مجلة الرسالة/العدد 285/أتوق
مجلة الرسالة/العدد 285/أتوق
لشاعر الهند رابندرانات طاغور
بقلم الآنسة الفاضلة (الزهرة)
أتوق إلى مخاطبتك بأدق الكلمات وأملأها بالمعاني العميقة التي تجيش في حنايا قلبي،
ولكني لا أجرؤ خشاة أن تضحكي مني
لذلك أضحك من نفسي، وأشجب سري الخفيِّ بالهز والتنادر، وأذيعه في شظايا النكات
والإشارات
وأستخف بألمي لكيلا تستهيني أنت به
أتوق إلى مصارحتك بأصدق الكلمات، ولكني لا أجر خشاة ألا تصدقيها. . .
لذلك أطويها في رداء التمويه، وأضفي عليها أبراد الكذب وأقول عكس ما أبطن، وأجعل
ألمي يبدو بلا سبب ولا علة لكيلا تري أنت فيه هذا الرأي
أتوق إلى صوغ أثمن الكلمات التي أدخرها لأجلك، ولكني لا أجرؤ خشاة أن تبخسيها
حقها وتصفقيني صفقة الغبن والخسران
لذلك أنتحل لك صفات فظة، وأطلق عليك أسماء غليظة وأتبجح بقسوتي وصلابتي،
وأباهي بقوتي وأيدي، وأنالك بالأذى خشاة ألا تفقهي للألم معنى أو تذوقي لمرارته طعماً
أتوق إلى الجلوس قربك صامتاً، ولكني لا أجرؤ لئلا يقفز قلبي من بين شفتي ويترامى
تحت قدميك
لذلك أثرثر وأهذر وأتنادر لكي أخفي سر قلبي وراء ألفاظي وأتلاعب بألمي في عنف
دون هوادة ولا رفق خشاة أن تتلاعبي أنت به. . .
أتوق إلى الابتعاد عنك، ولكني لا أستطيع أن أجد إلى الفرار منك سبيلا، لئلا ينكشف
أمامك جبني، ويستعلن لك خوفي ووجلي. . .
لذلك أرفع رأسي بافتخار، وأشمخ أنفي في شمم، وأمثل أمامك غير حافل ولا مبال. مع
أن السهام المنطلقة من عينيك على الولاء تجدد ألمي باستمرار. .
(الزهرة)