مجلة الرسالة/العدد 117/الكتب
مجلة الرسالة/العدد 117/الكتب
2 - ثلاث رسائل
بخط ياقوت الحموي الرومي
للأديب الفارسي عباس إقبال
ترجمها الدكتور عبد الوهاب عزام
قياس عبارات معجم البلدان هذه بما خطوه ياقوت في آخر النسخة التي بيد الكاتب نقلاً عن خط ابن فارس، لا يدع ريبة في أن هذه النسخة هي عين النسخة التي كتبها ياقوت لنفسه من نسخة ابن فارس
ختمت هذه النسخة من تمام الفصيح، كما يقول ياقوت في آخرها، يوم الأحد سابع ربيع الآخر سنة 616 في مرو الشاهجان، ويصرح ياقوت نفسه في معجم البلدان أنه كان في مرو الشاهجان سنة 616، وكان يفيد من خزائن الكتب النفسية في هذه المدينة، وأنه في السنة نفسها ترك المدينة خوفاً من التتار وبلغ خوارزم (الجرجانية) بعد قليل. وكذلك يصرح في معجم البلدان ومعجم الأدباء أنه كان بخوارزم في ذي القعدة من هذه السنة. ثم تركها هرباً من التتار أيضاً. ومن هذا يتبين أن ختم هذه النسخة في ربيع الآخر سنة 616 وقع قبل فرار ياقوت من مرو الشاهجان بشهرين أو ثلاثة
وأما كتابا الرماني فلسوء الحظ سقط أولهما من هذه النسخة كما سقط قسم من أول الكتاب الثاني، كتاب الحروف كما قلنا آنفاً
بين كتاب تمام الفصيح والقسم الباقي من كتاب الحروف ورقة واحدة بخط ياقوت لا صلة بينها وبين هذين الكتابين. والظاهر أنها خاتمة كتاب الرماني الذي سقط من نسختنا، وأول هذه الورقة:
(قابلت به نسخة أبي الفتح محمد بن أحمد بن أشرس النيسابوري التي قرأها على أبي محمد عبيد الله بن محمد الكاتب المعروف بابن الجراذي عن ابن الأنباري، وعلى أبي محمد بن يوسف ابن الحسين التراقي في سنة تسع وثمانين وثلثمائة. وصححته على اختلاف نضد هذه النسخة ونسخة السماع عن ابن الأنباري في تقديم بعض الكلام في مواضع وتأخيره. وعلقت الحواشي من نسخته. وفرغ من انتساخه بمرو الشاهجان في عشية الأحد لثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة 615 ياقوت بن عبد الله الحموي المولى الرومي الأصل، حامداً الله ومصلياً على سيدنا محمد وآله الطاهرين ومسلماً تسليما)
ثم يتبع هذا بنقل فصل من كتاب لحن العامة لابن حاتم السجستاني. وقد سطر في آخر كتاب الحروف للرماني: (آخر كتاب الحروف. والحمد لله رب العالمين. وصلواته على سيدنا محمد وآله. وفرغت من نقله من خط أبي الحسن عمر بن أبي عمر السجستاني بمرو الشاهجان في محرم سنة ست عشرة وستمائة. وكتب ياقوت بن عبد الله الحموي حامداً الله على سوابغ نعمه)
يتبين مما قلناه من أوائل وأواخر النسخ التي خطها ياقوت في هذه المجموعة، ومن الشواهد التي أوردناها من معجم البلدان ومعجم الأدباء - ا - أن ياقوت صرح في خمسة مواضع من هذه النسخ بأن هذه المجموعة خط يده وملكه - ب - وأن ياقوت كتبها في تواريخ رمضان سنة 615، والمحرم سنة 616، وربيع الآخر سنة616 - ج - وأنه كتبها في مرو الشاهجان الحاضرة المشهورة للسلطان أبي الحارث معز الدين سنجر بن ملكشاه السلجوقي التي يقول عنها ياقوت في معجم البلدان إنه عاش فيها قرير العين مستفيداً من مكاتبها الكثيرة، وأن حبها تمكن في قلبه حتى أنساه الأهل والعيال وسائر البلدان، وأنها لو لم تقع في أيدي التتار فسيطر عليها الدمار ما فارقها حتى الممات
والحق أن من العجيب أن تنجو هذه المجموعة الصغيرة التي هي من أنفس ذكريات القرون السالفة، ومن أعز ما ملكه عالم عظيم مثل ياقوت الحموي، من نيران التتار المستعرة، وغير الزمان المدمرة، فها هي الآن بعد سبعة قرون ونصف على مكتبي ذكرى من عظمة المدنية الإسلامية في تلك العصور، ومذكرة برجل من مفاخر هذه المدينة الوضاءة: شهاب الدين أبي عبد الله ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي
عباس إقبال
باريس 6 جمادى الأولى سنة 1354