مجلة الرسالة/العدد 118/بين ناقد وشاعر
مجلة الرسالة/العدد 118/بين ناقد وشاعر
علم قراء الرسالة من عدد مضى أن الأديب حبيب الزحلاوي اتهم الدكتور الشاعر إبراهيم ناجي بأنه استعان في قصيدته (عاصفة الروح) بقصيدة الشاعر الدمشقي ميشيل عفلق (عاصفة)، وقد دفع الدكتور ناجي ذلك الاتهام، وتحدى متهمه أن ينشر القصيدتين في الرسالة. وأمس أرسل إلينا الناقد نص القصيدتين ومعها نقد لاذع، واليوم بعث إلينا الشاعر بنصهما أيضا ومعهما تعليق ساخر، فآثرنا أن نطوي النقد والتعليق لخروجهما عن خطة الرسالة، واكتفينا بنشر القصيدتين، ليحكم القراء بين الرجلين
عاصفة روح
للدكتور إبراهيم ناجي
أين شطُّ الرجاءْ ... يا عُباب الهموم
ليلتي أنواء ... ونهاري غيوم
اعْوِلي يا جراح ... أَسْمِعِي الديان
لا يهم الرياح ... زورق غضبان
البِلى والثقوب ... في صميم الشراع
والضنى والشحوب ... وخيال الوداع
في احتدام النار ... واصطخاب الأنين
تضحك الأقدار ... ترقص السكين
كل يوم يروح ... في احمرار الجروح
كل صبح يلوح ... فجره مذبوح
اسخري يا حياه ... قهقهي بالرعود
الصِّبَى لن أراه ... والهوى لن يعود
الأماني غرور ... في لظى البركان
الدجى مخمور ... والردى سكران
وخليع العباب ... موجه العربيد
دار بالأكواب ... ويل هذا ال راحت الأيام ... بابتسام الثغور
وتقضى الظلام ... في عناق الصخور
كان رؤيا منام ... كأسك المسحور
يا ضفاف السلام ... تحت عرش النور
اطحني يا سنين ... مزقي يا حراب
كل برق يبين ... ومضه كذاب
اسخري يا حياه ... قهقهي يا غيوب
الصِّبَى لن أراه ... والهوى لن يؤوب
عاصفة!
لمشيل عفلق
اعصفي يا رياح! ... واهزئي بالسماء
من يكن ذا جناح ... هل يهاب الفضاء؟
عبس الغاب وادلهمٍ، فما يب ... سم إلا عن الرعود البوارق
فمشى السر موغلاً في ثنايا ... هُ مصوناً من الدجى بفيالق
وتداعت جهم الغيوم ثقيلا ... ت حبالى بشائبات الصواعق
ذعرت في الفلاة آمنة الوح ... ش فراحت تمشي كمشية سارق
وسرى الماء لائذاً بحمى الظل (م) ... ملماً ببعضه متعانق
أمعنت في الغناء ... قاصفات الرعود
ذاك ضحك القضاء ... من قيود العبيد. .
اعصفي اعصفي أيا ريح حتى ... تُرقصي من دويِّك الأجيالا
واضحكي كم يثير ضحكك عند ال ... حشرات النواح والأعوالا
أوصدت وكرها الثعالب حسرى ... لابسات من ضعفها أغلالا
وانبرى الليث ناعم البال يمشي ... حاشداً تحت نابه الآجالا
ودعاك النسر احميلني أيا ري ... ح إلى حيث لا جناح تعالى! اغسلي يا سيول ... زائف الأصباغ
السما كالطبول ... زمرت بالفراغ
يا سيول افتحي لنفسي مجرى ... أنا نهر حيران لم يلق بحرا
تهت عن غايتي ولكن تيهي ... ينبت الخصب كلما حلّ قفرا
أنا برق في قوتي والتهابي ... في وميضٍ أحيا وأدفن عمرا
أنا ليل يفني اشتعالاً وحباً ... لتوشي دماؤه الحمر فجرا
أنا زهر أطارت الريح أورا ... قي فاْفعمت واسع الجو عطرا
أعطشتني الرغاب ... فشربت النجوم
وحداني الشباب ... فامتطيت الغيوم
مِن ذرى هذه السحائب ارمي ... فوق هام الورى رفيع ازدرائي
قدما في السماء أركز جذلا ... ن وأخرى على جبين الفضاء
لم يعد لي في الأرض منزل جرّ ... واسعُ مطلبي وعالٍ إبائي
أحرقت بيتي الصواعق لكن ... غسلت لي قلبي بذوب الضياء
مزقت ثوبىَ الرياح ولكن ... نسجت من دم الشموس ردائي
إعصفي يا رياح! ... واهزئي بالسماء
من يكن ذا جناح ... هل يهاب الفضاء