مجلة الرسالة/العدد 236/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 236/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 10 - 01 - 1938



كتاب قصص القران

للأساتذة جاد المولى بك، محمد أبو الفضل، علي البجاوي، السيد

شحاته

للأستاذ أحمد أحمد التاجي

عرض للكتاب ومنحاه

عرف الناس من سنين أن في الأدب العربي كنوزاً مخبوءة تحت الرجام، ودرراً منثورة في قاع اليم، تحتاج في استخراجها إلى الغواص الماهر. ولكن أحداً لم ينبر لتلك الكنوز يرفع عنها الأنقاض، ولتلك اللآلئ يستخرجها من الظلمات ويعرضها للأنظار

ومن بضع سنوات فقط قام نفر من الكرام - والكرام قليل - ينبشون الأطلال ويستخرجون اللآلئ، فحظي أدبنا في السنوات الآخر بما لم يحظ بمثله في السنين الخوالي

رأينا الأستاذ (الزيات) يكتب في جريدة (النديم) أولاً (والرسالة) ثانياً قصصاً رائعة اقتبسها من أنوار العربية وحلاها وجلاها، وزاوج بين الحقيقة والخيال فيها. فزفها للقراء عرائس مياسة. وكانت قصة وضاح أول ما طرق سمعي على ما أذكر في هذا المنهاج

وكتب الدكتور (طه) في هامش السيرة فكان أجمل آثاره عند كثير من الناس. وتقدم (الرافعي) إلى الميدان فجال وصال وأتى بما لم يأت به إنسان. ولكنه في بعض أقاصيصه أمعن في السير وراء الأفكار يطاردها ويولدها فاختفى وراءها فكتب فأغرب فعز أدبه على كثير من الناشئين

ومع ذلك فإننا نعتبر (وحي القلم) أعظم مجهود في إحياء روائع أدب القديم. وكتب الأستاذ الحكيم (محمد) وحباه الله التوفيق

وتنبه الأدباء لهذه الناحية، فاقتحموا المناجم، وغصوا وراء كريم المعادن، وخرجوا بملء أيديهم جواهر ونضاراً ونشروا ما عثروا عليه في المجلات والصحف فأعجبوا وأطربوا، من هؤلاء الأساتذة (الطنطاوي) و (خشبة) و (العريان) و (عين شوكة) وغير هؤلاء

وأعود الآن إلى الكتاب الذي دعاني إلى التمهيد بهذه الكلمات ألا وهو (قصص القران) فأقول إنه يسلك في نهج (وحي القلم)

إن لم يكنها أو تكنه فإنه ... أخوها غذته أمه بلبانها

رأيت فيه مجهوداً عظيماً لذلك النفر الكرام جمع حلاوة اللفظ، وإشراق الفكرة، ولطف الانسجام بين المبنى والمعنى والحقيقة والخيال. فجاء كخيال الحسناء في المرآة. ولا بدع فهو ظل لقصص الله، ولو جاز لي أن أقتبس كلمة سعد العالية لقلت: (إنه تنزيل من التنزيل، أو قبس من نور الذكر الحكيم)

جرى الأفاضل وراء ما قصه الله الذي يقول: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القران) فأفاضوا القول في كل قصة، وبسطوا ما ذكر رمزاً في كتاب الله، وحشدوا الأسباب وعللوا، واستخرجوا الموعظة وذيلوا، وحققوا الزمان والمكان والإنسان، وصوروا البيئة بجميل الألوان، ونطقوا عن الألسنة بما يجاري الحق والتاريخ وإن كان لقاحاً بين الحقيقة والخيال، فأتوا بالعجب العجاب. والكتاب جليل الموضوع لم يطرقه أحد من قبل - على ما نعرف - بهذا البيان والاستعداد، وهو من الكتب التي تألفها الروح وتجد فيه غذاءها. غير أن بعض قصصه - وهو قليل - نزل أسلوبه عن معظمه، وأظن ذلك من ضرورة الشركة، وهو على كل حال كتاب قيم جليل

أحمد أحمد التاجي

حركة الكشف

للكشاف أحمد الشربيني جمعة الشرباصي

بين يدي الآن هذا الكتيب الصغير، دفعه إلي رسول من مؤلفه يرجوني أن أنظر فيه وأكتب عنه، وأنا رجل عفت الكتابة عن المؤلفين والكتب من زمان؛ فما بي طاقة على أن أظلم نفسي فأقول للمسيء أسأت فأتعرض لغضبه أو عتبه، وما لي طاقة على أن أغش قرائي فأقول عن الرديء إنه حسن وما فيه إلا حسن العاقبة لنفسي. . .

ولكن ما بال هذا الكتاب يدعوني إليه فأفرغ له، فلا أدعه حتى أتمه، ولا أتمه حتى أهم بالكتابة عنه، ولا أهم بالكتابة حتى تنثال علي المعاني انثيالاً ويمضي بي الفكر إلى غايته؟

لا، لم يكن هو الكتاب ما دعاني إلى ذلك بما فيه ولكن بما حوله، وليست هي مادته ولكن مؤلفه وظروفه: هذا فتى أزهري يطل عليك وجهه في الصفحة الأولى من الكتاب، بعمامته الصغيرة، وجبته المزرورة، وبنيقته المراغية البيضاء. . . وما كنت تتوقع هذا ولا شك، وأحسبك ستدهش دهشتي حين تقرأ هذا فتسأل نفسك: ما لهذا الفتى الشيخ؟ وما جاء به إلى هنا؟ وستفكر في كل جواب لسؤالك إلا أن يكون هذا الشيخ الصغير هو مؤلف الكتاب. . .

إي وربي إنه هو مؤلفه، وإنه هو هو أحمد الشربيني جمعة الشرباصي الكشاف، بعمامته الصغيرة، وجبته المزرورة، وبنيقته البيضاء. . . كشاف أزهري بعمامة! لوددت والله بما تشاء من ثمن أن أرى هذا الكشاف الشيخ في ملابس الميدان، لأرى كيف يستر ركبتيه العاريتين في سراويله القصير وعلى رأسه عمامته وعلى ظهره راويته وسفرته. . .

هاهو ذا أزهري فتي يضرب المثل لإخوانه الأزهريين في الفتوة الرحيمة التي تعمل للإنسانية. يا له من فتى متمرد! لا، لا تسموه متمرداً، إنه فتى يعرف ما عليه من تبعات الرجولة في غد فأعد للغد عدته، فلا عليه إن كان هو وحده الفتى الكشاف في الأزهر الكبير وروافده. إنني لفخور به

ليت شعري، هذه فرق الكشافة تنتظم تلاميذ المدارس عامة فلماذا لا نرى في الأزهريين فرقة كشافة؟ أترى تلاميذ المدارس اللدن الصغار أقدر على خشونة الكشافة من شباب الأزهر، أم يرون الفتوة عاراً لا تليق برجال الدين. . .؟ إنهم لأصح جسماً وأوفر نشاطاً وأقدر على مشقات الكشف والرحلة من هؤلاء الصغار، وإنهم ليعلمون علم اليقين أن دينهم هو دين البساطة التي يؤثرها الكشاف، ودين القوة التي يدعو لها الكشاف، ودين النجدة التي يعد لها نفسه الكشاف، فأين هي فرق الكشافة في الأزهر وروافده؟

إن لدي لكلاماً كثيراً أخشى أن أقوله فيغضب من لا أريد أن يغضب، فحسبي ما قدمت من قول وحسب الأزهريين، وليس حسبهم أن يكون فيهم كشاف واحد يشعر بوجود نفسه هو هذا الكشاف!

وبعد فهذه خواطر من وحي هذا الكتاب في نفسي، وما أريد أن أعرف عنه بأكثر من ذاك؛ ولكنه كتاب نافع على كل حلا: نافع للأزهريين عامة ليعرفوا به عن الكشافة ما قد يحببهم فيها فيكونون جنودها، ونافع للكشافين عامة ليبصرهم بكثير مما قد يغيب عنهم من واجبات الكشاف، ونافع لمعلمي فرق الكشافة في مختلف المدارس لعلهم يجدون فيه مادة يدرسونها، ونافع لكل قارئ لأن فيه أبواباً من العلم والتاريخ والتسلية تلذ كل قارئ؛ وقد نفعني أنا أيضاً لأنه نبهني إلى ما قدمت من قول عن الرياضة والكشف والرحلات في برنامج دراسة الأزهريين. أترى مؤلفه قد انتفع به كما انتفع كل هؤلاء؟

بارك الله في هذا الكشاف البطل ونفع به

(س)