مجلة الرسالة/العدد 201/نقل الأديب

مجلة الرسالة/العدد 201/نقل الأديب

ملاحظات: بتاريخ: 10 - 05 - 1937



للأستاذ محمد إسعَاف النشاشِيبي

50 - الطبيب أبو المنذر نعمان

قال ابن فارس: سمعت أبا الحسن السروجي يقول: كان عندنا طبيب يسمى نعمان ويكنى أبا المنذر فقال فيه صديق لي:

أقول لنعمان وقد ساق طبُّه ... نفوساً نفيسات إلى باطن الأرض

(أبا منذر) أفنيتَ فاستبق بعضاً ... حنانيك بعض الشر أهون من بعض!)

51 - قبل أن تكدره الخلائق بأنفاسها

قال الأصمعي: كانت امرأة من العرب تأتي بصبية لها كل يوم قبل الصبح، فتقف بهم على تل عال وتقول: أيْ بنيَّ، خذوا صفو هذا النسيم قبل أن تكدره الخلائق بأنفاسها

52 - لو رقد المخمور فيه لصحا

قال الثعالبي في (اليتيمة):

قرأت في بعض الكتب عن ابن حمدون قال: كان الفتح ابن خاقان يأنس بي، ويطلعني على الخاص من سره، فقال لي مرة: أشعرتَ يا أبا عبد الله، إني انصرفت البارحة من مجلس أمير المؤمنين فلما دخلت منزلي استقبلتني فلانة (يعني جارية له) فلم أتمالك أن قبّلتها، فوجدت فيما بين شفتيها هواء رقد المحموم فيه لصحا

فكان هذا مما يستحسن ويستظرف من كلام الفتح. وكأن الوأواء قد سمع ذلك فنظمه في قوله:

سقى الله ليلا طاب إذ زار طيفه ... فأفنيته حتى الصباح عناقا

بطيب نسيم منه يُستجلب الكرى ... ولو رقد المخمور فيه أفاقا

53 - الجندي العربي المجهول

في (عيون الأخبار):

حاصر مسلمة بن عبد الملك حصنا فندب الناسَ إلى نَقْب منه فما دخله أحد. فجاء رجل من عَرْض الجيش فدخله ففتحه الله عليهم، فنادى مسلمة أين صاحب النقب؟ فما جاءه أحد.

فنادى أني قد أمرت الآذن بإدخاله ساعة يأتي فعزمت عليه إلا جاء. فجاء رجل فقال استأذن لي على الأمير

فقال له أنت صاحب النقب؟

قال أنا أخبركم عنه

فأتى مسلمة فأخبره فأذن له، فقال له. إن صاحب النقب يأخذ عليكم ثلاثاً:

(1) ألا تسودوا اسمه في صحيفة إلى الخليفة

(2) ولا تأمروا له بشيء

(3) ولا تسألوه ممن هو

قال: فذاك له

قال أنا هو

فكان مسلمة لا يصلي بعدها صلاة إلا قال: اللهم اجعلني مع صاحب النقب

54 - لا تظنوا أنني أسلو

أبو الوليد بن الجنان محمد بن الشرف من شعراء الملك الناصر صاحب (مصر) والشام:

أنا من سكر هواهم ثمل ... لا أبالي هجروا أم وصلوا

فبشعري وحديثي فيهم ... زمزم الحادي وسار المثل

إن عشاق الحمى تعرفني ... والحمى يعرفني والطلل

رحلوا عن ربع عيني فلذا ... ادمعي عن مقلتي ترتحل

ما لها قد فارقت أوطانها ... وهي ليست لحماهم تصل؟

لا تظنوا أنني أسلو فما ... مذهبي عن حبكم ينتقل

55 - الأب والابن والروح القدس

كان أبو نواس جالسا وفي يده كأس خمر، وعن يمينه عنقود، وعن يساره زبيب. فقيل له ما هذا؟

فقال: الأب والابن والروح القدس

56 - ويرحم القبح فيهواه قال جعفر بن قدامة: كنا عند ابن المعتز يوما ومعنا النميري، وعنده جارية لبعض بنات المغنين تغنيه وكانت محسنة إلا أنها كانت في غاية من القبح، فجعل عبد الله (أي ابن المعتز) يجمشها، ويتعلق بها. فلما قامت قال له النميري: أيها الأمير، سألتك بالله أتتعشق هذه التي ما رأيت قط أقبح منها؟

فقال عبد الله وهو يضحك:

قلبي وثاب إلى ذا وِذا ... ليس يرى شيئاً فيأباه

يهيم بالحسن كما ينبغي ... ويرحم القبح فيهواه

57 - يا كذاب!

قال رجل لامرأة: قد أخذت بمجامع قلبي فلست أستحسن سواك

فقالت: إن لي أختا هي أحسن مني وهاهي خلفي. فالتفت الرجل فقالت: يا كذاب! تدعي هوانا، وفيك فضل لسوانا

58 - هذه أنفاس ريا جلقا

قال ابن الكتبي في (فوات الوفيات):

قال بعضهم: مررت يوما ببعض شوارع القاهرة وقد ظهرت جمال حمولها تفاح فتحي من الشام، فعبقت روائح تلك الحمول، فأكثرت التلفت لها، وكان أمامي امرأة سائرة ففطنت لما دخلني من الإعجاب بتلك الرائحة فأومأت إلي وقالت:

هذه أنفاس ريّا جلّقا

59 - يا نسيما هب مسكا عبقا

قال السلمي الدمشقي المعروف بالبديع (وقد اشتهرت هذه الأبيات، وغنى بها المغنون):

يا نسيما هب مسكا عبقا ... هذه أنفاس ريا جلقا

كفّ عني (والهوى) ما زادني ... برد أنفاسك ألا حُرَقا

ليت شعري نقضت أحبابنا ... (يا حبيب النفس) ذاك الموثقا؟

يا رياح الشوق، سوقي نحوهم ... عارضاً من سحب عيني غدقا

وانثري عقد دموع طالما ... كان منظوما بأيام اللقا 60 - لأجل هذا البيت الواحد

وفد أبو الفضل بن شرف بن برجة على المعتصم (صاحب المرية) يشكو عاملا ناقشه في قرية يحرث فيها وأنشده الرائية التي مطلعها:

قامت تجر ذيول العصب والحبر ... ضعيفة الخصر والميثاق والنظر

إلى أن بلغ قوله:

لم يبق للجور في أيامهم أثر ... غير الذي في عيون الغيد من حور

فقال له: كم بيتا في القرية التي تحرث فيها؟

قال فيها خمسين بيتا

قال: أنا أسوغك جميعها لأجل هذا البيت الواحد، ثم وقع له بها، وعزل عنها نظر كل وال