مجلة الرسالة/العدد 231/رسالة العلم

مجلة الرسالة/العدد 231/رسالة العلم

ملاحظات: بتاريخ: 06 - 12 - 1937



الزنككعنصر أساسي لنمو النبات

للأستاذ عبد الحليم منتصر

- 2 -

أعراض مرض الحرمان من الزنك

لقد اصبح من السهل تشخيص هذه الحالات المرضية، التي تعتري النبات، نتيجة لحرمانه من الزنك، وذلك بعد التجارب العديدة التي أجريت، والملاحظات القيمة التي أبديت، وبعد أن ظهر جلياً أن علاج هذه الأعراض لا يكون إلا بإعطائه حاجته من الزنك، على أن يكون ذلك بإحدى الطرائق التي سنوردها فيما بعد.

وأظهر هذه الأعراض ما يعتري الأشجار التي تتساقط أوراقها خريفاً، وذلك بأن تظهر الأوراق عند حلول الربيع، في قمم الأفرع الصغيرة، لا يتجاوز طول الورقة بوصة، ويكون عرضها نحو ربع البوصة، وهي إلى جانب ذلك محمرة اللون، جافة قليلاً، قصيرة العنق، مبقعة في الغالب. وقد تكون هذه الأفرع ذاتها محملة في غير قممها بأوراق سليمة لا أثر لهذه الأعراض عليها؛ بيد أن مقاومة هذه الأجزاء مؤقتة، أي أنها لا تستطيع متابعة النمو الطبيعي مدة طويلة، وفي الحالات الشديدة تظهر الأعراض نفسها عليها هي الأخرى، فترى أوراقها صغيرة مبقعة ذات أشكال غير طبيعية. وقد لوحظ أن مثل هذه الأشجار قد تذوى وتموت بعد عام أو عامين على الأكثر، وإن أظهر بعضها مقاومة مرض الحرمان من الزنك مدة أطول.

وفي الحق أن هذه الأعراض تختلف باختلاف الأشجار أو النبات، فهي في المشمش غيرها في الكريز أو التفاح والجوز واللوز والموالح وغيرها، وما ذلك إلا لأن درجة الاحتمال ليست واحدة، حتى إنه ليصعب على غير ذي الدربة تمييز هذا المرض من غيره إذ تشابه أعراضه أعراض سواه.

كما أن من المحقق أن ثمار مثل هذه الأشجار المصابة لا تكون طبيعية الشكل والحجم، فالخوخ والبرقوق تكون ثمارها صغيرة مفرطحة ومدببة أطرافها، كذلك المشمش والليمون.

وذلك علاوة على النقص البين في المحصول. وعلى الجملة فإن أشجار الفاكهة في الحدائق وغيرها من أشجار الزينة تبدي أعراض مرض الحرمان من الزنك، بيد أن درجات احتمالها ومقاومتها متفاوتة، فعلى حين تكون أشجار الخوخ والكريز مثلاً قد أذبلها وأذواها هذا المرض، أو لعله قد صيرها مشرفة على الهلاك، يكون غيرها من جوز ولوز وتفاح وكمثرى وبرقوق وعنب ومشمش وتين وموالح أكثر مقاومة، وإن كان حتماً أنها تصل إلى نفس المصير ما لم تسعف بالعلاج ولن ترضى بغير الزنك بديلاً.

وتختلف درجة مقاومة النبات للمرض تبعاً لطبيعة التربة التي ينمو بها، فهو أكثر مقاومة إذا ما كانت الأرض طينية، قادر على احتمال نقص الزنك من ألوان غذائه فيها. أما إذا كانت الأرض رملية أو كانت حصباء، فأن أعراض المرض لا تلبث أن تظهر إذا كانت كمية الزنك غير مناسبة لحاجة النبات منها.

ومن الملاحظات التي سجلت على الخوخ أنه بعد أن تابع نموه مدى أعوام خمسة كان يعطي فيها أوفر محصول. . ظهرت أعراض تأثره بنقص الزنك في أواخر صيف العام الخامس، وكانت النتيجة موت أغلب الأشجار خلال ثلاثة الأعوام التالية؛ وعندما زرعت مكانها أشجار أخرى ظهرت أعراض المرض في العام الأول مباشرة. وعندما عولجت بالزنك اطرد التحسن وزاد المحصول.

طرائق العلاج

وتتلخص طرق علاج مرض الحرمان من الزنك فيما يأتي من الوسائل التي جربت وثبتت صلاحيتها:

1 - إضافة محلول كبريتات الزنك إلى التربة.

2 - وضع قطع من الزنك في ثقوب تعمل لهذا الغرض في جذوع الأشجار وفروعها.

3 - وضع كبريتات الزنك في ثقوب بالشجرة.

4 - رش الأوراق بكبريتات الزنك والجير.

5 - الرش بأكسيد الزنك.

6 - الرش - بعد سقوط الأوراق - بكبريتات الزنك.

7 - الرش بكلورور الزنك.

على أنه لوحظ أن العلاج عن طريق التربة هو من أنجع هذه الوسائل، وخاصة إذا وضع مركب الزنك غير بعيد من الجذع.

وقد وجد أن وضع نحو ثلاثمائة كيلو جرام للفدان الواحد مذراة فوق أرضه تبقى نافذة الأثر في العلاج مدى ثلاث سنوات تباعاً. كما أن وضع مائة كيلو جرام فقط، توضع بالملعقة قيد قدمين من جذع الشجرة يعطي نفس الفائدة ولذات المدة.

أما العلاج عن طريق حقن الجذع بكبريتات الزنك في ثقوب تكون متقاربة، يوضع في كل ثقب من جرامين إلى ثلاثة، ثم يقفل الثقب بالشمع؛ مثل هذه الطريقة لم يخب مفعولها مطلقاً في علاج أمراض الحرمان من الزنك، بل أن أثرها ليبقى مدة ثلاث سنوات على الأقل؛ إلا أنه وجد أن الخشب الرخو يتأثر بهذه الطريقة، كما أن الثقوب قد تكون سبباً في جلب أمراض أخرى، وذلك إذا أهمل إحكام غلقها.

كما أن إدخال قطع من الزنك أو الحديد المغطى بالزنك (وتفيد المسامير العادية في بعض الحالات) في الجذع والفروع، يعطي نفس الأثر من علاج حاسم سريع للمرض، إلى تقدم محسوس في نمو النبات ودرجة إزهاره وإثماره. ويستحسن في هذه الحالة أن يدق عدد من المسامير على أبعاد وأغوار مناسبة. وقد ثبت أن هذه الطريقة هي أنجع الطرائق المذكورة إطلاقاً، فهي أقواها مفعولاً وأدومها أثراً. ومما يستحق الملاحظة في هذه الطريقة أننا إذا ثبتنا مسماراً أو عدداً من المسامير في أحد الأفرع فأن أثر العلاج يتبدّى واضحاً جلياً على الجزء من الفرع الذي يبدأ بموضع المسمار أو المسامير وينتهي بالقمة، على حين يظل الجزء من الفرع الذي يبدأ من هذا الموضع نفسه وينتهي بالجذع الرئيسي أو الأرض، يظل هذا الجزء كما هو لا تبدو عليه أي علائم التحسن أو آثار العلاج.

وطريقة الرش هي أيضاً بارعة الأثر في كثير من الحالات، فقد وجد أن رش الأوراق بمزيج مكون من عشرة أرطال من كبريتات الزنك ومائة جالون من ماء الجير، مفيدة جداً كعلاج لأعراض مرض الحرمان من الزنك، وخاصة للموالح والمشمش والعنب، وإن كان من الحق أن نقول: إنها كانت غير وافية بالغرض في بعض حالات أخرى. وقد وجد أنه في حالة استعمال هذه الطريقة يحسن أن يعاد رش الأشجار المصابة مدى عامين متتاليين إذا كان مرض الحرمان قد أثر تأثيراً سيئاً على النبات.

كيف تؤثر طبيعة التربة وصفاتها الكيميائية في سير مرض الحرمان من الزنك؟ وكيف يستجيب النبات لهذه المؤثرات؟

وما هو الدور الذي يقوم به الزنك في النبات؟ سيكون ذلك موضوع حديثنا في عدد الرسالة المقبل إن شاء الله تعالى.

(يتبع)

عبد الحليم منتصر

ماجستير في العلوم