مجلة الرسالة/العدد 247/الكتب

مجلة الرسالة/العدد 247/الكتب

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 03 - 1938



نوابغ الشباب

للأستاذ قاسم جودة

يشتمل هذا الكتاب على عشرة تراجم من سير الأبطال والعباقرة (الذين كان الشباب صفة بارزة تقترن بما قدموا من خير أو بذلوا من جهد، أو بلغوا من نجاح، أو أبدوا من وطنية وشجاعة، أو كسبوا لأنفسهم من فخر التضحية، وشرف الجهاد) وقد أحسن المؤلف الفاضل إذ حرص على أن يكون هؤلاء النوابغ (من آفاق متباعدة، وأجناس مختلفة، وأزمان متباينة، ففيهم رجل السياسة، ورجل الحرب، ورجل الموسيقى ورجل الشعر، وفيهم العربي والمصري والإنجليزي والفرنسي واليوناني، وقد تفاوت بينهم الزمن من عهد الحضارة الإغريقية القديمة، إلى عهد الحضارة الآلية في القرن العشرين)

فأنت في استجلاء هذا الكتاب تستجلي ألواناً من الرغبات والأهواء في نفس الشباب العبقري، وتتبين وجوهاً واتجاهات تتباعد في أشكالها بعوامل الزمان والمكان، وتقف على عبقريات فنية تتوزع في نواحٍ مختلفة من نواحي الحياة، ثم أنت بعد هذا كله إزاء صورة دقيقة رائعة كلها الفن والإتقان. وناهيك بصور تتجلى فيها شخصيات الإسكندر المقدوني الفاتح العظيم، وطرفة بن العبد الشاعر القتيل، وموتسارت طفل المعجزات، وتوماس تشانرتون شهيد الأنفة وصريع الفاقة، ووليم بت السياسي العنيف، ومصطفى كامل فخر الشباب المصري في الوطنية وكيتس شاعر الحق والجمال، وجان دارك رمز الإيمان والتضحية وأندريه شنييه نصير الحرية والدستور، وجينمر فارس الهواء الأعظم.

ولقد نهض المؤلف بموضوع كتابه خير نهوض وأكمله، فإنه شاب يتوثب للمستقبل، ويتحفز للغد، ولا شك أن الشباب خير من يفهم الشباب ويقدره حق قدره، ثم هو أديب واسع الثقافة، شامل المعرفة، تتصل دراسته واطلاعه بكثير من الثقافات الأوربية الحية، ومن ثم أمكنه أن يوفي القول عن شخصيات كتابه وهم - كما قال - من آفاق متباعدة، وأجناس مختلفة، وأزمان متباينة؛ وإذا كانت التراجم بطبيعتها - كما قال كارليل - أكمل الموضوعات نفعاً، وأعمها لذة ومتعة للنفوس، فإن لهذا الكتاب ميزة ظاهرة يتميز بها في نهجه وأسلوبه وتراجمه، إذ جمع مؤلفه الفاضل (بين البحث التحليلي العميق، وبين الجان القصصي الطريف، فليست فصول الكتاب بالتحليل العلمي الجاف، ولا بالقصص التاريخي البحت، ولكنها تجمع بين الفضيلتين، ففيها نصيب للباحث المدقق الذي يطلب الحقيقة التاريخية في مصادرها الثابتة، وفيها حظ آخر للقارئ السطحي الذي ينشد المتعة الخفيفة وتزجية الفراغ) ومن هذه الناحية كان الكتاب رغبة كل قارئ، وقد أحسنت دار الهلال في اختياره هدية لقرائها الكرام.