مجلة الرسالة/العدد 287/تحية الرسالة في عامها السابع

مجلة الرسالة/العدد 287/تحية الرسالة في عامها السابع

مجلة الرسالة - العدد 287
تحية الرسالة في عامها السابع
ملاحظات: بتاريخ: 02 - 01 - 1939



للأستاذ محمود الخفيف

أَشْهى مِنَ الوَرْدِ ومن نشْرِهِ ... ولَمحَةِ الفرْدَوْس من سِحْرِهِ

ومن رُوَاءِ الكونِ مُسْتَشرِفاً ... للرَّائع الْمنهَلِّ من فَجْرِهِ

وَمِن جبين الصُّبح في مَهْدِهِ ... وذَائِبُ الطَّلِّ على ثَغْرِه

تُجَاوِبُ الأَنْفُسُ مَسْحُورَةً ... سوَاجِعَ الأَبكار من طَيْرِهِ

ومن رُؤَى الحُلْمِ وأَطْيَافِهِ ... وَيقْظَةِ الرُّوح على ذِكْرِهِ

ومن سِمَات العيد في ضَحْوَةٍ ... تَزِيدُهُ بشْراً على بشرِهِ

صَحِيفَةُ المشْرق في جَلْوَةٍ ... تُرِيك معنى البَهْرِ من سِرِّهِ

رِسَالةُ الجيلِ على وَمْضِها ... يَسْتَقْبِلُ النَّابهَ من عَصرِهِ

صَبَاحُهَا اللَّمًاحُ يُوحي لَهُ ... فَيَنْشَقُ الآمالَ في عِطْرِهِ

يَلْتَفِتُ الشرقُ إلى عيدِها ... فيَسْتَثِيرُ العيدُ من فخره

تهزُّه من أَمْسِهِ لَمْحَةٌ ... تَبْتَعِثُ الذَّاهِبَ من كِبْرِهِ

ويزْدَهيهِ الْجِدُّ في يومِهِ ... وَوَثْبَةُ الْمُفْلِت من أَسْرِهِ

يسابقُ العصرَ إلى غاية ... تُنْسِيهِ ما يلْقَاهُ في سيره

سِيري عروسَ الشرق مَوْمُوقة ... على هُدى السَّالِفِ من دهرهِ

ثوري على الجهْلِ وأَسبَابه ... وحَرِّرِي الأعناق من نِيرِه

وَجَنِّبي المشرِقَ ما غرَّهُ ... من زُخْرُفَ العَصْرِ ومن زُوره

ومن سَرَابٍ ظَنَّهُ كَوْثراً ... لو لم يكُنْ صَدْيَانَ لم يُغْرِه

ومَزِّقِي الوَهْمَ فكَمْ مَسَّهُ ... فبَاتَ مَغْلُوباً على أمْرِهِ

ما كانَ لوْلا الذُّلُّ يرضى بما ... أَسْدَلَهُ البَاطِلُ من سِتْرِهِ

هاتي من الشرقِ أحادِيثَهُ ... وأَيْقِظِي الذَّاهلَ من سُكْره

قُصِّي عليه الحق كيفَ انجَلَتْ ... آيتُهُ الكبرى لَدَى بَدْرِه

وَحَدِّثِي الغَافِلَ عن مجده ... عن (خالِد) الشرق وعن (عَمْرِه)

ويُمْنِ (هارونَ) وإقبَالِهِ ... ومُلْكِ هارون على بُترِ مِئْذَنَةُ الحق على صَوْتِها ... لم يبْق ذو وَقْر على وَقْرِه

تَرن في المشرق أَصْدَاؤُها ... من أرْبُعِ الهند إلى مِصْرِه

بغدادُ لا تنفكُّ تَهْفُو لها ... كما هفَا الرُّوضُ إلى قَطْرِهِ

كمْ أطْلَعَتْ آفَاقُهَا أنجُماً ... هُمْ في سمَاء الشرق من زُهْرِهِ

وجَارَةُ الوَادِي تَصُوغُ الهوى ... عِقداً يغَارُ الزهْرِ من طُهْرِه

شبابُهَا الأحرارُ كم بينهم ... من عُدَّةِ الجيل ومن ذُخْرِه

صحيفةُ المشرق قد أَلَّفَتْ ... أشبَالَه الغُرَّ على نَصرِه

دِعامَةُ الفُصْحى وبُرهَانُها ... تَدْعو إلى اللهِ على أمرِه

ما نَسِيَ الشرقُ لها عَزْمَهَا ... في حُلْوِ ما تَلْقى وفي مُرِّهِ

ما حفِلَتْ يوماً بغير العلى ... ولم تُجِب غِراً على هُجْره

كمْ نابه مدَّ لها كفهُ ... بالرائق السلسال من فكره

وناهض لولا أياد لها ... مَرَّ به العَصرُ ولم يدْرِه

وَسَاجِعٍ في ظِلِّهَا رَقْرَقَتْ ... روائع الآياتِ من شِعْره

وناثِرْ بنَانُهُ سَاحِرُ ... تَرَى بديعَ الوشْى في نَثْرِه

ومُبْدِعٍ في الفن هَشَّتْ له ... فجاَء بالمُعْجِب من بِكْره

ومُلْهَم يحكي عهود الهوى ... فَتَسْكَر الألبابُ من خَمْرِه

صحيفةٌ يَبْسُطُهَا أرْوَعٌ ... في سِرِّهِ الصدقُ وفي جَهْرِهِ

ألقت له الفصحى مقالِيدَهَا ... فجاَء بالمُعْجِزِ من دُرِّهِ

كم غايَةٍ في الفن دانَتْ له ... طوعاً وقَدْ عَزَّتْ عَلَى غيره

لا تَبلُغُ الأحْقادُ من نَفْسهِ ... ولا ينالُ الغَدْرُ مِنْ صَبْرِهِ

لا عُسْرُهُ يثنيهِ عَن قَصدِهِ ... ولا يُسيغُ الزَّهْوَ في يُسْرِهِ

حَيَاؤه أَجْمَلُ أوْصَافِهِ ... ولا يَدِقُّ المكْرُ عنْ مَكْرِهِ

بيانُهُ سَمْحٌ إذا ساقه ... لا يَنْفُذُ الغِلُّ إلى صَدْرِه

يَبْنِي عَلَى الأخْلاْقِ من مَجْدِهِ ... ما تَعْجِزُ الأحداثُ عن قَهْرِهِ

لا زال يُولِيه الهُدى نورَه ... وَتَرْفَعُ الأيَّامُ من قَدْرِه الخفيف