حوال الشيخ الدباغ

لعل قراءنا يذكرون أنا أتينا على شيءٍ من نوادر أشعب الماجب المشهور في العدد الخامس عدد 5 مارس وقلنا ثمت في سياق وصفه أنه كان دباغي المذهب وفسرنا هذه النسبة بأنه كان طفيلياً وعلقنا على هذه الكلمة دباغي بهذا - نسبة للدباغ المشهور في عصرنا هذا بنوادره الطفولية ولكن أين نجوم الغبراء من نجوم الزرقاء. هذا ما جاء بالحرف في ذلك الموضع ولكن لم يكد يظهر هذا العدد ويذيع بين قرائنا حتى جاء إلينا هذا الخطاب ـ.

. . . صاحب البيان

تحية طيبة. وبعد فقد قرأت في باب النوادر والفكاهات من مجلتكم الكريمة عدد 5 مارس عند شيءٍ من نوادر أشعب تعريضاً بالشيخ الدباغ إذ قرفتموه اتهمتموه بالتطفل وقلتم فيما قلتم ولكن أين نجوم الغبراء من نجوم الزرقاء فحدا بي حب الإستطلاع إلى أن أستعلم هل قصدتم بذلك إلى اللف والنشر فعنيتم أشعب بنجوم الغبراء والشيخ الدباغ بنجوم الزرقاء فإذا كان ذلك هو ما تقصدون إليه فقد نصرتم الحقيقة فإن الناس ليعلمون من أشعب من سوء المع وقبح التطفل ما لا يمحو ذكراه ويشفع له أدبه ومجونه أما دباغنا الظريف فما علمنا عليه من سوء وما أطلعنا منه على شيءٍ من خلائق الطمع والتطفل وإنما هو تظنن واقتيات من بعض الوريقات السوقية تلقفها بعض الهازلين من أولئك الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين بذوهم وأبروا عليه بأدبهم وكياستهم - وإني لأشهد بين الله والناس - وأنا أحد عارفيه - إني لم أرى طوال حياتي - وقد أربيت على الخمسين وقتلت البحث في أخلاقنا علماً - أعف ولا أمراً أكرم نفساً من هذا الشيخ الذي لا عيب فيه سوى أنه لا يجيب دعوة الداعين كبراً مآبه كبر ولكنه الشمم وإباء النفس. وكفى بهذا الخلق مدحضةً لما يزعمون والسلام عليكم ورحمة الله.

المخلص محمود صادق

ونحن فنقول أنا قبل كل شيءٍ لم نقصد التحرش بصديقنا الأديب الشيخ إبراهيم الدباغ ولا أن نصفي إناءه وننتقضه لأنا نعرف منه ماجناً ظريفاً حلو الفكاهة والمحضر فضلاً أنه أديب لا يتخلف عن كثير من أدبائنا المعروفين أما قولنا أنه مشهور بنوادره الطفولية فإ كلمة مشهور ليس معناها كذلك على الحقيقة ولكن هذا مما شاع عنه وإن كان غير مطابق للواقع وقصدنا بذلك تقريب أشعب إلى أذهان القراء بضرب الشيخ الدباغ مثلاً له وحسب دباغنا فخراً أن يلز مع أشعب في قرن فإن أشغب بن جبير فضلاً أنه ماجن في طليعة مجان العرب كان إماماً من أئمة الحديث وكان في الغناء في طبقة معبد والغريض وكان فقيهاً وكان أديباً ومن هنا قلنا ولكن أين نجوم الغبراء من نجوم الزرقاء لأن الشيخ الدباغ مهما علت منزلته في الفضل والأدب فلن تبلغ منزلة أشعب وهو من علمت وبعد فهذا هذا وقبل أن نختم هذه الكلمة يجمل بنا أن نقدم صاحب هذا الكتاب إلى حضرت قرائنا حتى يعرفوا مقدار نبله ولطف إحساسه وغيرته على الأدب والأدباء فصاحب هذا الكتاب هو محمود صادق بك بن المرحوم محمد صادق باشا ومن ثم ترى أنه رجل جمع بين الغني الكبير والمجد التليد وأمثال محمود صادق بك في بلدنا هذا أبعد الناس عن الأدب والأدباء كأنهم وإياهم أبناء علة فإذا رأينا اليوم محمود صادق بك يعني بالنصح عن أديب كان ذلك دليلاً محساً على نبل إليك وإحساسه المتفضل وعطفه على الأدباء وتوفره على القراءة والإطلاع وجملة القول على أنه غني منقطع النظير ولهذا اغتبطنا بدفعه هذا كل الإغتباط وكدنا اخرج من أديمنا فرحاً بهذا الرجل الكبير الروح فنشكر له هذا الصنيع الجميل ونعتذر إلى أديبنا الدباغ عن طغيان القلم.