مجلة الرسالة/العدد 135/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 135/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 135
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 03 - 02 - 1936



التعصب اللغوي بعد التعصب الجنسي

ظهرت في إيطاليا أخيراً حركة للعمل على تطهير اللغة الإيطالية من العبارات والكلمات

الأجنبية؛ وبطل هذه الحركة كاتب معروف هو السنيور باولو مونيلي، وقد أذاع دعوته في كتاب شديد اللهجة يدعوا فيه إلى تحرير اللغة القومية العريقة من ذلك السيل من الكلمات والعبارات الأجنبية (البربرية) ويعترف السنيور مونيلي بأن هناك كلمات أجنبية في دوائر الأعمال والرياضة يصعب الاستغناء عنها، ولكنه يرى أنه يمكن الاستغناء عن الكثرة الساحقة من الكلمات والعبارات الدخيلة التي تشوه جمال اللغة الإيطالية وتظهرها بمظهر القصور والفقر في حين إنها من أعرق لغات الأرض وأغناها.

وهذه الحركة التي يدعوا إليها الكاتب الإيطالي بالنسبة للغة الإيطالية ليست إلا طرفاً من الحركة العامة التي ظهرت من قبل في تركيا الكمالية وفي ألمانيا، ثم ظهرت أخيراً في إيران؛ ومما يلاحظ بنوع خاص إنها من أثار النظم الطاغية التي تسيطر على هذه الأمم وتمعن في فهم النزعة القومية وتدفعها إلى حدود التعصب الجنسي والعلمي. ففي تركيا تضطرم الحكومة الكمالية بنزعة بتعصب عميق نحو الإسلام ونحو اللغة العربية التي هي من أبرز مظاهره، وتبذل منذ بضعة أعوام مجهوداً عنيفاً لاستبعاد الألفاظ العربية من اللغة التركية مع إنها تكاد تتفوق فيها على العناصر التركية الأصلية، وإحياء الألفاظ التركية القديمة؛ بيد إنها مع ذلك تضطر إلى الاشتقاق من اللغات الأوربية بكثرة ظاهرة، مما يدل على أن الغاية الحقيقية ليست تحرير اللغة التركية من الألفاظ الأجنبية، بل قتل العناصر العربية فيها تحقيقاً لبرنامج الكماليين في محو كل آثار للإسلام والعربية من الحياة التركية الجديدة. وفي ألمانيا الهتلرية تجري حركة لاستبعاد الألفاظ الأجنبية وتطهير الجرمانية منها. وهذه حركة نستطيع فهمها، في أمة عظيمة كألمانيا ذات لغة عريقة محدثة، وإن كانت فكرة الهتلريين لا تخلوا مع ذلك من عناصر التعصب القومي والجنسي. كذلك أخذت إيران أخيراً تحذو حذو تركيا في حذف الألفاظ العربية من اللغة الفارسية؛ بيد أن حكومة الشاه تجري في ذلك هوادة واعتدال، وتؤكد للعالم العربي أنها لا تبغي سوى غاية لغوية ثقافية ترى تحقيقها بأحياء مجد اللغة الفارسية القديمة.

كتاب عن ضحايا الثورة الفرنسية

صدر أخيراً بالإنكليزية كتاب جديد عن الثورة الفرنسية بقلم دونالد جرير؛ وعنوانه (حوادث عهد الإرهاب) فهو إذن يتناول هذه الناحية من حوادث الثورة فقط، وهي بلا ريب من أخصب نواحي الثورة وأحفلها بالحوادث الرائعة.

وقد ظهرت عن الثورة الفرنسية في معظم الآداب الحية كتب ومؤلفات لا حصر لها، ومنها آثار جليلة شاملة، ولكن الثورة الفرنسية تبقى أبداً موضوعاَ للتأمل والدرس، ولا ينضب معين الطرافة والجدة في حوادثها وأسرارها الدفينة. ومؤلف اليوم ليس قصة، وإن كان ما يورد من الحوادث يفوق القصص من غرابته وروعته، بل هو تأريخ محقق من الوثائق والسجلات والمراجع المحترمة؛ وفيه يقص المؤلف حوادث عهد الإرهاب الذي أزهقت فيه عشرات الألوف، ويصور لنا حالة الفرائس المسوقة من الكبراء والنبلاء، ويسرد حوادث محاكمتهم وإعدامهم في روية واعتدال، وقد انتهى المؤلف إلى القول بأن من اعدموا خلال هذا العهد بواسطة المقصلة يبلغون 594 , 16 نفساً، وأن هناك عدداً أكبر يقدر بين ثلاثين وأربعين ألفاً هلكوا في السجون من المرض والبرد والمعاناة النفسية؛ وتقديره النهائي هو أن خمسة وخمسين ألفاً هلكوا ضحية الثورة الفرنسية، هذا بينما يقدر بعض الباحثين من هلكوا في الثورة الروسية الأخيرة (الثورة البلشفية) بخمسين ألف فقط، ويعرض لنا الكاتب في أسلوب قوي شائق العوامل والأسباب التي يعتقد أنها مبعث هذا العنف والسفك المنظم.

مشروع علمي جليل: سلسلة المعارف العامة

اعتزمت لجنة التأليف والترجمة والنشر إخراج كتب لطيفة الحجم يتناول كل كتاب منها موضوعاً خاصاً علمياً أو أدبياً؛ وترمي بذلك إلى تكوين سلسلة تشمل جميع النظريات الحديثة في الجغرافيا والتاريخ والفلسفة والتربية والطبيعة والكيمياء وغير ذلك؛ وقد سلكت في ذلك طرقاً مختلفة، فأحياناً تترجم كتباً أجنبية إذا رأتها صالحة كل الصلاحية، وأحياناً تؤلف في الموضوع بما يتفق وذوق الجمهور العربي.

وقد بدأت هذا الشهر في إخراج ثلاثة كتب.

(الأول) عرض تاريخي للفلسفة والعلم تأليف أ. وولف وترجمة الأستاذ محمد عبد الواحد خلاف، وهو كما يدل عليه أسمه نظرة عامة في تأريخ الفلسفة والعلم من بدء نشأتهما إلى الآن.

(الثاني) الآراء الحديثة في علم الجغرافيا تأليف ل. ددلي ستامب وتعريب الأستاذ أحمد محمد العدوي مدرس الجغرافيا بالجامعة المصرية.

(الثالث) سكان هذا الكوكب تأليف الدكتور محمد عوض أستاذ الجغرافيا في الجامعة المصرية يبحث في سكان الكرة الأرضية من بني الإنسان من حيث نشأة النوع البشري وتعدد الأجناس ونمو السكان وتوزيعهم على سطح الأرض مع دراسة تفصيلية لحالة السكان ومشاكلهم في مختلف الأقطار.

وستخرج اللجنة في شهر فبراير سنة 1936.

(1) كتاب (البراجماتزم) أو الفلسفة الأمريكية تأليف الأستاذ يعقوب فام.

(2) كتاب (النقد الأدبي) تأليف لاسل أبر كرومبي وترجمة الدكتور محمد عوض.

(3) كتاب (علم التاريخ) وهو بحث في النظريات الحديثة لعلم التاريخ ترجمة الأستاذ عبد الحميد العبادي.

وهكذا ستسير اللجنة على هذا النمط في إخراج أجزاء السلسلة تباعاً في فروع العلم المختلفة.

وقد شجعت وزارة المعارف العمومية اللجنة على هذا العمل بمساعدتها المالية والأدبية.

وترجوا اللجنة باستمرارها في هذا العمل أن تكون منه دائرة معارف عامة تشمل كل الموضوعات العلمية والأدبية.

رئيس لجنة التأليف والترجمة

أحمد أمين

تجربة لاختبار الذكاء

قامت بعض دوائر التربية في اليابان بتجارب عقلية لاختبار ذكاء التلاميذ في المدارس الابتدائية، وجعلت الحد الأعلى لمقدرة التلاميذ 150 درجة واختبرت بهذه الطريقة سبعة آلاف تلميذ فلم ينل منهم الحد الأعلى أعني 150 درجة سوى 165 تلميذاً فقط وظهر من التجربة أن اختلاف السن بين الوالدين لا يؤثر تأثيراً سيئاً على الصفات العقلية للنسل؛ ذلك لأنه وجد بين هؤلاء المائة وخمسة وستين تلميذاً النابغين عدد كبير من الأبناء الذين ولدوا من آباء سنهم بين الثالثة والأربعين والخامسة والأربعين، وأمهات بين الخامسة والعشرين والسابعة والعشرين. بيد انه وجد في معظم الحالات أن هؤلاء التلاميذ ولدوا من آباء في نحو الثلاثين وأمهات في نحو الرابعة والعشرين.

وقد ظهر أيضاً أن الوالدين الفتيان لم ينجبوا أبناء في منتهى الذكاء، وأن الزواج الباكر جداً ينتج أبناء لا تفتح مواهبهم العقلية تفتحاً تاماً؛ هذا وقد لوحظ مع الدهشة أن الموظفين والمستخدمين الصغار هم آباء أذكى التلاميذ، ثم يأتي بعدهم التجار، ثم أرباب الصناعات فالمربون فالأطباء فالعمال.

ومما أظهرته التجربة أيضاً أن أذكى التلاميذ هم كذلك أصحهم بنية وجسماً.

آثار العمالقة

يقدم إلينا القصص القديم كثيراً من سير العمالقة والمخلوقات الضخمة التي لم تعرفها عصور التاريخ المدون؛ والظاهر أن أولئك (العمالقة) لم يكونوا مجرد خيال فقط صوره القصص القديم؛ ففي الأنباء الأخيرة أنه اكتشفت في منطقة مانيتوبا في كندا (أمريكا الشمالية) هياكل بشرية ضخمة يبلغ طولها نحو ثمانية أقدام (نحو مترين وثلاثة أرباع المتر)، وأحدها في حالة جيدة من الحفظ، وكان اكتشافها على عمق أربعة أقدام في أحد المحاجر التي تستغل في تلك المنطقة.

وقد استدعيت بعثه من الأخصائيين من علماء التشريح وعلم طبقات الأرض برآسة الأستاذ ديلوري أستاذ علم طبقات الأرض بجامعة وينبج، فصرح بعد بحث الهياكل أنها ترجع إلى عدة آلاف من السنين، وأنها تنتمي إلى جنس من العمالقة كان يسكن غرب كندا قبل مجيء الهنود الحمر بأحقاب بعيدة.

هذا عن العمالقة من بني الإنسان. أما المخلوقات الضخمة التي يذكرها القصص القديم، فتدل الأبحاث العلمية الحديثة على أنها كانت توجد في غابر الأزمان في بعض جهات الصين وأفريقية الجنوبية كما تدل على ذلك بقايا العظام والهياكل الضخمة التي اكتشفت في تلك الأنحاء. وأما الأحياء المائية الضخمة فما زالت توجد حية في بعض البحار وإن كانت قد غدت نادرة بحالة تؤذن أنها أضحت على وشك الانقراض.

أثر خطي نفيس

لا تزال الأديرة القديمة في مختلف أنحاء أوربا تحتفظ بكنوز من الآثار الخطية القديمة؛ ومن هذه الأديرة دير كرمز منستر بالنمسا، فهو يحتفظ بطائفة من مخطوطات العصور الوسطى، وفي الأنباء الأخيرة أن مكتبة الدولة في بافاريا قد حصلت من هذا الدير على مخطوط اثري نفيس للشاعر الألماني هنيرنخ فون منخن وهو مخطوط يرجع إلى القرن الرابع عشر، وفيه قصص شعرية رائعة مأخوذة من التوراة، وقصص أخرى من العصر القديم حتى عصر كارل الأكبر، وقد تولى شراءه لحساب مكتبة بافاريا الهير فون بابن سفير ألمانيا في النمسا.

وفاة مؤلف موسيقي

من أنباء فينا (النمسا) أن المؤلف الموسيقي الشهير البان برج قد توفي، وكان مولده في فينا منذ خمسين عاماً، ومع انه من تلاميذ المدرسة الإمبراطورية القديمة، فأنه نحا في التأليف الموسيقي نحواً جديداً، وله مقطوعات موسيقية كثيرة، وقطعة (أوبرا) تسمى (فوتسك) نالت نجاحاً عظيماً، وكان إلى ما قبل وفاته بأيام قلائل يقود حفلاً موسيقياً عظيماً في أحد المسارح فينا الكبرى، فأثارت طريقته الجديدة استحساناً عظيماً كما أثارت نقداً عظيماً، ويرى النقدة أنه لم يبلغ ذروة قوته وفنه، وأن الموت عاجله، فأصابت الموسيقى النمسوية بفقده خسارة لا تعوض.

جوائز أدبية نمسوية

ومن أنباء النمسا أيضاً أن جائزة الدولة النمسوية عن الأدب لسنة 1935 قد منحت إلى الأستاذ بركونج، ومنحت جائزة الدولة للموسيقى إلى الأستاذ يوسف مسنر رئيس فرقة سالزبورج الموسيقية؛ ونال جائزة التأليف الموسيقي المؤلف الموسيقي الشهير الدكتور فريدريخ ريدنجر.