مجلة الرسالة/العدد 106/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 106/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 15 - 07 - 1935



تبسيط اللغة الإنكليزية واهتمام الإنكليز بنشرها

يبدي الإنكليز في الوقت الحاضر اهتماماً بنشر اللغة الإنكليزية، ويحاولون بمختلف الوسائل أن يجعلوا منها لغة دولية عامة، كاللغة الفرنسية في الشؤون والمعاملات الدولية والتجارية؛ ويرجع هذا الاهتمام إلى ما بعد الحرب الكبرى إذ أتسع نطاق الإمبراطورية البريطانية أتساعاً عظيماً، وضمت إليها شعوب وأمم جديدة، وزاد نفوذ إنكلترا الدولي تبعاً لذلك، واتسع نطاق تجارتها اتساعاً عظيماً. والإنكليز أقل الأمم اهتماماً بدرس اللغات الأجنبية، وقد حاولوا أن يتلافوا هذا النقص بفرض لغتهم على الشعوب التي تنضوي تحت لوائهم، ولكنهم يرغبون اليوم في التقدم خطوة أخرى، وذلك بالعمل لجعل اللغة الإنكليزية لغة دولية اختيارية. وقد رأوا أن أنجع وسيلة لتحقيق هذه الغاية هو تبسيط اللغة الإنكليزية إلى أبعد حد، وانتهوا فعلاً إلى عمل هذه التجربة، فقام الأستاذ أجدن أحد أعضاء المعهد اللغوي بجامعة كامبردج باختيار الألفاظ الإنكليزية التي تعبر عن أكبر عدد من المعاني المطلوبة، وانتهى إلى حصرها في 850 كلمة تكون وحدها لغة إنكليزية جامعة وافية بالتعبير عن كل ما يرغب، ويكفي لدرسها وحفظها ثلاثون ساعة، وليس فيها أي تضارب ولا تعقيد، وليس فيها من الأفعال سوى 18 فعلاً، وقد سميت هذه اللغة (بالإنكليزية الأساسية). ويعلق الإنكليز على هذا التبسيط المدهش للغة تبلغ كلماتها عشرين ألفا آمالاً كبيرة، وتنوه الصحف العلمية بهذه المناسبة بأن أحب الكتاب الإنكليز إلى الشعب الإنكليزي هم أبسطهم لغة وبياناً مثل سويفت وبرناد شو، ومن ينحو نحوهما في التعبير الجزل البسيط الذي لا يتخلله حشو ولا ترادف ولا تعقيد

أزمة الديموقراطية

تشغل أزمة الديموقراطية أذهان الساسة والكتاب الأحرار، وقد صدرت في موضوعها في الآونة الأخيرة مؤلفات عديدة ولا سيما مذ تولت عصبة الهتلريين الحكم في ألمانيا وسحقت كل أنواع الحقوق والحريات العامة؛ ومنذ أسابيع قلائل ظهر كتاب جديد في الموضوع بقلم مسيو دي روفيرا الكتاب والسياسي الأسباني عنوانه (تجربة سياسية) ومن رأي هذا الكتاب أن الديموقراطية تجتاز أزمة الموت، بيد أنه من المستحيل أن يظفر المؤرخ أو السياسي المعاصر بجراثيم الداء التي تنخر أسس الديموقراطية؛ وأكبر الظن أن مؤرخ القرن الثاني والعشرين أو الثالث والعشرين سيكون أقدر منا على تفهم الصلات والحوادث التي تربط الثورة الفرنسية بالحركات الثورية الجديدة مثل الشيوعية والفاشستية، وأقدر منا على تفهم المراحل التي جازتها المبادئ الثورية السياسية حتى انتهت إلى نواحيها الاجتماعية؛ وقد يرون أن نحول العالم القديم إلى العالم الجديد قد أستهدف لسلسلة من النزعات والعوامل المضطربة. ثم يقول مسيو روفيرا: إننا نشعر الآن في جميع أوربا بضرورة الإرادة العاملة؛ ولنا أن نسميها (سلطة) أو (طغياناً) فان المهم هو أننا نريد أن نعمل. ويجب علينا إلا نحكم على آبائنا بالبله والعجز لأنهم لم يبتوا في المسائل بشيء. والواقع أنه يجب أن نعتبر خاتمة القرن التاسع عشر وفاتحة القرن العشرين مرحلة الهدم بالنسبة للعالم القديم، ومرحلة التجارب الهائلة؛ وليس ثمة ما يدهش إذ نرى ما نرى من ذلك الاضطراب الهائل الذي يسود شؤون العالم اليوم. وقد أثارت ملاحظات المسيو دي روفيرا كثيراً من الاهتمام والجدل لأنها تتعلق بمسألة تعتبر مسألة العصر، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً

رسائل جديدة لشارلس دكنز

صدر في لندن مجلد من رسائل جديدة لشاركس دكنز الكاتب الإنكليزي الفكه، محتوياً على جميع الرسائل التي كتبها دكنز لزوجته كاترين هوجارت من سنة 1835 إلى سنة 1867 وكانت مدام دكنز قد أوصت بهذه الرسائل لبناتها، وأودعتها ابنتها الثانية كات بيروجيني بالمتحف البريطاني وأوصت بأن تبقى في طي الكتمان بعيدة عن النشر والإذاعة حتى تموت هي، والسير هنري فلدنج دكنز آخر من بقي على قيد الحياة من نسل الكاتب الشهير. وقد عمل المتحف البريطاني بهذه الوصية ولم يسمح بإذاعة الرسائل حتى تحقيق شرط الانقراض. وليس في هذه الرسائل جديد مما لم يعرف عن حياة دكنز، ولكنها تلقي ضياء جديداً على ما كان بينه وبين زوجه من الخلاف وما كان بينهما من أسباب النفرة والاحتكاك مذ عرفها باسم كاترين هوجارت. والرسائل الجديدة على وجه العموم صورة حية من خواص دكنز ومواهبه الكتابية، وهي تسبغ على الحوادث والمسائل التي تتناولها حياة جديدة لم تتوفر في أية ترجمة من التراجم التي تناولت حياة الكاتب الكبير، وفيها يبدو دكنز في ذروة براعته المعروفة في التصوير الفكه المبكي معاً. وقد تلقى الجمهور الإنكليزي الرسائل الجديدة لهذا الكاتب المحبوب بلهفة واشتياق. واللذين قرأوا من أبناء العربية شيئاً من قصص دكنز ولا سيما قصته الخالدة (دافيد كوبرفيلد) أو (نادى بكويك) أو (نيكوك س نيكلباي) أو غيرها يذكرون كيف يستطيع هذا الكاتب المبدع أن يصور حياة البؤس والتشريد في صور بسيطة مبكية معاً، وكيف يستطيع أن يهز أوتاراً القلوب بعرضه المؤثر وبيانه الخلاب

وليم كوبيت

تحتفل الدوائر الأدبية الإنكليزية الأدبية بذكرى كاتب مازالت كتابته تطبع أذهان النشء الإنكليزي بطابع قوي: ذلك هو وليم كوبيت الذي توفي منذ مائة عام. وقد ولد كوبيت سنة 1762 في فرنهام من أعمال سوري، في أسرة ريفية فقيرة، وقضى حداثته في فلاحة الأرض، ثم تقلب في مهن صغيرة مختلفة، فاشتغل كاتباً وجندياً ولما ترك الجندية سافر إلى أمريكا وقضى بها ردحا من الزمن ثم عاد إلى إنكلترا؛ واشتغل ذلك بالصحافة آنا وبالزراعة آناً آخر، ولقي في حياته العملية صعاباً جمة نظراً لمناوأته رجال الحكم؛ واستقر في إنكلترا منذ سنة 1800 وأخذ يعالج الصحافة السياسية أولاً إلى جانب حزب الأحرار، ثم إلى جانب المحافظين؛ وكانت صرامته وعنفه وشدة حملاته تثير عليه السخط في الجانبين، ولكنه مع ذلك كان يبدي براعة ظاهرة في حملاته، وكان مرهوب القلم. وفي سنة 1817 سافر إلى أمريكا مرة أخرى ومكث بها عامين ثم عاد إلى إنكلترا؛ ورشح نفسه للانتخاب النيابي فسقط لأول مرة، ثم عاود الكرة بعد ذلك ونجح في الانتخاب كنائب عن أولد هام. بيد أنه لم يبد في مجلس العموم مقدرة خطابية. ولم يلبث أن توفي بعد ثلاثة أعوام، في يونيه سنة 1835

وقد كان كوبيت من أعظم النقدة في عصره، وكان كاتباً وصفياً لا يجارى، وكان يملك زمام البيان بقوة مدهشة؛ وكان أشد تأثيره في شباب عصره؛ وأشهر مؤلفاته (نزهات ريفية) و (نصيحة إلى الشبان والشابات) وهو من خير ما كتب وخير ما ظهر في عصره؛ ثم رسائله السياسية الأسبوعية وهي تملأ مجلدات كثيرة

الذكرى الثلاثون للإمام محمد عبده أقامت رابطة الشباب الأدبية في الساعة السادسة من مساء الخميس الماضي بالدار الجديدة لجمعية الشبان المسلمين احتفالاً رائعاً بذكرى مرور ثلاثين عاماً على وفاة المصلح الكبير الإمام محمد عبده، شهده صفوة من رجال العلم وجمهرة من شباب الأمة، وتكلم فيه الأستاذ عبد الوهاب النجار عن حياة الإمام، والأستاذ مصطفى عبد الرزاق عن الإمام في الأزهر، والدكتور محمد حسين هيكل عن الإمام في الصحافة، والأستاذ عبد الله عفيفي عن دفاع الإمام عن الإسلام، والأستاذ الهلباوي بك عن الإمام في القضاء؛ وكادت هذه الخطب الممتعة تؤلف للإمام ترجمة وافية لولا أن ضيق الوقت أعجل الأستاذين النجار والهلباوي عن لم الموضوع واستيفاء البحث