مجلة الرسالة/العدد 297/قومي بين الشرق والغرب

مجلة الرسالة/العدد 297/قومي بين الشرق والغرب

ملاحظات: بتاريخ: 13 - 03 - 1939



للأستاذ محمود غنيم

قومي لأنتم عبرةُ الأقوامِ ... هل تُنْسبون ليافثٍ أو سامِ؟

أبناء عمي من نزارَ ويعربٍ ... ليسوا بأعراب ولا أعجام

يترسمون الغرب حتى يوشكوا ... أن يعبدوه عبادة الأصنام

ما قلدوهم مبصرين وإنما ... تبعوا نظامهمُ بغير نظام

للغرب عادات كغازات سرت ... في الشرق مسرى الداء في الأجسام

إني رأيت جيوشه لم تغزنا ... في الحرب بل في ملبس وطعام

لا تأمنوا للمستعمرين فكم لهم ... حرب تقنع وجهها بسلام

حرب على لغة البلاد وعادها ... ليست تُشَنُّ بمدفع وحسام

والشعب إن سلمت له عاداته ... ولسانه لم يخش قطع الهام

ما صاغ ربك من نضار خالص ... شعباً، وشعباً من حصى ورغام

هي محض أوهام أعيذ الشرق من ... أمم تعيش أسيرة الأوهام

أني أعيذ الشرق من متمسَّح ... بالأجنبي لقومه هدام

إِنْ لاَمَ غربيٌّ على أوطانه ... أنحى بلائمة مع اللوام

وإذا رنا نحو الغريب فإَنما ... يرنو بمجهر راصد الأجرام

وإذا أعار بني أبيه نظرة ... فبمقلة الأعمى أو المتعامي

والعين تخدع ربها. ولربما ... خلقت عمالقة من الأقزام

وإذا تنكر للحمى أبناؤه ... فهمو أضرُّ له من الأخصام

ما بال بحر الروم من يجتازه ... يوماً تناسى سالف الأيام؟

فإذا به خلق جديد. ما مضى ... من عمره حلم من الأحلام

تتغير الدنيا عليه فكلها ... في عينه نقص بغير تمام

هل تغرق العادات من أربابها ... في ذلك البحر الخضم الطامي؟

ما اجتاز شرقي عجاجة موجه ... إلا وعاد مزوداً (بمدام)

إن التكافؤ في الدماء فريضة ... ولو أنها لم تأت في الأحك وهو القران إذا تخالف أهله ... وطناً فعقدته لغير دوام

كم زيجة مازال يدَمي جرحُها ... ومن الجروح ذوابلٌ ودوام

لا أعرف العربي يكشف رأسه ... نحو المجالس مومئاً بسلام

إِنْ زِيرِ تخرجُ عِرسهُ من دونه ... للزائرين بثغرها البسام

بدوارس الأطلال يلحق أمه ... ويرى أباه رابع الأهرام

يعصي الإله. فإن أشارت عرسه ... بإشارة فالقول قول حذام

ويكاد يسلخ نفسه من قومه ... لو تُستطاع قطيعة الأرحام

ويكاد يمسخ خلقه لو كان في ... يمناه قلب معالم الأجسام

لا أعرف العربي يلوي فكه ... إن هَمَّ يوماً فكه بكلام

إن فاهَ تسمعُ لكنة ممقوتة ... من فيه سكسونيةَ الأنغام

لفظاً من الفصحى وآخر نابياً ... كالقار ممزوجاً بكاس مدام

لغة إذا قرعت بجندل لفظها ... أذن السميع شكت من الآلام

لهفي على الفصحى رماها معشر ... من أهلها. شلت يمين الرامي

لم يهتدوا لكنوزها فإَذا همو ... يرمونها بالفقر والإعدام

الدر في طي البحور مخبأ ... والتبر - إن تنشده - تحت رجام

لن يستعيد العُرْب سالف مجدهم ... ولسانهم غرض لكل سهام

إن يرفعوا ما انقضَّ من بنيانهم ... فالضاد أول حائط ودعام

أبني نزار ويعرب أوصيكمو ... بذخيرتين الضاد والإسلام

إن جاءكم باسم الثقافة ملحد ... في دينه فطؤوه بالأقدام

العلم وضع العالمين وإنما الأ ... ديان وضع الواحد العلاّم

المسلمون على شتات ديارهم ... فرض الإله خضوعهم لإمام

الله بالجُمُعات وحَّد بينهم ... وبحج بيت في الحجاز حرام

دين ابن عبد الله دين باسمه ... قبض الرشيد على الورى بزمام

هو دولة كبرى وملك شامخ ... لا محض تكبير ومحض صيام

إن يُزْهَ شرقي بغير العرب من ... أجداده الأتراك والأروام فأنا الفخور بأنني لا ينتمي ... للغير أخوالي ولا أعمامي

إن تسألوا عني إلى من أنتمي؟ ... فإلى رعاة النوق والأغنام

أبغير مجد بني نزارَ ويعرب ... يُزْهى عراقيٌّ ويفخر شامي؟

(مدرسة الأورمان)

محمود غنيم