مجلة الرسالة/العدد 272/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 272/البَريدُ الأدَبيّ

ملاحظات: بتاريخ: 19 - 09 - 1938



حول لجنة إنهاض اللغة العربية

سيدي الأستاذ الزيات

سرني وأرضىَ نفسي ما كتبتم وما نشرتم لكرام الكتاب من الملاحظات على قرار لجنة إنهاض اللغة العربية وما انتهت إليه في اختيار الكتب التي تصلح لأن تكون في أيدي تلاميذ المدارس الثانوية وسيلةً إلى تقويتهم في اللغة العربية

ولكن شيئاً هاماً في قرار اللجنة قد فاتكم التنبيه إليه وما كان ينبغي أن يفوت: ذلك هو حق أدباء العروبة في مختلف أقطارها في أن يكون لهم ولمؤلفاتهم الأدبية اعتبارا في نظر وزارة المعارف المصرية أولا، ثم أعضاء هذه اللجنة. . .

فهل تذكرت وزارة المعارف المصرية يوماً أن في هذه الأقطار التي تريد أن تفرض عليها زعامتها الأدبية - علماء وأدباء وكتاباً ومؤلفين، هم في الطبقة الأولى من رجال الفكر العربي؟ وهل عرفت أن لهؤلاء الأدباء كتباً ومؤلفات حقيقة بأن تكون موضع تقدير رجال المعارف في مصر حين يريدون أن ينهضوا بالثقافة الإسلامية

ذلك - ولا شك - شئ تعرفه وزارة المعارف ولا تنكره، ويعرفه أدباء مصر ولا ينكرون، ولكن ما وراء هذه المعرفة؟ هل قررت يوماً كتاباً في مدارسها لكاتب عربي في غير مصر؟ هل عملت على أن يعرف تلاميذها في مصر أن تلك البلاد كتاباً وأدباء ينبغي أن تُدرس آثارهم وينتفع بها؟

إن الكتب المصرية تملأ أسواق الشرق العربي ومكتباته ومدارسه، ولا تخلو منها يد تلميذ عربي في تلك البلاد. فهل حرصت مصر على أن ترد هذا الجميل إلى أهله؟ أم تراها ضريبة على هذه البلاد تؤديها لمصر غير منتظرة جزاء عليها ولو كان هذا الجزاء هو الاعتراف بالجميل؟

أين مؤلفات الأساتذة إسعاف النشاشيبي في فلسطين، وأمين الريحاني في لبنان، وعلي الطنطاوي في دمشق، وساطع الحصري وطه الهاشمي في العراق؟ أليس لهؤلاء مؤلفات يمكن أن ينتفع بها في مصر، لتزيد الروابط بين البلاد العربية توثيقاً وقوة؟

م. سع اقتراح على الشعراء

تغلي أطراف العالم العربي والعالم الإسلامي لأنهم يوقدون على قلبهما بالحديد والنار والمكيدة في فلسطين، وتسجل الأيام أروع قصة من قصص البطولات والإباء والتضحية في التاريخ كله، وتصبحنا الأنباء وتمسينا بما يبسط قلوبنا ويقبضها سروراً بانتصار إخواننا أو ألماً من اندحارهم

وتلتقي مشاعر المسلين والعرب لقاء عجيباً في هذه البقعة المقدسة من الأوطان العربية مما جعل الثورة الفلسطينية مبدأ عهد لتكوين الشعور الإسلامي والعربي، ومدار ذكرى ومداولات حول النفس العربية وتاريخها وخصائصها وجهادها ومستقبلها

فكيف تمر بنا هذه الحوادث الجسيمة، وتعرض على أعيننا وقلوبنا هذه المشاهد والمشاعر الفذة ثم لا تسجل تسجيلاً فنّياً خالداً في مطولات و (ملاحم) كما كانت حروب (طروادة) مدار أناشيد الإلياذة اليونانية؟

إن في شخصيات باعثي هذه الثورة وفي قوادها وفي جنودها رجالاً ونساء وفي شرفهم وسمو أخلاقهم وفي الأهوال التي تحيط بهم. . . معاني روائية نادرة ومنابع إلهام لذوي الأقلام

فمن يا ترى تنتدبه الأقدار وتصطفي قلمه لكتابة هذا الديوان الخالد كما اصطفت قلم الشاعر الكبير أحمد محرم لكتابة ديوان مجد العرب والإسلام الذي نرجو له التوفيق فيه؟

إني أخشى أن أشير بإصبعي في هذا المقام إلى بعض الشعراء الذين أعرف في خيالهم الواسع قدرة على ملء الفجوات التي بين الحوادث، وقدرة على تلوين الشخصيات والأحداث، وعلى الربط و (الحبكة) الفنية في الإخراج، وعلى خلق شخصيات خرافية عند اللزوم

أخشى هذه الإشارة حتى لا أصد بعض الذين قد يقعدهم أن ذكرهم نبأ عنه القلم في هذا المعرض. ولعل طبعهم الشاعر قد سما ونضج بالثورة الفلسطينية، و (قد يسمو الطبع الخافت لأن حادثة ما تحمله إلى الأفاق العليا من التفكير والأفتنان، كما تعلو العاصفة بالهشيم والريش إلى حيث تحلق ذؤابات الدوح وأجنحة النسور). كما يقول الأستاذ العقاد ومن منا لم تسم بمشاعره حوادث فلسطين وتفجر في طبعه الشعر النفسي الذي يفيض على القلوب في بحوره المرسلة؟

إني لم أتمن أن أكون من رجال الشعر المنظوم الذي يرضي نفسي إلا اليوم حتى أظفر بهذا الشرف العظيم

فيا شعرائنا عشاق الخلود!

ليس التغزل في جسد جميل أو كأس فاتنة، ولا البكاء المزري بالرجولة من نفس هلوك على حبيب هاجر وخدين غادر، ولا الخواطر الكزّة الضيقة في مناسبات الحياة الشخصية الأنانية، ولا الوصف التقليدي للطيارات والقطارات والإبل والأشجار والأطيار، ولا. . . ولا. . . إلى أخر المكرور المعاد من العناوين المتوارثة كما تورث الأوعية والآنية ليصب فيها. . . ليس كل أولئك شيئاً ذا خطر ورجاحة في ميزان المواريث الأدبية الخالدة، لأنها لا تقترن بالنفس العربية العامة الواحدة في كل الأشخاص والأمكنة والأزمنة. . . وما لم يكن على الأثر الأدبي هذا الطابع طابع العموم والشمول فلن يحظى بالخلود

وفي الثورة الفلسطينية أوتار تتصل بكل قلب عربي ومسلم، فمن استطاع أن يجمع هذه الأوتار في يده، وأن ينشد عليها بإيمان وفن واستغراق، فسيذهب نشيده مردداً في كل يوم وفي كل مكان وبكل لسان. . .

وإذا مرت الثورة الفلسطينية من غير شاعر واحد يرصدها ويغني لها ويندب. . فأخشى أن يحكم المستقبل على شعرائنا أنهم (قليلو الملاحظة: يذهبون إلى الغابة للبحث عن وقود ثم يرجعون فارغي الأيدي!) كما يقول المثل الإنجليزي. . . أو أنهم يجرون وراء السراب ويتركون الأنهار المتفجرة. . .

عبد المنعم خلاف

حاجي بابا في إنجلترا

نشرنا في مجلتنا (الرواية) قصة بهذا العنوان للكاتب الإنجليزي جيمز موير وصف فيها بعض النواحي الاجتماعية في بلاد إيران أوائل القرن التاسع عشر. فخشي بعض إخواننا الإيرانيين أن يخلط القراء بين إيران القديمة وإيران الحديثة، مع أن المؤلف حدد زمن القصة بسنة 1822. والواقع أن حاجي بابا لا يمثل في ذلك العهد إيران وحدها، وإنما يمثل مصر والشام والعراق وتركيا تمثيلا رائعاً لا يناقض الحقيقة. ومن يقرأ هذه القصة ثم يزر هذه البلاد اليوم يدهشه هذا التطور الذي نال العقلية الإسلامية في مدى قرن من الزمان. فإن تفتح الأذهان في تركيا وإيران ومصر للآراء الجديدة والمدنية الحديثة لا يدع مجالا للشك في حيوية الإسلام ومرونة الشرق.

إلى الأستاذ الكبير فليكس فارس

تحية معجب أبعثها في هالة من معاني الشكر التي هي جواب لقرار الوفاء. . . وما الوفاء إلا صدى هديتك التي بعثتها إلينا عن طريق الرسالة

أشرفت من فوق منبرك على عالم زاخر بشتى المعاني زادني يقيناً بأن الشرق هو الشرق وأننا كلنا على تباين أمصارنا أمة واحدة. . . وكأن كتابك هذا قد خلفني خلفة ثانية ذات مناعة لا تقبل مبادئ المترجمين المقلدين في رأيي وإن كانوا في رأي أنفسهم مجددين مبدعين

فشد على يدك فأنت صاحب رسالة ورسول بعث، فألق من فوق منبرك الهدايا، وادحض ببيانك وحججك أباطيل المخدوعين المغرورين. أيدك الله بروح من عنده وجعلك في الأواخر مقام المجاهدين العاملين في الأوائل. . .

(الزقازيق)

محمد جمال الدين درويش

بعثة الأمام محمد عبده

كان الدكتور محمد بهي قرقر والدكتور محمد ماضي عضوا بعثة المرحوم الشيخ محمد عبده قد أتما دراستهما في جامعة هامبرج في ألمانيا ونالا إجازة الدكتوراه منها. ثم رغبا إلى مشيخة الأزهر أن تطيل مدة البعثة لهما سنتين لينالا درجة الأستاذية من هذه الجامعة. وعرض هذا الموضوع على المجلس الأعلى في إحدى جلساته السابقة كما عرض عليه ما أظهرته المشيخة من الرغبة في سرعة الاستفادة من عضوي هذه البعثة وتعيينهما للتدريس في الأزهر فرأى المجلس الأعلى للتوفيق بين رغبة المشيخة في سرعة الاستفادة منهما وبين رغبتهما في الحصول على درجة علمية كبرى من جامعة هامبرج أن يعود إلى ألمانيا لمدة فصل دراسي واحد ثم يرجعا إلى مصر للعمل في التدريس بالأزهر على أن يصرح لهما بعد ذلك بالسفر لأداء الامتحان لدرجة الأستاذية في الوقت الذي يطلبان من المشيخة السماح لهما بالسفر فيه.

وقد أرسلت مشيخة الأزهر في طلبهما لالحاقهما بوظائف التدريس في بدء السنة الدراسية القادمة على أن يعودا لأداء الامتحان في السنة القادمة.

العريان يؤرخ الرافعي الخالد

نشرت مجلة اللطائف المصورة في عددها الماضي ما يلي:

منذ نحو تسعة شهور والأستاذ محمد سعيد العريان ينشر في (مجلة الرسالة) فصولاً متتابعة في كل أسبوع عن حياة المغفور له السيد مصطفى صادق الرافعي أبي البلاغة والبيان الذي فقده عالم الناطقين بالضاد في العام الماضي. وقد أذيع أنه سيجمع هذه الفصول الثمينة بين دفتي كتاب يصدره قريباً

والأستاذ العريان معروف بأدبه وسعة إطلاعه. وقد لازم الرافعي العظيم ملازمة طويلة، فكان الفقيد يملي عليه كتاباته ويستشيره في معظم أعماله وأسراره، فأحاط علماً بشخصية الرافعي ووفق إلى دراستهما دراسة مستفيضة. . .

فهو بذلك خير من يتحدث عن الرافعي ويؤرخ حياته وأخلاقه وفلسفته والعوامل التي أثرت عليه وكونته، وطريقته في الكتابة وتسجيل خواطره العالية، وما هي المناسبات والظرف التي كانت تدعوه إلى تأليف الكتب والقصص والمقالات. . .

ولا شك في أن هذا العمل من الأستاذ العريان يعد خدمة أدبية كبرى تفيد الأجيال القادمة أكثر من أفادتها للجيل الحاضر، ولو وفق الأستاذ العريان في تاريخ حياة الرافعي فإنه سيخلد مع الرافعي، فإن كثيرين من الأدباء العالميين اشتهروا وخلدوا بوضعهم المؤلفات عن حياة أدباء سبقوهم أو لازموهم. وقد اشتهر الأديب الكبير (بوزوبل) بملازمته للأديب جونسون وكتاباته عنه. وليس الرافعي بأقل قيمة من (جونسون) فهو شخصية أدبية خالدة شهد لها أقطاب الفكر بامتلاكها ناصية البيان، وقل من يستطيع دراستها والإلمام بها وتحليلها، وهي جديرة بأن تكتب حولها الرسالات التي تجيز لصاحبها أرفع الشهادات الأدبية. . .

فنحي في الأستاذ العريان وفاءه للرافعي في عصر يكاد ينعدم فيه الوفاء، ونثني على خدمته الأدبية الكبرى لعالم الأدب، ونشكر مجلة الرسالة الغراء، مجلة الأدب والفكر الرفيع، مجلة الرافعي الخالد، على تسهيلها للأستاذ العريان مهمته وقيامها بتسجيل هذه الفصول الثمينة عن حياة أبي البيان

للحقيقة والتاريخ

نشرت الرسالة الغراء بعددها رقم 270 مقالة بعنوان (فلسفة الأسماء) للأستاذ السيد شحاتة. وقد جاء في هذا المقال (ولما ظهر الإسلام تطورت الأسماء عند العرب إذ سمي النبي (محمداً) مع أنه لم يسم أحد من قبل بهذا الاسم) والحقيقة أن هناك من سمى باسم محمد في الجاهلية وهم ثلاثة:

1 - محمد بن سفيان بن مجاشع جد الفرزدق الشاعر المشهور

2 - محمد بن أحيحة بن الجلاح أخو عبد المطلب لأمه

3 - محمد بن حمران بن ربيعة

أما أحمد فلم يسم به أحد في الجاهلية وأن جاء التبشير فيه، قال الله تعالى (وإذ قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل أني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد)

محمد عبد الغفار

مجلة الأمالي - بيروت

وصلنا العدد الأول والثاني من مجلة (الأمالي) التي يتعاون على إصدارها في لبنان إخواننا الأساتذة الأدباء: محمد علي الحوماني، والدكتور محمد خيري النويري، وعارف أبو شقرا، والدكتور عمر فروخ. ومجلة الأمالي هي شيء جديد في صحافة لبنان، تنقل عن شرقية أصيلة وثقافة شاملة ومنطق متزن، وتشير إلى نهضة متوثبة في الآداب والفنون، وترمي إلى أهداف نرجو لهم فيها التوفيق والسداد. اشتراكها السنوي 750 مليما وعنوانها:

بيروت - صندوق البريد 941