مجلة الرسالة/العدد 147/عبرة الموت
مجلة الرسالة/العدد 147/عبرة الموت
جميل صدقي الزهاوي
بقلم عبد السلام رستم
يأيها المسلوب من أنسه ... مصفد الجسم إلى رمسه
وتارك الدنيا على حالها ... لم تصدق العائف في حدسه
في الموت لو فكر مستعبر ... فيما يصيب الحي من مسه
تشابه الناعم في لهوه ... بالعابد الطوّاف في حبسه
وبات من يجمع أمواله ... كالمعدم المحروم في بؤسه
تلاحق الآتي بمن قبله ... وتابع اليوم خطى أمسه
فما ينال المرء من حظه ... إلا بريق النور من شمسه
يشب مشغوفاً باغراسه ... وليس يدري منتهى غرسه
ويخطب الدنيا، وقد شاقه ... ما يفتن الناظر من عرسه
ويرشف الكأس على نهله ... والموت - لو يعلم - في كأسه
يا شاعرا ظل مدى عمره ... في حيرة المشدوه أو يأسه
يسائل المجهول عن أمره ... وينظم الشعر صدى نفسه
ماذا أفاد الحس في عالم ... لا يدرك المعنىّ من حسه
الكون ما انفك بأوزاره ... يغترف الأحياء من رجسه
قد غلب الطبع على خلقهم ... ومرجع الشيء إلى جنسه
وكلهم في عيشه ناسج ... ثوباً يقيم الدهر في لبسه
والموت من خلفهم دائب ... يسدد النبل إلى نكسه
كم عجز الباحث عن كنهه ... وإن أطال الفكر في درسه
فدونك الحق الذي تبتغي ... وخل عنك الروح في قدسه
(القاهرة)
عبد السلام رس