مجلة الرسالة/العدد 14/من الشعر المرسل

مجلة الرسالة/العدد 14/من الشعر المرسل



ذو الفأس

للآنسة سهير القلماوي. ليسانسيه في الآداب

جان فرانسوا ميلين رسام فرنسي عاش في النصف الاول من القرن التاسع عشر. وقضى أخريات حياته في الريف على مقربة من غابة فونتينبلو حيث رسم لوحاته الريفية المشهورة. أشهر هذه اللوحات لوحة (الانجلوس) وهي تمثل فلاحة وفلاحاً سمعا صوت جرس الكنيسة فهما يصليان خاشعين. ومن أشهر لوحاته (ذو الفأس)، وهي تصور فلاحاً متكئاً على فأسه وقد بلغ به التعب والبؤس أقصى درجات الألم. تلك الدرجة التي يشعر فيها الإنسان أنه فقد حواسه.

جاء بعد الرسام ميلين الشاعر الأمريكي أدوين مركهام فنظم قصيدة أوحاها إليه هذا الفلاح المتكئ على فأسه. ولقد أذاعت هذه القصيدة صيت الشاعر حتى أصبح يعرف باسم مؤلف ذي الفأس.

وهذه قصيدة أوحتها إلي قصيدة الشاعر مركهام والرسام ميلين. ولقد راعيت فيها خاصتين من خواص الشعر العربي: وهما الوزن وتمام المعنى في البيت الواحد وأهملت الخاصة الثالثة وهي القافية. واشعر تماما إن إهمال القافية لا يحس به ما دام المعنى كاملا في البيت الواحد فهل يشعر القارئ بمثل ما اشعر؟

ذو الفأس

متكئاً على الفأس في انكسار ... منحني الظهر من الهموم

ينظر في الأرض بلا انتهاء ... فليس إلا نحوها المصير

قد أوهنت عظامه السنين ... وغضنت جبينه العصور

وقسوة المسعى وراء العيش ... قد أفقدته جزءه الإنساني

من أطفأ الشعلة من حياته؟ ... من رده وثوره سواء؟

لا يعرف اليأس ولا الرجاء ... لا يعرف الآمال والأحلاما

ما المجد عنده وما الجمال؟ ... ما الجاه؟ ما السمو؟ ما الخلود؟ ما أبعد الهوة بين هذا ... وبين حلم العالم المنشود!

إذاك من قد أبدع الرحمن؟ ... إذاك من قد كوّن العظيم؟

إذاك من قد خصه الجبار ... بالعقل والعرفان والسلطان؟

يا سادة العبيد والأراضي ... هذا الذي قد صنعت أيديكم!

هذا الذي قدمتم لقاء ال ... غفران والرحمة من باريكم!

يا سادة العبيد والأراضي ... كيف لقاء الرب يوم الدين؟

يوم مثوله أمام الله ... بعد سكون الساع والسنين!