مجلة الرسالة/العدد 278/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 278/البريدُ الأدَبي

مجلة الرسالة - العدد 278
البريدُ الأدَبي
ملاحظات: بتاريخ: 31 - 10 - 1938



أحكام الشريعة الإسلامية في تعديل القوانين

قدم نائبان محترمان اقتراحاً هاماً يتضمن (1) مراعاة الشريعة الإسلامية كلما أريد تعديل في القانون القائم (2) رد القوانين القائمة بقدر الإمكان إلى أحكام الشريعة الإسلامية (3) إدخال عنصر يمثل الفقه الإسلامي في لجنة تعديل القوانين. . . وقد سبق أن بدأ الدكتور السنهوري النضال من أجل هذه الغاية، وقد وافق مؤتمر القانون الأخير على حسبان الشريعة الإسلامية مصدراً عظيماً من مصادر التشريع العام الذي يحرص كل الحرص على خير الإنسانية وتوزيع العدالة بين أفرادها والذي نرجوه في هذه الحركة أن تقوم كلية الشريعة بنصيبها في العناية بهذا الأمر فتصل أسبابها بأسباب كلية الحقوق وتقرر دراسة القانون المقارن بها وتوسع مدى دراستها الأخرى حتى يتيسر لخريجها مشاركة إخوانهم خريجي الحقوق في دائرة اختصاصهم وبذا يتسع مجال المستقبل لأبنائها وتحيا الشريعة الإسلامية على أيديهم.

كتاب المسيو هريو عن مصر

نشر في الأسبوع الماضي بباريس كتاب المسيو هريو عن سياحته في مصر وفيه مقدمة بإهدائه إلى محمود فخري باشا وزير مصر المفوض عن باريس منوهة (بالشكر والامتنان والصداقة)

وقد قدم المسيو هريو إلى معاليه نسخة ممتازة من هذا الكتاب راجياً أن يتولى رفعها إلى جلالة الملك فاروق

شعر سافو بين أوراق البردي المصرية

ذكرت جريدة (كوردبيري لاسيرا) أن الأستاذ فوليانو اكتشف شعراً من نظم الشاعرة الإغريقية سافو. ويقيم البرفسور فوليانو عادة في برلين ولكنه يدرس آداب اللغة اليونانية في جامعة ميلانو

وكان في المدة بين سنة 1934 و1937 يدير البعثة الأثرية التي اشتغلت في مصر في منطقة تبتوتنس وإحدى المدن بالفيوم وكان من نتائج أعمال هذه البعثة أن حمل الأستاذ.

فوليانو إلى إيطاليا 12 ألف ورقة من أوراق البردي وجدت في أم البريجات.

ويقال أن الجزء الأكبر من هذه الأوراق جاء من محفوظات إحدى الأسر الغنية التي عاشت في العهد الواقع بين الإمبراطورين طيبريوس وكومودس

وكان الأستاذ فوليانو يشتغل منذ ذلك الوقت بدراسة دقائق هذه الأوراق فوجد قطعا هامة من بينها هذه القطعة المجهولة من شعر سافو الذي يوجد نصفه الآن في برلين حيث تنسخ قبل نشرها على العالم

هتلر والسامية

لعوامل اقتصادية وسياسية أخذ الزعيم هتلر ينمي الغرور القومي في نفوس الألمان بترديد ما زعمه (رينان) ومن ذهب مذهبه من تقسيم الناس إلى آريين وساميين، وقولهم إن الآريين يمتازون في أصل الخلقة بالعقل والأصالة والكفاية والسمو.

ويرمي من وراء ذلك إلى تبرير ما يصنع مع اليهود من الاضطهاد والمصادرة والطرد، وتسويغ ما يطمح إليه من سيطرة النازية على شعوب الشرق. وفكرة هذا الامتياز لا تعتمد على أصل من العلم ولا سند من الواقع، على فرض أنك تستطيع وضع الحد الفاصل بين الآري والسامي. أما إذا علمت ما تقتضيه طبيعة الوجود من المزج الدائم بين الأجناس والتداخل المستمر بين الأمم، وعرفت اختلاف العلماء في موطن الآريين: أهو في وسط أسبانيا أم حول بحر البلطيق، فلا يداخلك الشك في أن الفكرة خرافة لا تنبت إلا في رأس مستعمر ماكر أو متعصب حاقد. والذي يعنينا من هذه الفرية أن هتلر جعل المصريين في الجنس الذي حكم عليه هو بالتأخر، ورمانا بالعجز والزماتة والانحطاط في كتابه (كفاحي) (صفحة 656 من الأصل) ونسى هذا السياسي المتعصب تاريخ المدنية وما قدمه الفراعنة والعرب للعالم من عبقريات الذهن وروائع الخيال وآيات الهداية. ولكن الدكتاتورية طغيان؛ والطغيان يتجاوز الحدود في كل شيء فلا يقف عند علم ولا منطق ولا عدالة

من نثر الأستاذ قسطاكي الحمصي

قرأت في (الرسالة) الغراء خطبة الأستاذ الفاضل السيد اسعد الكوراني في الحفلة التي أقامها الأدباء والكبراء في حلب تكريما لصاحب السعادة الأستاذ (قسطاكي بك الحمصي) وقد اطلعت على كتاب كريم بليغ كان الأستاذ قسطاكي بك قد بعث به إلى صاحب له أهدى إليه رسالة في مبحث علمي، فرأيت أن أنحف به القراء مضافا إلى ما رواه الأستاذ الكوراني من نثر هذا السرىَّ العالم الأديب الكبير

يا صديقي

وصلتني كلمتكم. . . فسرحت طرفي منها في روضة بلاغة نقَّطت أزهارها الغمائم، بل في عالم فضل جمع شتيت العوالم. ونقلتني سطورها الموجزة إلى الهند والصين، ورفعتني آياتها المعجزة إلى أعلى علّيين. وأبعدت بي في المكان والزمان، حتى حادثني كهنة مصر وفلاسفة اليونان. بل جاوزت بي عصور الخلق الحيواني وأحقاب ظهور النبات، بل تعدت ما قبلها من الدهور السحيقة لتكوَّن الجمادات. ثم حلقت بي على أجنحة الفكر وأقدام الخيال، فجوَّلت في العوالم الشمسية، ومن لي بشرح ذيالك التجوال. وعاينت بأعين العلم ما تعجز عن إدراكه أعيان الحس من آيات الجمال. ثم حدرتني إلى عالمنا السيّار، وسايرتني إلى آخر الإعصار. وعرَّفتني جماعة من الحكماء الكبار كباكون ونيوتن وسبنسر ودروين وكنت ولامرك وهيكل علَم المتأخرين، وكثيراً من إضرابهم من تطأطىء لفضلهم شوامخ الرءوس، ويقال عند ذكر أسمائهم: لا عطر بعد عروس. فيا حبذا كلمتك وما أوجزت، ولله درك ولله أنت. لازلت تدير علينا من صهباء فضلك كؤوسا، وتطلع من سماء معارفك بدورا وشموسا

حلب في 25 شباط سنة 922

قسطاكي الحمصي

ذلك كتاب العلم والفضل والأدب والوجاهة في مدينة سيف الدولة، وعماد الدين وابنه نور الدين، وإبراهيم هنانو، وابن يعيش، واحمد بن الحسين القائل:

نحن أدرى وقد سألنا بنجد ... أقصير طريقنا أم يطول؟

وكثير من السؤال اشتياق ... وكثير من رده تعليل

كلما رحَّبت بنا الروض قلنا: ... (حلب) قصدُنا، وأنت السبيل

القارئ غاندي وتشكسلوفاكيا

كتب غاندي في جريدته (هاريجان) فصلا مناسبة المشكلة التشكسلوفاكية عاد فيه إلى مثُله العليا يجترها ويبدي فيها ويعيد، ومن رأيه أن أوربا قد باعت روحها من أجل التمتع بهذه الدنيا فترة قصيرة أخرى من الزمان. ومن رأيه أيضاً أن السلم الذي جاء ثمرة لمؤتمر ميونخ هو فوز للقوة كما إنه هزيمة لها في الوقت نفسه. . . ثم استولى على غاندي وسواسه الصوفي فعاب على التشك إذ عانهم للقوة بعد أن تخلت عنهم فرنسا ومن وراءها إنجلترا. وكان من رأيه أن يشهروا في وجه الألمان سلاح المقاومة السلبية دفاعاً عن الشرف الوطني، لأنه إذا كان من الشجاعة أن يقضي المرء في محاربة عدو يفوقه في القوة والعدد، فانه يكون أكثر شجاعة إذا رفض أن يحارب ورفض أيضاً أن يذعن. وما دام الموت هو النتيجة في الحالتين فخير للإنسان أن يكشف صدره للعدو ليقتله، من أن يمد إليه يده ليقتله، أو يملأ جوانحه بالحقد عليه) - وروح العصر الذي نعيش فيه تسمي كلام غاندي تخريفاً يريد أن يرى الناس كلهم فلاسفة. ونحن لا نشك في أن هذه الفلسفة الغاندية هي علة شقاء الهند وسبب فشلها في نضالها ضد الإنجليز. ورحم الله المتنبي حيث يقول:

وإذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز أن تكون جباناً

نادي الشبان الإنجليز

في سبتمبر الماضي فكر رجال التربية الإنجليز في تأسيس ناد للشبان الذين هم دون العشرين ولا يقلون عن الخمسة عشرة سنة، وقد تأسس هذا النادي العجيب بالفعل وعقدت أولى جلساته في مساء الرابع من أكتوبر الحالي فكانت جلسة غريبة جمعت الأخلاط والأشتات من الشبان والشابات من جميع الطبقات، وستعنى وزارة التربية الإنجليزية بجلسات هذا النادي فتعين لكل منها مرشداً من أبرز رجال الفكر في إنجلترا فيحاضر الأعضاء في موضوع خاص يختاره هو من الموضوعات التي تهم الشباب والتي تؤهلهم دراستها لفهم الحياة الصحيحة والمفروض في المحاضر أنه لا يفرض آراءه على الأعضاء ولذا فهو مستعد لمناقشتهم بعد المحاضرة ولا بأس من النزول على وجهة نظرهم إذا كانوا هم المصيبين. ووزارة التربية تنشد من وراء هذا النادي تنشئة الشباب على حرية الرأي والاتصال المباشر بزعماء الفكر في البلاد، وبتغير أعضاء النادي في فترات قصيرة، وليس في ذلك تفويت الفرصة على من لا يحضر الجلسة لأن الأحاديث تذاع كلها من محطة الإذاعة البريطانية فيصغي إليها جميع الأعضاء الآخرين

في قول الإمام العكبري

أورد من قول العكبري في الفعل (استحيا) ما فيه الإيضاح الشافي لأن (رسالتنا) الكريمة، لسان حالها يقول مقال صاحب (الكشاف): (أنضج رأيك إنضاجاً، ولا تخدجه إخداجاً)

قال الإمام العكبري: (لا يستحي: وزنه (يستفعل) و (عينه لامه) ياءان، وأصله الحياء، وهمزة الحياء بدل من الياء، وقرء يستحي بياء واحدة، والمحذوفة هي (اللام) كما تحذف في الجزم ووزنه على هذا (يستفع) إلا الياء نقلت حركتها إلى (العين) وسكنت، وقيل المحذوف هي (العين) وهو بعيد)

(* * *)

المؤتمر التمهيدي للشباب العربي

تلبية للنداء الذي وجهه إخواننا العرب في المهجر إلى العالم العربي، أجمع فريق من الشباب - يمثل الهيئات وشتى النزعات - على عقد مؤتمر تمهيدي للشباب العربي يبحث في أهم شؤون القضية العربية من جهة، ويكون بمثابة خطوة أولى لعقد مؤتمر عربي عالمي من جهة أخرى

ولا ريب أن أهم ما يضعف الحركة القومية العربية هو انقسام أبناء الوطن العربي الواحد إلى أحزاب متنابذة متشاكسة وعدم الاهتمام برفع مستوى الشعب الثقافي والاقتصادي، وإنقاذه من الأمية والبؤس، وإيقاظ الوعي القومي الشامل، بوسائل فعالة تتجلى آثارها في ارتباط الأواصر ووثوق الصلات بين منظماته الشعبية المختلفة، فيؤدي اشتراكها في الحركة الوطنية - وهي في هذه الدرجة من الوعي والشعور المشترك - إلى نمو تلك الحركة واتساع أفقها

ولقد درست اللجنة التحضيرية للمؤتمر التمهيدي للشباب العربي هذه القضايا واتفقت بالجماع على برنامج شامل يبحث في أهم عناصر الحركة القومية العربية لتكون أساساً لأعمال المؤتمر التمهيدي

واللجنة التحضيرية تأمل أن تتلقى جوابكم الكريم على دعوتها لحضور هذا المؤتمر حال وصول هذا البيان إليكم، كما أنها ترجوكم إذا أردتم المساهمة في بحث نقط من نقاط المنهج المرفق بهذه الدعوة أن تبعثوا بكلمتكم إليها قبل موعد انعقاد المؤتمر بعشرة أيام على الأقل ليتسنى لها ترتيب أعماله وتنظيم شؤونه

وسيعقد المؤتمر في مدينة دمشق في الرابع والعشرين من شهر تشرين الثاني سنة 1938 الموافق لعطلة عيد الفطر المبارك

منهج المؤتمر التمهيدي للشباب العربي

أولاً: المؤتمر قومي شعبي عربي

ثانياً: يعتبر المؤتمر أن القومية العربية هي مظهر الشعور الشامل للشعب القاطن في البلاد العربية المرتبط بجامعة اللغة والثقافة والآلام والأماني والبيئة الجغرافية

ثالثاً: يعتبر المؤتمر أن الحركة القومية العربية هي الإفصاح العملي عن شعور التضامن الذي يشمل العرب في شتى أقطارهم، وهو يرى أن من أهم عناصر الحركة القومية ما يلي:

أولاً: التحرر من الاستعمار الأجنبي بالوسائل التالية:

أ - إيقاظ الوعي القومي بين سائر أفراد الشعب ومكافحة الدعايات الأجنبية

ب - تضامن العرب في سائر أقطارهم للحصول على استقلالهم وحرياتهم

ج - تحقيق التنظيم الشعبي الحر ضمن أهداف الحركة القومية العربية

د - تأمين حرية الفكر والكلام والاجتماع وسائر الحريات العامة والفردية للعرب في كل قطر من أقطارهم

أ - نشر الثقافة بين جميع أفراد الشعب

ب - تعميم التعليم الابتدائي الإجباري المجاني، وتوحيد برامج التعليم في الأقطار العربية

ج - إنشاء مؤسسات ثقافية شعبية في كل قطر من الأقطار العربية والسعي للتقرب بينها

د - تحرير المرأة بتعليمها وتثقيفها

ثالثاً: إنقاذ الشعب العربي من الفقر والبؤس بالوسائل التالية: أ - الانتعاش الاقتصادي العام

ب - تشجيع الإنتاج الوطني الزراعي والصناعي وحفظ ثروة البلاد الطبيعية

ج - توثيق العلاقات الاقتصادية بين الأقطار العربية والعمل على رفع الحواجز الجمركية بينها

د - رفع مستوى حياة الشعب

رابعاً: إيجاد صلة وثيقة بين العرب وإخوانهم في المهاجر ودعوتهم للمساهمة العملية في إنهاض البلاد اقتصاديا وثقافياً واجتماعياً وسياسياً