مجلة الرسالة/العدد 256/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 256/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 30 - 05 - 1938



توحيد التعليم في المدارس المدنية والدينية

أخذ صاحب المعالي وزير المعارف يدرس برامج التعليم في المدارس المدنية والدينية، بقسمها الابتدائي والثانوي، قاصداً بذلك إلى وضع برامج يشترك فيها التعليم المدني والتعليم الديني

وقد كتب معالي الوزير إلى صاحب الفضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر يستطلع رأيه في هذا الصدد، تمهيداً لانتخاب لجنة من رجال المعارف والأزهر، يعهد إليها وضع البرامج الملائمة. والغرض من تحقيق هذه الفكرة إيجاد التقارب بين عقول المتعلمين وخلق جيل جديد متفاهم، لا تشعر جماعاته بفوارق بينها، ولا تتعصب فيه كل طائفة لنفسها، وبهذا تتفادى أسباب النفرة بين الجماعات المختلفة

إلى الأستاذ فليكس فارس

جاء في العدد 166 من الرسالة الغراء في مقال الأستاذ الكبير (نهضة المرأة المصرية وكيف توجه للخير العام) ما يلي:

(لا ينهض بالشرق إلا حضارة شرقية تستمد نظمها من المبادئ الأدبية العليا التي أنزلت وحياً على رسله وأنبيائه، وإلهاماً على فلاسفته وشعرائه)

وقد قامت اليوم دعوة تدحض هذه النظرية. وقد نشر في الأهرام قريباً مقال عنوانه (هل يوجد اليوم شرق؟) للأستاذ توفيق الحكيم وقد استشهد الكاتب في هذا المقال بحديث نقله من كتابه الحديث (عصفور من الشرق) يدور بين روسي ومصري

فإلى الأستاذ فليكس فارس الذي قال بأن الشرق لا ينهض إلا بحضارة شرقية أطلب أن ينفحنا برأيه ويدلنا على جواب شاف عما إذا لم يزل الشرق شرقاً والغرب غرباً؟ وهل في الإمكان تلقيح الشرق بحضارة غربية؟ وهل في الإمكان أن يلتقي الشرق مع الغرب؟ وأي الحضارتين أفضل - إن كانت هناك حضارتان شرقية وغربية - الأولى أم الثانية؟

إن قراء الأستاذ المعجبين بصدق آرائه وصواب نظرياته وصحة حججه ليرجون أن يرويهم بحديثه العذب وأدبه الفياض

عبد العزيز عبد الكريم عصيون جابر لا أزيونجيير

جاء في العدد الفائت من الرسالة الزاهرة في البريد الأدبي ما يأتي (إن الأثريين الأمريكيين الباحثين قرب شاطئ البحر اكتشفوا آثار مرفأ كان زاهراً هناك حوالي ألف سنة إلى ثمانمائة سنة قبل المسيح! أما المدينة المكتشفة آثارها فهي أزيونجيير التي يدعوها العرب تل الخليفة!)

وهذا كلام لا غبار عليه، والاستكشاف حق، والمدينة أثرية تضرب في أعماق الدهر بتاريخ مجيد، ولكن لفظها العبرانيّ الساميّ قد تناولته أقلام المترجمين بالتحريف والتغيير

فقد جاء في الإصحاح التاسع عدد 26 من سفر الملوك الأول من التوراة ما يأتي بالنص العبري: (فآنى عاشا همِّلخ شلموه بعصيون جابر إِشرأتْ ألوتُ علىْ شفة تِمْ سوُف بآرص أدوم) وترجمه ذلك: (وصنع الملك سليمان سفناً في عصيون جابر

التي تقع على شفة (شاطئ) بحر (سوف) بأرض أدوم فالتوراة هنا حددت موقعها، وجاء الاستكشاف مصداقاً لهذا التحديد؛ وبحر سوف الوارد ذكره في الآية هو البحر الأحمر، ومعنى هذا (الهلاك) في اللغة العبرية، ولعله يشير إلى هلاك فرعون وجنوده عندما اتبع سيدنا موسى فسمى لدى العبرانيين بهذا الحدث في التاريخ والله أعلم!

أما عصيون جابر المدينة المستكشفة، فقد ذكرت في مواضع عدة من سفر الملوك اللفظ العبراني الأصيل، وهي من أعظم الموانئ الواقعة على خليج العقبة في ذياك الزمان بأرض الآدوميين إذ كانت في أيام سليمان عليه السلام مركزاً ممتازاً لتجارة الأعواد والأطياب والذهب الوارد من أوفيرا في مملكة سبأ بالجنوب

(دار العلوم)

محمد عبد الله العمودي

تبسيط قواعد النحو وطريقة الكتابة العربية

تشتغل وزارة المعارف بجمع المقترحات والبيانات المختلفة التي تتلقاها الآن عن المشروعين الخاصين بتبسيط قواعد النحو وطريقة الكتابة العربية وتنوي الوزارة قبل اتخاذ قرار نهائي في هاتين المسألتين الاستئناس بآراء مجمع اللغة والمستشرقين

وينتظر أن يطول الزمن بهذين المشروعين نظراً لخطورتهما وصعوبة الوصول إلى الغاية التي تقصد إليها الوزارة

وقد يكون المشروع الأول أسهل من الثاني. ومهما يكن من أمرهما فان الاتجاه يذهب إلى تبسيط النحو في المدارس المصرية ابتداه من العالم الدراسي القادم حتى ترتفع شكاية الأساتذة من ضعف التلاميذ

جبران والرمزية

قرأت في مجلة الرسالة الغراء 251 مقالا للأستاذ بشر فارس ألمع في هامشه إلى أن الكاتب الرسام جبران خليل جبران قد سار على نهج الشاعر الإنجليزي وليم بليك في رمزيته

وإنه لمن المعروف عن جبران أنه لم يكن رمزياً بالمعنى الدقيق الذي يفهم من هذا اللفظ، بل كان أكثر ميلاً إلى الرمانتيكية منه إلى الرمزية، وكثيراً ما كان يمزح بينهما في كتاباته وعلى الأخض في كتابيه النبي ويسوع ابن الآفاق. أما في رسومه فقد كانت الرمزية غالبة فيها

والملاحظ في الشاعر (بليك) أنه كان غامضاً مسرفاً في الغموض والإبهام لدرجة يتعذر معها الفهم والغوص على المعنى الذي يريده والفكرة التي يقصد إليها، مهما أجهد القارئ عقله. فأنت إذ تقرأ ديوانيه أغاني الطهارة يبهرك ضوء قوي من الجمال، ولكن أنى لك أن تعرف سر هذا الضياء وما الذي بهرك من حسنه؛ وقصاراك أن تستشعر كثيراً من اللذة المعنوية في هذا الغموض وجماله.

وما كان جبران على هذا النهج في الغموض والإسراف فيه. وقليلاً ما نعثر على قطعة كتابية حاكى فيها الشاعر الإنجليزي الغامض. فهل للأستاذ بشر فارس - إذا تفضل - أن يفصح عما إذا كان الغموض والإبهام من مستلزمات الرمزية؟ وهل بدونهما لا تكون؟ وله وافر الشكر على غزير علمه والسلام

السيد كامل الشرقاوي المفتش بوزارة المالية

العيد الألفي للجامعة الأزهرية

كان مجلس الوزراء قد قرر في عهد المغفور له توفيق نسيم باشا تأليف لجنة لتنظيم المسائل الإدارية والتاريخية الخاصة بالاحتفال بالعيد الألفي للجامعة الازهرية، وهو الاحتفال الذي سيقام في سنة 1360 هجرية. وقد باشرت هذه اللجنة مهمتها بضعة أسابيع ثم أرجأت أعمالها بعد ذلك

وقد علمنا أن إدارة المعاهد الدينية تشتغل في هذه الأيام بوضع مشروع جديد لإقامة مهرجان إسلامي كبير يليق بتاريخ أقدم جامعة إسلامية، على أن يشترك العالم الإسلامي فيه

وسيعرض هذا المشرع بعد الفراغ منه على مجلس الوزراء للموافقة عليه واعتماد المبالغ الخاصة بتنفيذه

والمفهوم أن الرأي مستقر على توجيه الدعوة إلى مختلف الجامعات العلمية الأوربية التي دعت الأزهر إلى الاشتراك في حفلاتها

بين الرافعي والعقاد

في هذه الصفحة من عدد (الرسالة) الغراء رقم 255 قرأت دفاعاً كتبه الأستاذ عبد المتعال الصعيدي عن بيت العقاد:

فيك مني ومن الناس ومن ... كل موجود وموعود تؤام

ولست أريد أن أتناول البيت من نواحي ضعفه ليرى سيدي أن البيت يتداعى من أي ناحية أقمته، ولكني أريد أن أشير إلى آخر ما جاء في كلمته حيث قال:

(ولا بد أن نشير بعد هذا إلى أن كل شيء في هذا الكون لا يخلو من حسن يسوغ إجراء بيت العقاد على عمومه، وقد ذهب إلى هذا بعض العلماء في تفسير قوله تعالى: (الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين) قال العلامة الزمخشري: إنه ما من شيء خلقة إلا وهو مرتب على ما اقتضته الحكمة، وأوجبته المصلحة، فجميع المخلوقات حسنة. . .) وهي التفاتة جميلة حقاً لولا أن قول الزمخشري رحمه الله قد ضمَّ على تفسير لا يضل فيه رأي. ولسنا ننكر أن كل شيء مرتب على ما اقتضته الحكمة، وهذا معناه الدقة في الصنع والأحكام. وإن الإنسان يدرس علوم النبات والحيوان ليرى في بعض ما خلق الله ما يحير الألباب، وهذه هي دقة الصنعة وجمال الخلق. وهذا هو مذهب الفلاسفة الذين يرون كل شيء جميلاً. . .

أما الجمال الذي يجذب القلب ويأسر الفؤاد، فأين تجده - يا سيدي - في الدودة وفي الذبابة وفي. . . وفي. . . مما تشمئز النفس ويعافه الذوق وهي في تمام التكوين وبراعة الخلقة

وإذا كان بيت العقاد هو على مذهب الفلاسفة - كما يقول الأستاذ الصعيدي - أعني على مذهب التشريح، فلعل الحبيبة كانت عالماً صغيراً فيه. . . وفيه. . . مما ذكره الأستاذ الرافعيُّ - يرحمه الله -

ولا زلت أصر على أن الشعر الفلسفي ليس شعراً إلا على مذهب ألفية ابن مالك

كامل محمود حبيب

وسام فرنسي للأستاذ توفيق الحكيم

منحت الحكومة الفرنسية الأستاذ توفيق الحكيم وسام (أوفيسيه داكاديمي). وقد أوفد المسيو دي فيتاس وزير فرنسا المفوض بمصر مسيو ليبريت لتقديم براءة هذا الوسام إلى الأستاذ الحكيم مع كتاب رقيق فيه النجاح الكبير الذي لقيته ترجمة (شهرزاذ) و (عودة الروح) لدى الجمهور الفرنسي، ونوه بتقديره الشخصي للكتاب الذي يعده من خيرة كتاب مصر البارزين، وشفع ذلك بأصدق تهنئاته

ذلك ما يلقاه أدباؤنا في غير مصر. أما في مصر فقد أرادت وزارة المعارف أن تشتري مقداراً من بعض كتب الأستاذ الحكيم جرياً على عادتها في تشجيع الأدب من هذه الطريق، فطلبت منه تسعين نسخة!! بثمن حددته لا يكاد يبلغ نفقة الطبع، فلم يسعه إلا أن يرفض شاكراً لها حسن نيتها على كل حال!

بين أبي العلاء والخيام

كتب صديقنا الدكتور عبد الوهاب عزام مقالاً تحليلياً فيما بين أبي العلاء وعمر الخيام من النظر المشترك في بعض وجوه الفكر نشرته الهلال في عددها الخاص بالمعري الذي سيصدر في أول يونيه، ولكن وقع فيه من التقديم والتأخير والتحريف ما أخل بسياقه وشوه من معانيه، فرأى الأستاذ أن يعيد نشره في عدد الرسالة القادم

مكافحة الأمية

قدم صاحب المعالي وزير المعارف إلى صاحب المقام الرفيع وزير المالية مذكرة عن مكافحة الأمية، عرض فيها للمشروعات المختلفة التي وضعها في هذا الشأن وزراء المعارف السابقون منذ عام 1917 إذ كان صاحب الدولة المغفور له عدلي يكن باشا وزيراً للمعارف إلى عام 1937

وقد ألمعت المذكرة إلى المشروع الذي وضع في العام الماضي يتطلب تنفيذه خمسة وعشرين عاماً، بينما كان مشروع عدلي باشا يتطلب عشر سنوات فقط

وبعد أن بسط معالي الوزير الأسباب الداعية إلى القضاء على الأمية، أخذ يشرح مشروعية الذي وضعه للقضاء عليها في مدى خمس سنوات، وقد قرر فيه أن يبدأ تعميم التعليم الإلزامي في المحافظات وعواصم المديريات والمراكز، فالقرى الكبرى والصغرى فالكفور والعزب

ثم طلب إلى وزارة المالية، فتح اعتماد قدره 150. 006 ج في الميزانية الجديدة. وهي النفقات اللازمة لإنشاء 400 مكتب.

وعلى أثر اعتماد هذا المال، تأخذ وزارة المعارف في فتح هذه المكاتب، للعمل فيها ابتداء من العام الدراسي المقبل.