مجلة الرسالة/العدد 1002/لا قريش بعد اليوم. .!
مجلة الرسالة/العدد 1002/لا قريش بعد اليوم. .!
(فصل من كتاب (جهاد النبي) الجزء الثاني - الذي صدر
حديثا)
للأستاذ محمد محمود زيتون
(جيش الإسلام في الطريق إلى مكة. . أبو سفيان والعباس يسبقان الجيش ويتحدثان)
أبو سفيان: ما شاء الله يا أبا الفضل. لقد ذقت والله حلاوة الإسلام في نفسي
العباس: ثبت الله قلبك على الحق يا أبا حنظل
أبو سفيان: والله ما كنت أظن أن رسول الله يزيد في قومه هكذا
العباس: فما بالك بجيشه الفاتح المنصور بإذن الله!
أبو سفيان: لئن جئت محمدا أخاف أن تهوى أسياف من معه على رقاب قريش، فأصبحت وأنا أشد شوقا إلى أن أراهم يرتعون في الإسلام، وإلا فالسيف بيننا وبينهم
العباس: بل ستكون المعجزة الكبرى يوم الفتح
أبو سفيان: بشرك الله بالفضل يا أبا الفضل
(العباس وأبو سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل. . . القبائل تدخ على قادتها. . . والكتائب على رايتها)
أبو سفيان: (لحكيم) أغدراً؟
حكيم: لا
أبو سفيان: إن أهل النبوة لا يغدرون
حكيم: ولكن لي إليك حاجة حتى تنظر جنود الله، وما أعد الله للمشركين
كل قبيلة تمر. . . تكبر ثلاثا. . . وتمضي في قوة وشجاعة)
أبو سفيان: من هذه؟
العباس: سليم
أبو سفيان: مالي ولسليم. . ومن هذه؟
العباس: مزينة أبو سفيان: مالي ولمزينة. . وقد جاءتني تقعقع من وشواهقها، ومن تلك؟
العباس: تلك أسلم
أبو سفيان: مالي ولأسلم. . فمن؟
العباس: فجهينة
أبو سفيان: مالي ولجهينة والله ما كان بيني وبينهم حرب قط، فبنو من؟
العباس: فبنو غفار. . وهؤلاء طوائف أخرى من تميم وقيس وأسد
أبو سفيان: ما مر محمد بعد؟
العباس: لا
أبو سفيان: من هؤلاء الذين يكبرون؟
العباس: بنو بكر
أبو سفيان: نعم. . أهل شؤم، والله هؤلاء الذين غزانا بسببهم محمد. . فمن هؤلاء بعدهم؟
العباس: أشجع
أبو سفيان: هؤلاء كانوا أشد العرب على محمد
العباس: أدخل الله الإسلام في قلوبهم. . فهذا فضل الله
أبو سفيان: أبعد ما مضى محمد؟
العباس: لو أتت الكتيبة التي محمد فيها لرأيت الخيل والحديد والرجال، وما ليس لأحد به طاقة
(تمر كتيبة الأنصار. . ابن عبادة على الراية)
ابن عبادة: يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة
أبو سفيان: يا عباس حبذا يوم الذمار
(أبن عوف وعثمان وعلي حول النبي)
عثمان: يا رسول الله ما نأمن أن تكون لسعد بن عبادة صولة في قريش، وقد قال ما قال
النبي: (لعلي) أدركه فخذ الراية منه ثم مره أن يسلمها لأبنه قيس بن سعد بن عبادة
عمر: (للجيش) رويدا يلحق أولكم آخركم
(أبو سفيان لا يزال يتعجب مما يرى) أبو سفيان: هلا ذكرت لي من على رأس هذا الجيش الكثيف يا أبا الفضل؟
العباس: أما رأيت خالد بن الوليد في بني سليم على الجناح الأيمن وهذا الزبير بن العوام على الجناح الأيسر، أحدهما آخذ من أعلى مكة والآخر من أسفها
أبو سفيان: ومن على المقدمة؟
العباس: أبو عبيدة بن الجراح
أبو سفيان: ولمن هذه الكتيبة الخضراء؟
العباس: إنها والله كتيبة رسول الله
أبو سفيان: هذه والله معها الموت الأحمر
العباس: أما تراهم في الحديد!
أبو سفيان: والله ما أرى منهم غير الإحداق من وراء الحديد، ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. . ومن هذا الغلام رديف رسول الله؟
العباس: هذا خادمه وابن خادمه أسامة بن زيد
أبو سفيان: أفي مثل هذا الموكب!!
العباس: تواضعاً لله. . ومن تواضع لله رفعه. . وفتح عليه
(يمر النبي على القصواء في تواضع. . . يحاذي أبا سفيان)
أبو سفيان: أمرت بقتل قومك.
النبي: لا
أبو سفيان: أنشدك الله والرحم في قومك، فإنك أبر الناس وأرحمهم وأوصلهم، فما بال سعد؟
النبي: كذب سعد. . يا أبا سفيان: اليوم يوم الرحمة. . يوم يعظم الله فيه الكعبة، ويوم تكسى فيه الكعبة.
(يمر النبي في كتيبته بين أبي بكر وأسيد بن حضير يتحدث إليهما. . ويظل أبو سفيان والعباس يتحدثان)
أبو سفيان: فمن هذا الوازع الذي يرعد في الكتيبة يا عباس؟
العباس: ذاك عمر بن الخطاب
أبو سفيان: لقط أمر أمر عدى في الكتيبة يا عباس؟ العباس: إن الله يرفع ما يشاء بما يشاء. وإن عمر ممن رفعه الإسلام
(فترة صمت. . أبو سفيان في شبه ذهول)
العباس: فما ترى؟
أبو سفيان: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغاداة عظيما
العباس: يا أبا سفيان إنها النبوة
أبو سفيان: إي والله إنها النبوة
العباس: إذن فالنجاء إلى قومك
أبو سفيان: فامض بنا. . ومن أين يدخل النبي مكة؟
العباس: من (كداء)
أبو سفيان: ناشدتك الله والرحم يا عباس إلا حدثتني. . . ما حملك على هذا الموقف؟
العباس: أما والله لأصدقنك. . قدمت على النبي، والناس متفرقون بين الأراك، فخفت أن ترغب في قلة الإسلام فتكفر بعد إسلامك فلا يقبل منك شيء غير القتل، فأصدقني أنت يا أبا سفيان أين وقع حديثي مما كان في نفسك؟
أبو سفيان: اللهم كان في نفسي أن أفعل بعض الذي قلت، فأما إذ رأيت الذي رأيت فقد علمت الآن أن هذا الأمر من الله لا مرد له، والله مازالت الكتائب تمر حتى خفت أن تسير معها جبال مكة. . سر بنا يا عباس فلم أر كاليوم قط صباح يوم في دارهم.
(نساء قريش يلطمن وجوه الخيل بالخمر)
(أبو قحافة وقد كف بصره ومعه ابنته من اصغر ولده)
أبو قحافة: أي بنية أظهري بي على (أبي قيس)
(تذهب به إلى الجبل)
أبو قحافة: ماذا ترين؟
- أرى سوادا مجتمعا
أبو قحافة: تلك الخيل
- وأرى رجلا يسعى بين يدي ذلك مقبلا مدبرا
أبو قحافة: ذلك الوازع - قد والله انتشر السواد
أبو قحافة: قد والله إذن دفعت الخيل فأسرع بي إلى بيتي
(تمر بهما بعض الكتائب فيختطف رجل منها طوقا من الفضة حول عنقها)
- طوقي. .! طوقي. .!
النبي: (مبتسما) يا أبا بكر كيف حال حسان؟
أبو بكر: قال حسان
عدمت بنيتي إن لم تروها ... نثير النقع موعدها (كداء)
ينازعن الأعنة مسرجات ... على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات ... يلطمهن بالخمر النساء
(أبو سفيان والعباس يخلان مكة)
أبو سفيان: يا معشر قريش. هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به
- ويحك يا أبا سفيان!
- صباء الشيخ
(عكرمة ومقيس يقبلان عليه)
عكرمة: أقسم باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى وهبل وأساف ونائلة. . لقد سحرك محمد
مقيس: أو لهذا أرسلنك يا أبا حنظلة؟!
أبو سفيان: أقبلا على أمركما، فإنه قد أتاكما مالا تطيقان، أنمت ولا قومكما
عكرمة: على رسلك يا أحمس. . وما أتانا؟
أبو سفيان: أتاكم الله مثل الليل الدامس
مقيس: والله لقد طاح أبو سفيان بما بقي لدينا من عقل
أبو سفيان: وأخرى؟!
مقيس: وما تلك؟
أبو سفيان: من دخل داري فهو آمن
مقيس: قاتلك الله، وما تغني عنا دارك؟ أبو سفيان: ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن
(هند تأخذ بشارب أبي سفيان)
هند: أقتلوا الشيخ الأحمق. . . اقتلوه فإنه صبأ. . . اقتلوا الحميت الدسم الأحمس. اقتلوه. . قبحه الله من طليعة قوم. . . يا آل غالب هلا قاتلتم ودفعتم عن أنفسكم وبلادكم.
أبو سفيان: ويحك! اسكتي وادخلي بيتك. . والله لتسلمن أو لأضربن عنقك. . ويلكم. . تغركم هذه الحمقاء عن أنفسكم فإنه قد جاءكم مالا قبل لكم به. فتفرقوا إلى دوركم وغلى المسجد
(الناس يعدون إلى بيوتهم. . مقيس وعكرمة وسارة حيارى لا يدرون أين يتوجهون)
أبو سفيان: ومن جنح إلى الكعبة وألقى السلاح فهو آمن
(مقيس وعكرمة. . . يخلعان الحديد ويركضان نحو الكعبة)
أبو سفيان: اللهم إلا مقيس وعكرمة بن أبي السرح وابن حنظل وسارة مولاة عبد المطلب. . لم يجعل لهؤلاء أمان ولو تعلقوا بالأستار
(سارة ومقيس وعكرمة ومن ليس لهم أمان. . تنهار أعصابهم فيخرون على الأرض. . ترتعد فرائصهم)
أبو سفيان: يا آل غالب اسلموا تسلموا
(حماس بن قيس بداره. . يتحدث إلى زوجته)
- ما تفعل يا حماس؟
حماس: كما ترين أبري نبلا
- فلم تبريه؟
حماس: بلغني أن محمدا يريد أن يفتح مكة ويغزوها
- والله ما أدري أنه يقوم لمحمد وأصحابه شيء
حماس: والله إني لأرجو أن أستخدمك خادما من بعض من نستأسره
- والله لكأني بك قد رجعت تطلب مخبأ أخبئك فيه لو رأيت خيل محمد
صفوان: يا حماس. . . يا حماس
- فمن هذا الذي يناديك؟ حماس: هذا صفوان بن أمية (يخرج ومعه سلاحه)
صفوان: وقد أعددته؟ فهام إلى عكرمة
حماس: أعنده من أحد؟
صفوان: عنده سهيل بن عمر، أما جمعت بني بكر؟
حماس: بل كنت في شغل بسلاحي أعده. . ألم تفعلوا أنتم؟
صفوان: بلى. . غدا نجتمع عند (الخندمة)
(الخندمة: القتال بين رهط خالد ورهط صفوان. . قتلي المشركين اثنا عشر. . حماس منهزم. . يدخل بيته)
حماس (لزوجته) أغلقي عليّ بابي. . لا تفتحي لأحد أبدا
- أين نبالك؟
حماس: قبحها الله من سلاح. . ويحك. . هل من مخبأ!
- فأين الخادمة التي وعدتني بها؟
حماس: دعيني عنك
إنك لو شهدت يوم الخندمه ... إذ فر صفوان وفر عكرمة
وأبو يزيد قائم كالمؤتمه ... واستقبلتهم بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة ... ضربا فلا يسمع إلا غمغمة
لهم نهيت خلفنا وهمهمة ... لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه
(أسفل مكة. . حول راية خالد. . . ومعه بنو بكر وبنو الحارث وبعض من هذيل)
- والله لا تدخلها عنوة
خالد: الله أكبر. . الله أكبر
(المسلمون يجتمعون حول الراية)
حكيم: يا معشر قريش، علام تقتلون أنفسكم؟
أبو سفيان: من دخل داره فهو آمن، ومن وضع سلاحه فهو آمن
(قريش يقتحمون الدور ويغلقون الأبواب وراءهم تاركين السلاح بعد أن طرحوه بالطرق فيأخذه المسلمون) (النبي ينظر إلى بارقة السيوف. وقد وقع القتال)
النبي: ما هذا، وقد نهيت عن القتال؟
- نظن أن خالدا قوتل، وبدئ بالقتال فلم يكن بد من أن يقاتلهم
النبي: فقم فقل له فليرفع يديه من القتل
- يا خالد. . إن نبي الله يقول لك أقتل من قدرت عليه
النبي: ألا آمرك أن تنذر خالدا؟
- أردت أمرا فأراد الله أمرا، فكان أمر الله فوق أمرك وما استطعت إلا الذي كان
النبي:!؟. .!؟. .!؟
- يا رسول الله هذا خراش بن أمية وقد قتل ابن الأثوع الهذلي
النبي: إن خراشا لقتال، يا معشر خزاعة ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع، لقد قتلتم قتيلا، لأدينه
(خالد يقوم على النبي بعد أن قتل سبعين مشركا)
النبي: قاتلت وقد نهيتك عن القتال؟
خالد: هم بدؤونا بالقتال وقد كففت يدي ما استطعت
النبي: قضاء الله خير. (ينظر إلى أبي هريرة) اهتف لي بالأنصار
أبو هريرة: يا معشر الأنصار أجيبوا رسول الله
النبي (للأنصار) ترون أن أوباش قريش وأتباعهم (يضع يدا على يد) أحصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا
(المسلمون يحصدون أوباش قريش التي وبشتها من قبل)
أبو سفيان: يا رسول الله، أبيحت خضراء قريش. لا قريش بعد اليوم
النبي: من أغلق بابه فهو آمن
محمد محمود زيتون