مجلة الرسالة/العدد 113/ظمأ على ظمأ

مجلة الرسالة/العدد 113/ظمأ على ظمأ



بقلم فريد عين شوكه

ظمأ على ظمأ وليس لمهجتي ... رِيٌّ سواك يَبُلُّ حَرَّ ظِمائي

يا مهد أحلامي ومُتعة خاطري ... ومناط آمالي وفيض رجائي

أنت الحياة ولا أزيدك بعدها ... وصفا، فذلك منتهى إيفائي

كم ذا تشعُّ بخاطري فأغيب عن ... صحبي ولا أصغي إلى خلصائي

وأظل أسبح في هواك وألتقي ... بك في الخيال وأنت عنيَ نائي

وأراٍجع العهد الحبيب المشتهَى ... فلعل في ذكراه بعض عزائي

والصحب من حولي عيون تجتلى ... حالي وتلحظني على استحياء

حتى إذا جمح الحنين ولج في ... خلدي وألهب بالأسى أحشائي

مدُّوا إليَّ عيونهم وتساءلوا ... عما يغُول بشاشتي وصفائي

فأحار ثم أجيب غيرَ موفَّق ... مع وفرة الأعذار في حوبائي

يا غائباً عن ناظريّ وليس في ... قلبي سواه يرِفُّ بين دمائي

كم أشتهي برح الضنى لتعودني ... وأراك رأي العين في جلسائي

يا مستريح البال من عبث الهوى ... لو كنت تعلم في نواك شقائي

الفرقة الهوجاء قد رانت على ... كبدي فيا للفرقة الهوجاء

شتان ما بيني وبينك في النوى ... كالبعد بين قراراتي وسمائي

ما أبعد الحالين! أنت منعَّم ... غافي العيون على رضىً وهناء

تسعى لك الدنيا وتحتشد المنى ... للقاك كل صبيحة ومساء

وتعيش في وادي الهوى متفيئاً ... أندى الظلال وأكرم الأفياء

وأنا، وقاك الله من سَرَف الجوى ... وكفاك ما ألقى من الأعباء!

وأنا - كما تدري - أهيم بمهمه ... قفر الجوانب موحش الأرجاء

حَرَّانُ تلفحني الهواجر باللظى ... حتى تذيب عزيمتي ومضائي

ظمآن أستسقي الغمام وإنه ... ليضن أن يهمى بقطرة ماء

حيران ما أرتاح لحظ بصيرة ... حتى أعاف إقامتي وثوائي وا لوعة المهجور في وادي النوى ... مما يساوره من البرحاء

يا جنة السلوان، ناءت عزمتي ... من فادح الذكرى وخار بنائي

فمتى أفيء إلى ذَراك وأستقي ... بَرْد العزاء ونشوة التأساء

فريد عين شوكه