مجلة الرسالة/العدد 163/الشلال

مجلة الرسالة/العدد 163/الشلال

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 08 - 1936



للأستاذ عبد الرحمن شكري

(فلعل الحياة كالماء تجري ... بين هذا الثرى وبين السماء)

(من القصيدة)

يا أخا الصمت في الجلالة والرو ... ع وصنو النكباء والهوجاء

إن في القلب لوعة ما تقضي ... أنت حاكيت همتي ورجائي

أحسب الخلد مثل مائك ينها ... ر ونفسي في مائه كالهباء

أنت فَجَّرْتَ في ضلوعيَ ينبو ... عاً من الشجو مسرعاً في دمائي

ليت أن الحياة مثلك تعدو ... لا تَرَاخَى مثل الجياد البِطَاءِ

إن للعيش كدرة تذر النف ... س ركوداً كآسِنٍ في نِهَاءِ

فأَعِنِّي على الأواسن من نف ... سي بفيض ينهار مثل البناء

يا ابن ماء السماء هل تذكر الرع ... د تحاكي إرزامه في الغناء

قد هددت الصخور تنشد خصبا ... أم لذخر تبغيه في الدقعاء

إنما أنت ناقم ينْصف السه ... ل بفضل الشواهق الشماء

تجعل السهل والحَزُونَ سواَء ... ليس نجد ووهدة بسواء

مَرِحٌ أنت أم كما يسرع الفا ... رس في نجدة إلى الهيجاء

لك بالشم مولد وعلى صد ... ر أبيك المحيط وقع الفناء

غير أن الميلاد في قمم الش ... م حِمام لهاطل الأنواء

فلعل الحياة كالماء تجري ... بين هذا الثرى وبين السماء

لك في النفس نشوة مثلما استش ... رف راءٍ من شاهقات العلاء

ويفيض النفوس مرأى جلال ... لك حتى تطير كالأنداء

فكأني في مائك الغمر أهْوى ... وكأني في كل دان ونائي

أنت أيقظتني وقد كنت وسنا ... ن فخلت الأكوان طراردائي

هاتف في خرير مائك قد أذ ... كرني عزمتي وماضي مضائي

أنت أصفى من الوداد وأنقى ... من حبور النعيم والسراء أنت أرجوحة لنفسي وصوت ... منك كالظئر هاتف بالغناء

أنت مثل الشباب عزماً وبطشاً ... وَوَضاَءً أحبب به من وضاَء

لك وقع الأقدار حتى لقد خل ... تك رمزاً رُمزتَهُ للقضاء

أنت كالدهر تأخذ الترب والعس ... جد حتى تعيده في الحباء

لم تهَبْ كرَّة الدهور ولم تج ... زع لذكر الشقاء والأرزاء

يا سليل السماء حَدِّث طويلا ... بحديث العلى وصدق السناء

تبعث الصخر من صخورك يزهو ... فوق صدر العشيقة الحسناء

سوف تغدو كالشيخ في أخريات ال ... نهر تسعى بهمَّة شمطاء

فاغتبط بالمضاءِ وامرح طويلاً ... كل شيء لطيَّةٍ وفناء

عبد الرحمن شكري