مجلة الرسالة/العدد 115/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 115/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 16 - 09 - 1935



ثلاث رسائل

بخط ياقوت الحموي الرومي

للأديب الفارسي عباس إقبال

ترجمها الدكتور عبد الوهاب عزام

عند كاتب هذا المقال مجموعة صغيرة في ثمان وأربعين ورقة صفراء، طول ورقة 15 سنتيمتراً وعرضها 10، وهي بخط نسخ جميل، كتبها كلها الأديب العالم الكبير شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي، المؤلف ذائع الصيت صاحب معجم البلدان، ومعجم الأدباء، المولودة سنة 575 والمتوفىسنة 626.

في هذه المجموعة أربع رسائل صغيرة كتبها ياقوت نفسه في أوقات مختلفة، ثم جمعها في مجلد واحد. وهي كما يأتي:

1 - كتاب الفصيح: لأبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب الشبابي (200 - 291) وهو 28 ورقة. وقد طبع مرات.

2 - كتاب تمام الفصيح: لأبي الحسين أحمد بن فارس أبن زكريا اللغوي المتوفى سنة 395. وفيه 11 ورقة.

3 - و 4 - كتابان لأبي الحسن عليَّ بن عيسى الرمَّاني الوراق (276 - 384) الأول منهما، لسوء الحظ، سقط من المجموعة. ومحي عنوانه من الغلاف. والكتاب الثاني كتاب الحروف. وقد سقط أوله، وبقي معظمه في 9 ورقات.

ولا شبهة في صحة نسبة هذه النسخة إلى ياقوت الحموي وأصالتها. فالخط والورق والتاريخ يؤيدها. ثم ياقوت نفسه يكتب هذا خمس مرات بالخط الذي كتبت به النسخة نفسها. ولدينا شواهد تاريخية أخرى نحصيها فيما يلي:

على غلاف هذه المجموعة، كما يظهر من الصورة هذه الكلمات:

كتاب الفصيح

تأليف أبي العباس أحمد بن يحيى ثعلب وكتاب تمام الفصيح تأليف أبي الحسين أحمد بن فارس

وفيه كتاب. . . . . . . . . وكتاب الحروف

كلاهما عن عليّ بن عيسى بن علي الرماني

وفي الحاشية اليسرى إزاء اسم كتاب الرماني (ملك لكاتبه ياقوت الحموي عفا الله عنه) ثم في أسفل صفحة الغلاف كتب ياقوت نفسه في سطور رأسية رواة كتاب الفصيح إلى زمانه وبين كيف نسخ هذه النسخة من الفصيح وصحيحها. ونحن ننقل هنا بعض ما كتب:

. . . . . وصاحب هذا الكتاب عبد الله الفقير إليه ياقوت ابن عبد الله الرومي الحموي، بعد أن عارض بأصله هذا نسخة السماع وكتب ما كان فيها من. . . . . وما كان في هذه النسخة من الزوايد مخالفاً للأصل ضرب عليه بالحمرة. وذلك بأعلى. . . الآخر سنة عشرين وستمائة. وهذا خط صاحب الكتاب ياقوت الحموي عفا الله عنه. . .

وفي آخر نسخة كتاب الفصيح: (منقول من خط أبي الحسين عليّ بن عبيد الله السمسمي اللغوي بحواشيه حرفاً حرفاً، وكان على وجه نسخته، وفي الحاشية اليمنى بجانب هذه العبارة كتب بخط أحمر: (قوبل بالأصل المنقول عنه؛ فصح والحمد لله رب العالمين، وقوبل ثانياً وصح)

وكتب في هذه النسخة، كما يقول ياقوت في حاشية الغلاف: اختلافات النسخ فوق الكلمات بمداد أحمر، وزيدت في الحواشي زيادات وتصحيحات. وهذا برهان بمقابلة النسخة بنسخ أخرى وليس في الرسالة تاريخ نسخها، ولكن يؤخذ من حاشية الغلاف المكتوبة في ربيع الآخر سنة 620: أن مقابلة هذه النسخة بنسخة أخرى كان في هذا التاريخ، وقد حمل ياقوت هذه المجموعة معه حين فرّ من متوحشي التتار بين سنتي 617، 618. وكان من بركة هذا الفرار أن بقيت لنا هذه النسخة ولم يصيبها من أيدي هذه الجماعة الوحشية ما أصاب نفائس الكتاب فيما وراء النهر وخوارزم وخراسان.

وقد كتب على ظهر الورقة الأولى من كتاب تمام الفصيح لأحمد بن فارس: (كتاب تمام الفصيح تأليف الإمام أبي الحسين

احمد بن فارس بن زكريا رحمه الله. ومن خطه نقل)، وفي أول الكتاب (نقلت من خط أبي الحسين احمد بن فارس مصنف الكتاب) وتنتهي النسخة بهذه العبارة: (وكتب احمد بن فارس بن زكريا بخطه في شهر رمضان سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة بالمحمّدية. قال ناسخ هذه النسخة هذه جميعه صورة خط الإمام أبي الحسين بن فارس رحمه الله. فأما أنا فإني فرغت من نسخ هذه النسخة بكرة الأحد سابع ربيع الآخر سنة ست عشرة وستمائة بمرو الشاهجان حامداً لله ومصلياً على نبيه المصطفى محمد وآله وصحبه الكرام، وكتب ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي).

وكتب في الحاشية مقابل كلمة المحمدية: (قلت المحمدية محلة بالري هي بين السور البرّاني والسور الداخلاني)، وهذه العبارة التي كتبها ياقوت في آخر نسخة تمام الفصيح علاوة على تصريحه بأن هذه النسخة خط يده، وأنه ختمها يوم الأحد سابع ربيع الآخر سنة 616 في مرو الشاهجان، ونقلها من نسخة المصنف التي كتبها بخطه في رمضان سنة 393 في المحمدية ترينا تدقيق ياقوت في ضبط أسماء البلدان. فإن هذا العالم الكبير الذي أمضى شطراً من عمره في تحقيق أسماء البلاد وتعيين مواقعها، وجمع المعلومات التي مكنته من تأليف كتابه البديع الخالد معجم البلدان رأى في نسخته حتى أبان عنه، وكان من قبل خفياً عليه نفسه كما يتبين مما يأتي:

وقد ذكر ياقوت في معجم البلدان، بمناسبة كلمة المحمدية، نسخة كتاب تمام الفصيح التي كتبها بخطه المصنف أحمد بن فارس، ووقعت في يده بمرو الشاهجان، ونقل العبارة التي ذكرها أحمد بن فارس في آخر نسخته ونقلناها هنا، وهذه من أقوى الأدلة على صحة نسبة النسخة الحاضرة إلى ياقوت، وهذه عبارته في معجم البلدان (ووقع لي بمرو كتاب أسمه تمام الفصيح لابن فارس وبخطه. وقد كتب في آخره: وكتب أحمد بن فارس بن زكريا بخطه في شهر رمضان سنة 395 (كذا بالرقم في النسخة المطبوعة في لايبسيك) بالمحمدية فغبرت دهراً أسائل عن موضوع بنواحي الجبال يعرف بهذا الاسم فلم أجده لان ابن فارس في هذه الأيام هناك كان حياً حتى وقعت على كتاب محمد بن أحمد بن الفقيه فذكر فيه. قال جعفر بن محمد الرازي: لما قدم المهدي الرّي في خلافة المنصور بنى مدينة الرّي التي بها الناس اليوم، وجعل حولها خندقاً، وبنى فيها مسجداً جامعاً، وجرى ذلك على يد عمار بن الخصيب. وكتب اسمه على حائطها، وتم عملها سنة 158. وجعل لها فصيلاً يطيف به فارقين آخر، وسماها المحمدية. فأهل الري يدعونه المدينة الداخلة المدينة، ويسمون الفصيل المدينة الخارجة، والحصن المعروف بالزبيدية في داخل المدينة بالمحمدية.

(له بقية)

عبد الوهاب عزام