مجلة الرسالة/العدد 1007/من رجال الفكر في تركيا:

مجلة الرسالة/العدد 1007/من رجال الفكر في تركيا:

مجلة الرسالة - العدد 1007
من رجال الفكر في تركيا:
شلر
ملاحظات: بتاريخ: 20 - 10 - 1952



أحمد آغا أوغلو

للأستاذ عطاء الله ترزي باشي

(يتابع الأستاذ أحمد مصطفى الخطيب على صفحات الرسالة نشر ترجمة الكتاب الموسوم (في بلاد الأحرار) للكاتب التركي أحمد أغا أوغلو. وبهذه المناسبة رأينا أن نقدم للقراء كلمة عن حياة هذا المفكر وعن قيمته الثقافية معتمدين في ذلك على أهم المراجع التركية. ويمكن لمن يجيد هذه اللغة مراجعة تلك المصادر وقد أنبتناها في نهاية هذا المقال) ع. ت

توطئة:

يعد آغا أغلو من طليعة المفطرين الذين خدموا في حقلي الصحافة والتعليم في تركيا. وهو من النوابغ المعروفين. لمع نجمه في الأوساط الغربية حين قام يعرف العالم الشرقي على صفحات الصحف الأوربية للأوربيين. ويوضح الفكرة الإسلامية المقدسة. مبيناً لهم قيمة المرأة في المجتمع الإسلامي والحقوق التي وهبتها لها الشريعة، رادا عليهم سفاسفهم واعتقاداتهم الخاطئة في الإسلام.

وكان يجيد اللغتين الروسية والفرنسية إجادة تامة، فنشر بهما أبحاثا قيمة في الصحف الغربية دفاعا عن الشرق والشرقيين والدين، كان لها الأثر البعيد في نفوس الغربيين. ولا بدع في ذلك فإنه كان عليما بمسائل الشرق وملما بدقائق الشرع. وهو قانوني ضليع امتهن التدريس في كليات الحقوق زمنا غير قليل، وألف كتبا في القانون الدستوري نال بها الإعجاب والتقدير.

ولم تنحصر خدمات آغا أوغلو في هذه الساحة تل تعدتها إلى ساحات أخرى. فقد خدم الإسلام بدعوته إلى ترك المشاحنات المذهبية الدائرة بين السنة والشيعة، وسعى إلى إزالة العداوة والبغضاء بين المسلمين، الناشئة عن الطائفية في ذلك الحين. فدعا بالمسلمين إلى الاتحاد والوئام بدل التفرقة والانفصام. وقد جاءت معالجته لهذه المسائل - بسبب إتقانه اللغتين العربية والفارسية - مصيبة مفيدة. ولا غضاضة في ذلك فإنه عالم بالأوضاع الاجتماعية القائمة بين الأمم الإسلامية، ومطلع على العادات والتقاليد السائدة بين الطوائ والنحل.

ولا ينكر أن آغا أوغلو كاتب اجتماعي قدير يسحر الإنسان بأسلوبه القصصي الرائع، ومعروف بدقة اختياره المواضيع وصوغه إياها في قالب أبي بديع. فيستمتع القارئ بلذتها ويكاد يبدأ بقراءتها حتى يأتي إلى نهايتها دون أن يشعر بألم أو يحس بملل.

حياته:

ولد آغا أوغلو سنة 1869 م في مدينة (شوشة) الواقعة في سهل (قره باغ) من بلاد أذربيجان. وكان والده (ميرزا حسن) عالما فاضلا (خواجه). أكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة في مدارس بلدته؛ وأتم بعد ذلك تحصيله الإعدادي (الثانوي) في مدينة (تفليس) ومن ثم ذهب إلى (بطرسبرغ) وذلك بغية إكمال دراسته العالية. وقد نجح في امتحان القبول إلى المعهد الهندسي ولكنه أصيب برمد في عينيه فعاد إلى بلدته مضطراََ.

وفي سنة 1888 قصد إلى باريس والتحق بكلية الحقوق هناك فنال شهادتها (الليسانس) مع درجة وخلال وجوده في باريس تعرف بكثير من المفكرين واتصل برجال جمعية (الاتحاد والترقي العثماني) وبدأ ينشر مقالات عن الشرق في الصحف الفرنسية. وقد ظهر أول مقال له في صحيفة ولما يتجاوز من العمر عشرين عاماً.

وعاد إلى بلاده سنة 1894 م فعين مدرساً في مدارس (أذربيجان). وهناك سعى مع بعض زملائه وعلى رأسهم إسماعيل غاسبرنسكي وحسين زاده وعلي مردان في إحياء الحركة القومية وتنميتها. وتمكن من إصدار مجلتين تركيتين عالج فيهما كثيراً من المواضيع الاجتماعية الخطيرة. وكان يبغي من وراء ذلك إصلاحا عاما شاملا للأقوام التركية الساكنة في بلاد أذربيجان، والجماعات الإسلامية القاطنة في بقاع روسيا المختلفة. فاضطهدته الحكومة الروسية فجاء إثر الانقلاب العثماني في سنة 1908 إلى تركيا. فعينته الحكومة التركية مفتشاً في وزارة المعارف. ولكنه تخلى عن هذا المنصب بسبب انتمائه إلى حزب الاتحاد والترقي.

واتصل بعد ذلك بالمفكر التركيب الكبير (ضياء كوك آلب) وببعض الكتاب الآخرين واشتغل معهم في ساحة القومية، فأسسوا مجلة (تورك يوردي) لتكون لسان حالهم في معالجة المسائل الاجتماعية والوطنية.

وفي سنة 1910 عين أستاذاً في دار الفنون بالآستانة لتدريس مادتي (المدينة التركية) و (اللغة الروسية) وكان قد أخذ إلى عاتقه في نفس الوقت رئاسة تحرير صحيفة (ترجمان حقيقت).

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى رشح نفسه فأنتخب في سنة 1951 نائباً عن ولاية (آفيون). ونال في عين الوقت عضوية الهيئة المركزية لحزب الاتحاد والترقي.

واختير في سنة 1917 مشاوراً سياسيا في الجيش التركي المحارب في جبهات قفقاسيا. وعلى أثر انتهاء الحرب عاد إلى الآستانة فنفاه الإنكليز إلى جزيرة (مالطة). ولبث فيها ثلاث سنين تمكن خلالها من تأليف كتابه الموسوم (المدنيات الثلاث) وعندما أطلق سراحه عين مديراً عاما للمطبوعات.

وبعد قيام أتاتورك بانقلابه المعروف وتأسيسه حزب الشعب الجمهوري انتسب آغا وأغلو إلى هذا الحزب ورشح نفسه للنيابة فأنتخب مرتين نائباً عن ولاية (قارص) الواقعة بالقرب من الحدود الروسية. وكان يشغل خلال هذا الوقت كرسيا في كلية الحقوق بأنقرة ويقوم برئاسة تحرير جريدة (حاكميت مليث).

وعندما أتاح أتاتورك لجماعة من النواب فرصة تأسيس حزب معارض في تركيا، كان أغا أوغلو في طليعة الزعماء الذين أسسوا حزب المستقلين المعارضين. ولقد رأى أتاتورك، بسبب المطاحنات التي دارت في المجلس والتي أدت إلى حدوث انشقاق بين صفوف الشعب، رأى أن العقلية السياسية في تركيا لن تنضج بعد، وأن قيام حياة ديمقراطية سليمة في البلاد أم رعسير، فأصدره أوامره بحل هذا الحزب. وعلى أثر ذل انصرف أغا أوغلو عن الحياة السياسية ورغب في التدريس. فانتدبته كلية دار الفنون بالآستانة أستاذاً لتدريس مادة (تاريخ التشريع التركي). وظل يدرس هذه المادة حتى أحيل في سنة 1933 إلى التقاعد.

وفي هذه السنة أصدر جريدته المسماة (آقين). وقد مضى سنواته الأخيرة من حياته في النشر والتأليف. وتوفي في اليوم التاسع عشر من مايو سنة 1939.

آثاره:

وندرجها بأسمائها العربية وفقا لتاريخ نشرها: المذهب الجعفري ومصادره 1892، الإسلام وعلماء الشيعة 1900، المرأة في عالم الإسلام وفي نظر الشريعة 1901، المدنيات الثلاث1920، الهند وإنجلترا 1927، في بلاد الأحرار 1931، أتيكا (ترجمة عن كروبوتكين 1931، ماذا أنا 1939، التشكيلات الأساسية التركية (محاضرات)، تاريخ التشيع التركي (محاضرات) 1941، لا يخلو عن القلب، احتلال أم انقلاب 1942.

والمؤلفات الأربعة الأخيرة فقام بنشرها ولده النجيب معالي عبد الصمد آغا أوغلو الذي يحاول نشر بقية آثاره غير المطبوعة. ومنها: الأدب الروسي، مذكرات، الثقة بالدستور، الانقلاب التركي. . وغير ذلك.

المصادر:

(1) سرور اسكيت: دائرة المعارف الشهرية جـ3، ص 784 طبعة سنة 1946. (2) إبراهيم علاء الدين: مشاهير الترك ص 17، ط 1946 (3) دائرة المعارف التكية (أينونو) جـ1 ص 225، ط 1945.

كركوك - العراق

عطا الله ترزي باشي