مجلة الرسالة/العدد 118/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 118/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 10 - 1935



نظرية النشوء بعد مائة عام

احتفلت جمعية علماء الزولوجيا (علم الحيوان) في لندن أخيرا بالذكرى المئوية لرحلة العلامة تشارلس داروين إلى أمريكا الجنوبية وجزائر المحيط الهادي؛ وقد أصبح اسم داروين في عصرنا علما على نظرية النشوء والتطور التي تذهب إلى تسلسل الإنسان من سلالة أحط من الحيوان، وأضحت النظريات الدارونية في ذلك علما راسخا، وكانت رحلة داروين الشهيرة التي كانت أساس مباحثه في (أصول الأنواع) في سنة 1831؛ وكان داروين يومئذ في الثانية والعشرين، وقد أتم دراسته الجامعية وملكه حب المباحث النباتية والحيوانية، فانتخب باحثا طبيعيا مع جماعة من العلماء جهزتها جامعة كمبردج، واستقلت السفينة الشهيرة المسماة (بيجل) إلى أمريكا الجنوبية، ولبثت السفينة بيجل تطوف أرجاء المياه الأمريكية، ومياه المحيط الهادي حتى بلغت أقصى جزائرها المسماة (جلاباجوس)، وقطعت في هذه المرحلة نحو خمسة أعوام، ولم تعد إلى إنكلترا إلا في سنة 1836، وفي أثناء هذا الطواف كان داروين يجمع المعلومات والملاحظات الدقيقة عما يراه من الحيوان والنبات. وإليك ما يقوله لنا عن هذه المباحث في مقدمته لكتابه الشهير في (أصول الأنواع):

(لما ركبت السفينة بيجل كباحث طبيعي، لفتت نظري بعض الحقائق الخاصة بتوزيع المخلوقات التي تسكن أمريكا الجنوبية بالعلائق الجيولوجية بين سكان هذه القارة في عصرنا وبينهم في الماضي. وقد لاح لي أن هذه الحقائق قد تلقي بعض الضياء على (أصول الأنواع) أو مسالة المسائل كما سماها فيلسوف من أعظم فلاسفتنا؛ ولما عدت إلى الوطن سنة 1837، فكرت أنه قد يمكن استخراج شيء في هذا الموضوع بجمع هذه الحقائق وتأملها، وبعد دراسة خمسة أعوام، سمحت لنفسي أن أتناول الموضوع وأن أكتب عنه بعض مذكرات، ثم استخرجت النتائج التي لاحت لي وجاهتها، وما زلت من وقتها إلى يومنا أتابع مباحثي في الموضوع)

وقد ضمن داروين مباحثه الأولى كتابا سماه (رحلة السفينة بيجل) وفي سنة 1859 أخرج كتابه الشهير الذي يعتبر فاتحة عصر في المباحث الطبيعية، وهو كتاب (أصو الأنواع) فأثار ظهوره أعظم اهتمام في الأوساط العلمية، وما زال داروين يشتغل بنظرياته ومباحثه في هذا الميدان لا يتحول عنها قط حتى أخرج في سنة 1871 كتابه عن (سلالة الإنسان)؛ يتناول أصل الإنسان ونشأته وتسلسله، ومن ذلك الحين اشتهر مذهب النشوء والتسلسل، وأثارت نظريات داروين في طبقات الكافة سخطا واشمئزازا لأنها لم تفهم على حقيقتها، بل فهمت على أنها تذهب إلى تسلسل الإنسان من القرد. ولداروين مباحث وكتب أخرى في هذا الباب يضيق عن ذكرها المقام

قاموس الأكاديمية الفرنسية

من المعروف أن الأكاديمية الفرنسية قد أنشئت في الأصل منذ ثلثمائة عام لتعنى (بتوسيع اللغة الفرنسية وتجميلها) حسبما ورد في قانونها التأسيسي. ومع أن الأكاديمية قد استحالت بمضي الزمن إلى هيئة أدبية كبرى تقود الآداب الفرنسية وتجمع صفوة زعمائها، فأنها لبثت مع ذلك تحرص على أداء المهمة الأصلية التي خلقت من أجلها، وهي تنقية اللغة وتحسينها وصقلها. وجهود الأكاديمية في هذا السبيل تبدو في القاموس الجامع الذي وضعته عن اللغة الفرنسية؛ وقد ظهر هذا القاموس في الصيف الماضي لمناسبة الاحتفال بمضي ثلثمائة عام على تأسيس الأكاديمية، والطبعة الحالية من القاموس هي الطبعة الثامنة، وقد بدأ في وضعها منذ سبعة وخمسين عاما! ولولا أن لجنة القاموس ضاعفت جهودها في الأعوام الأخيرة لما ظهر هذا القاموس الشهير. على أن الأكاديمية لقيت في وضعه صعابا لا نهاية لها، وخصوصا في العصر الأخير حيث كثرت الاختراعات العلمية، وتغيرت أوضاع الحياة، وتغلغلت في اللغة تعبيرات وكلمات جديدة لا نهاية لها. ومع ذلك فان إصداره بعد هذه الحقبة الطويلة يعد عملا من أعمال الأكاديمية نظرا لغزارته ودقته وجدته وبديع تصنيفه

وفات كاتب إنجليزي

في الأنباء الأخيرة أن الكاتب القصصي الإنكليزي الكبير سيلاس هوكنج قد توفي في الخامسة والثمانين من عمره، وكان هوكنج من رجال الدين، وتولى عدة مناصب دينية في شبابه؛ ولكنه منذ سنة 1896، نبذ حياة الكنيسة، وخاض غمار الحركة السياسية، ودخل البرلمان عضوا من حزب الأحرار، وفي أثناء ذلك ظهر هوكنج بكتاباته، واشتهرت قصصه، وكان معاصرا لعدة من أكابر كتاب القصص مثل كونان دويل، وجالز ويرثي، والسير هاجارد، وجوزيف كونراد، وستانلي ويمان وغيرهم، ولكنه لم يبلغ من القوة والشهرة مبلغ هؤلاء؛ بيد أنه من كتاب هذه المدرسة البارزين. ومن قصصه الشهيرة: (آلك جرين) (رغم القدر) (ضوء الساحر) (الرجل الصامت) (المراقبون في الفجر) (يقظة أنتوني وير) وغيرها

ترجمة لانسبوري بقلمه

المستر جورج لانسبوري زعيم حزب العمال البريطاني شخصية عظيمة في السياسة الإنكليزية، وفي المجتمع الإنكليزي؛ وقد نشأ عصاميا، في أوضع البيئات والأوساط، فاشتغل حمالا للفحم، وعاملا، وذاق شظف العيش والحياة الشاقة، وهو اليوم في السادسة والسبعين من عمره، ولكنه ما زال جم النشاط يتزعم حركة المعارضة في البرلمان، ويتزعم حزب العمال، ويشرف على تحرير جريدة الحزب (الديلي هرالد)، وقد أخرج أخيرا كتابا يحتوي ترجمة حياته؛ وفيه يصف حياة الأحياء والمجتمعات الفقيرة في مدينة لندن منذ ستين أو سبعين عاما حينما كان يطوفها صبيا عاري القدمين؛ ثم يصف أدوار حياته، وكفاحه في سبيل رفاهة العمال، ومثابرته على خدمة القضية التي مازال يخدمها. ويبدو مستر لا نسبوري في كتابه رقيق العاطفة فياض الرحمة والإنسانية، والعطف على الفقير والبائس

مؤتمر للصحافة

عقد في منتصف شهر سبتمبر بمدينة لندن مؤتمر للصحافة بأشراف معهد لندن الصحفي؛ وأرسل مستر بلدوين رئيس الوزارة إلى المؤتمر رسالة نوه فيها بأهمية الصحافة ومسئوليتها العظيمة، وتأثيرها القوي في تسيير الرأي العام وتقديره للشؤون العامة. وألقيت في المؤتمر خطب عديدة نوه فيها بأهمية الصحافة الحرة، وحاجتها إلى قانون تنظم فيه هذه الحرية؛ ولما كان في القانون الجديد الذي صدر خاصا بنشر ما يتعارض مع هذه الأمنية، فقد أعرب المؤتمر عن أمله في أن يترك للصحفيين حق تنظيم شؤونهم الخاصة، وقرر السعي لدى البرلمان لحمله على تحقيق هذه الأمنية بإصدار قانون جديد، وقرر المؤتمر أيضا أن ينشئ نظاما للمعاش يغذي الصحفيين العاطلين والمعوزين

أوتوكار أوسترشيل

توفي أخيرا في براج عاصمة تشيكوسلوفاكيا الموسيقي الشهير أوتكار أوسترشيل مدير المسرح الوطني ببراج، وقد كان أسترشيل زعيم المدرسة الموسيقية الحديثة في تشيكوسلفاكيا؛ ودرس في النمسا وألمانيا، وظهر منذ شبابه بالبراعة في التأليف الموسيقي، وله مؤلفات عديدة في الموسيقى وقطع موسيقية شهيرة ما تزال تحتفظ بروعتها وجدتها، وكانت وفاته في عنفوان قوته وشهرته إذ لم يجاوز العقد الخامس إلا بأعوام قلائل