مجلة الرسالة/العدد 298/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 298/البريد الأدبي
النواحي الإنسانية في الرسول
قرأت كلمة للأستاذ زكي مبارك في العدد (297) من مجلة الرسالة الغراء تحت هذا العنوان، وقد بنى هذه الكلمة على أساس أن شخصية النبي ﷺ لم تدرس حق الدرس إلى اليوم في البيئات الإسلامية، لأن المسلمين يجعلونه رسولاً في جميع الأحوال، فهولا يتقدم ولا يتأخر إلا بوحي من الله، ولا يأخذ ولا يدع إلا بإشارة من جبريل.
ولو أن الأستاذ زكي مبارك رجع إلى ماضيه في الأزهر فقرأ شيئاً من كتب الأصول، لعرف أن المسلمين لم يكونوا بهذا الشكل الذي يصورهم به. وقد نعذر بعض المستشرقين إذا قال مثل هذا القول، ولكنا لا نعذر الأستاذ زكي مبارك، وقد تربى بين شيوخ الأزهر، ودرس الكتب الأزهرية، ووصل فيها إلى الحد الذي جعله يقدم نفسه من عامين لامتحان شهادة العالمية.
فليس بصحيح أن المسلمين يعتقدون أن النبي لا يتقدم ولا يتأخر في جميع أحواله إلا بوحي من الله، ولا يأخذ ولا يدع إلا بإشارة من جبريل، والذي يعرفه المسلمون جميعاً أن الوحي لم يكن له مع النبي ﷺ شأن في أمور الدنيا، حتى ورد عنه هذا القول المشهور: (أنتم أعلم بأمور دنياكم) وقد قال هذا حينما رأى قوماً يؤبرون النخل، فقال لهم: لو تركتموه لصلح، فتركوه اتباعاً لقوله ففسد، فلما رجعوا إليه قال لهم: أنتم أعلم بأمور دنياكم.
أما أمور الدين فقد جوز أكثر العلماء له الاجتهاد فيها بدون الوحي، وجوزوا عليه الخطأ فيها أيضاً، ولهذا عوتب في القرآن الكريم بقوله تعالى: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) وبقوله: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) وقال ﷺ: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى).
وقد منع بعض العلماء أن يجتهد النبي في الأحكام من نفسه واستدلوا بقوله تعالى: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحي) وأجاب الذين ذهبوا إلى جواز ذلك بأن هذا مختص بالقرآن الكريم، وقد جاء رد لما زعمه المشركون من افترائه له.
فهل بعد هذا كله يصح أن يقول الأستاذ زكي مبارك: إن شخصية الرسول لم تدرس عن المسلمين حق الدرس إلى اليوم؟ وهل من اللائق أن نتنكر لماضينا هذا التنكر؟
عبد المتعال الصعيدي
من ملك مصر والشام إلى ملك بيت المقدس
قاتلهم فكان خير مقاتل، وهادنهم فكان أفضل مهادن، وغلبهم فكان أكرم غالب، وتكلم في الحرب فكان القول زمجرة ونهيما، ونطق في السلم فكان الكلام عندلة وهديلاً، وللهيجاء لسان، وللموا دعة لغة. وكانت لهم في (بيت المقدس) مملكة استمرت مائة عام إلا قليلاً، ومات ملكها وبين (المغير والذائد) هدنة، فأرسل بهذا الكتاب معزياً، ونحن ننشره في (رسالة العرب والعربية) نموذجاً من أدب النفس والخلق العالي والسياسة الحكيمة.
إنه (صلاح الدين) تلميذ (محمد) خادم محمد، صلى الإله على محمد!
(كتب القاضي الفاضل عن السلطان (صلاح الدين يوسف ابن أيوب) إلى بردويل أحد ملوك الإفرنج، وهو يومئذ مستول على بيت المقدس وما معه، معزياً في أبيه، ومهنئاً له بجلوسه في الملك بعده، ما صورته:
أما بعد: خص الله الملك المعظم حافظ بيت المقدس بالجد الصاعد، والسعد الساعد، والحق الزائد، والتوفيق الوارد؛ وهنأه من ملك قومه ما ورثه، وأحسن من هداه فيما أتى به الدهر وأحدثه، فإن كتابنا صادر إليه عند ورود الخبر بما ساء قلوب الأصادق، والنعي الذي وددنا أن قائله غير صادق؛ بالملك العادل الأعز الذي لقاه الله خير ما لقي مثله، وبلغ الأرض سعادته كما بلغه محله؛ معز بما يجب فيه العزاء، ومتأسف لفقده الذي عظمت به الأرزاء؛ إلا أن الله سبحانه قد هون الحادث، بأن جعل ولده الوارث؛ وأنسى المصاب، بأن حفظ به النصاب، ووهبه نعمتين: الملك والشباب. فهنيئاً له ما حاز، وسقياً لقبر والده الذي حق له الفداء لو جاز. ورسولنا الرئيس العميد مختار الدين أدام الله سلامته قائم عنا بإقامة العزاء من لسانه، ووصف ما نلنا من الوحشة لفراق ذلك الصديق وخلو مكانه، وودنا الذي هو ميراثه عن والده من ودادنا، فليلق التحية بمثلها، وليأت الحسنة ليكون من أهلها؛ وليعلم أنا له كما كنا لأبيه: مودة صافية، وعقيدة وافية؛ ومحبة ثبت عقدها في الحياة والوفاة، وسريرة حكمت بالدنيا بالموافاة؛ مع ما في الدين من المخالفات. فليسترسل إلينا استرسال الواثق الذي لا يخجل، وليعتمد علينا اعتماد الولد الذي لا يحمل عن والده ما تحمل؛ والله يديم تعميره، ويحرس تأميره، ويقضي له بموافقة التوفيق، ويلهمه تصديق ظن الصديق)
ذلكم كتاب بطل المسلمين وقاهر الصليبين (صلاح الدين) وإن (معزي) ملك بيت المقدس هو (منقذ) بيت المقدس.
(الإسكندرية)
- * *
التصوف الإسلامي
أخي الأستاذ الزيات
يسرني أن أقدم إليك القصة الآتية: لما ظهر كتاب التصوف الإسلامي كنت أنتظر أن يقع من جميع الباحثين موقع القبول، ثم أزعجني أن يتلقاه بعض الناس بالكدر والامتعاض. وقد دلني ذلك على أن التضامن منعدم بين أدباء هذا الجيل.
وأعيذك أن تظن أني خائف على نفسي من لجاجة بعض الحاقدين. وكيف أخاف وذلك (البعض) واحد من جملة الذين عادوني وخاصموني ثم ارتدوا على أعقابهم خاسرين؟
أما الخوف على كتاب التصوف الإسلامي فهو لا يخطر في البال، لأن الكتاب سيشق طريقه إلى القلوب والعقول، ولو تظاهر الناس كلهم على دفع أمواجه الأدبية والفلسفية.
وإنما أشغل نفسي بهذه القضية لسببين: الأول حق التاريخ، والثاني حق الواجب.
أما حق التاريخ فهو تسجيل ظاهرة من ظواهر الأخلاق، لأن ذلك الأستاذ لذي يحارب كتاب التصوف الإسلامي هو رجل دفعت عنه كيد خصومه بكلمة قوية نشرتها في مجلة الرسالة، وما أمن عليه بما صنعت من جميل، وإنما أسجل أننا قد نخطئ مواطن الجميل في بعض الأحيان.
أما حق الواجب فهو دفع الأذى عن العقول التي تقبل على مؤلفاتي، فما يجوز أن أترك أنصاري عرضة لأراجيف المتقولين والحاقدين.
فما الذي عابه ذلك الأستاذ المفضال؟
1 - قال: إني كتبت في التصوف ولست صوفياً، ولا يجوز عنده أن يكتب في التصوف غير الصوفية!
وأجيب بأني درست التصوف من الوجهة الأدبية والفلسفية وقد وصلت من ذلك إلى ما أريد. أما القول بأني لست صوفياً فهو قول مردود، فتلك أسرار يعلمها الله ويجهلها الناس وأنا أكره أن أصف نفسي بالتقوى والزهد والتنسك لئلا أقع في بلية الرياء؛ وقد قلت ألف مرة إني أحب أن ألقي الناس بالفجور وألقي الله بالعفاف، وأنا راض عن نصيبي عند علام الغيوب.
2 - وقال: إني لوثت كتاب التصوف الإسلامي بالحديث عن أبي العتاهية، وساق كلمة سفيهة وصف بها أبو العتاهية في كتاب الأغاني.
ولو أن هذا الناقد كان اطلع على كتاب (النثر الفني) لعرف قيمة الأخبار الواردة في كتاب الأغاني.
وهل يصح في حكم العقل أن نمحو أسم أبي العتاهية من سجلات الأدب بسبب كلمة سخيفة كتبها صاحب الأغاني؟
أنا لا أنظر إلى أبي العتاهية إلا من جهة واحدة: هي أنه أنشأ في الأدب العربي فناً جديداً حين نظم قصائده الزهديات.
ولن نستطيع أن نقاوم أبا العتاهية بعد أن أمد اللغة العربية بهذه الثروة الشعرية. وكيف نستطيع ذلك وفي المؤلفين من عد أبا العتاهية من أمراء الشعر في العصر العباسي؟
3 - وعاب على أن أتحدث عن زهديات أبي نواس في كتاب التصوف الإسلامي.
وما لعيب في ذلك؟
أنا أتحدث عن الندم الذي عاناه أبو نواس يوم هداه الله إلى المتاب، فهل يغض ذلك من كتابي؟
وهل هناك فرصة روحية أعظم من فرصة الفاجر حين يتوب؟
وهل كان أبو نواس أسوأ خلقاً من بعض شعراء اليونان الذين بقيت آثارهم على وجه الزمان؟
إن الذين يعيبون على أن أتحدث عن زهديات أبي نواس في كتاب التصوف ينظرون إلى الأخلاق نظرة سوقية لا فلسفية، وأمثال هؤلاء لا يقام لآرائهم وزن وإن لبسوا مسوح الرهبان.
4 - وعجب حضرة الناقد من ألا أكتب عن الحلاج غير إحدى عشر صفحة، ولو أنه كان تأمل لعرف كيف اختصرت القول في الحلاج، لأن الحلاج درسه المستشرقون من قبل، وأنا أبغض الحديث المعاد.
وأنا مع ذلك أقول إن الصفات التي كتبتها عن الحلاج ستكون نبراساً لكل من يكتب عن الحلاج، ولن يستطيع باحث مهما اعتسف أن يجهل أني هديته إلى معالم الصواب.
5 - وهناك مسألة سكت عنها هذا الناقد وتعرض لها بعض الأزهريين في كلمة نشرها بجريدة الدستور، وهي أنني قلت: إن الحلاج صلب كما صلب المسيح.
وأنا قلت ذلك في كتاب التصوف الإسلامي، ولكن له تأويل سجلته في الجزء الثاني من كتاب (ليلى المريضة في العراق).
وقد فرغت من طبع هذا الجزء قبل أن ينشر ذلك النقد بجريدة الدستور بأسابيع طوال.
وهل يفطن ذلك الناقد إلى السر في أن ينفي القرآن صلب المسيح؟
إن لذلك سراً سنذيعه يوم نأمن كيد الذين لا يهمهم غير مضغ الأحاديث، فقد شقينا بأراجيف الناس أعنف شقاء، ومن الله وحده ننتظر حسن الجزاء.
زكي مبارك
الفائزون بالمباراة الأدبية بين المدرسين
اعتمد معلي وزير المعارف النتيجة النهائية للمباراة الأدبية لتشجيع النتاج الفكري بين المدرسين.
وننشر فيما يلي أسماء الفائزين ومقدار المكافأة التي تقرر منحها لكل منهم.
في الأدب: الأستاذ فخري أبو السعود المدرس بمدرسة الرمل الثانوية وموضوع الرسالة (البارودي الشاعر) وقيمة الجائزة أربعون جنيهاً.
في التاريخ: الأستاذ عباس الخرادلي مدرس أول بمدرسة الأمير فاروق الثانوية وموضوع الرسالة (تاريخ الثورة الفرنسية) وقيمة الجائزة خمسون جنيهاً. . .
(الخلافة والسياسة) للأستاذ فخري أبو السعود وقيمة الجائزة خمسون جنيهاً.
في الكيمياء: (الكيمياء ومسائل الحياة اليومية) للأستاذ حسن عبد السلام مدرس أول بمدرسة بنبا قادن الثانوية وقيمة الجائزة خمسون جنيهاً.
في الطبيعة: (الحسن بن الهيثم وجهوده في علم القوة) للأستاذ عبد الحميد حمدي مرسى المدرس بالأميرة فوزية وقيمة الجائزة خمسون جنيهاً.
في النبات: (حياة النبات ومبدأ لسنابل) للدكتور عبد الحليم منتصر المدرس بكلية العلوم وقيمة الجائزة سبعون جنيهاً.
في الرياضة: (التحويلات الهندسية) للأستاذ حسن رضوان المدرس بالهندسة التطبيقية وقيمة الجائزة أربعون جنيهاً.
في الفلسفة والاجتماع: (أحلام الفلاسفة في المدينة الفاضلة) للأستاذ زكي نجيب محمود المدرس بالمدارس الثانوية وقيمة الجائزة خمسون جنيهاً.
(روح القومية مقدمة الإصلاح الاجتماعي) للأستاذ أحمد خاكي المدرس بدار العلوم وقيمة الجائزة سبعون جنيهاً.
ولما كان من أغراض المسابقة إيجاد ذخيرة علمية وأدبية للطلاب وللجمهور في مصر باللغة العربية وخاصة في الموضوعات التي تنشر فيها مؤلفات عربية للآن فقد قررت الوزارة أن تقوم بطبع جميع الرسائل التي منحت جوائز، على ألا تطبع الرسالة إلا بعد إجراء لتعديلات التي اقترحتها اللجان العامة واللجان الفرعية وإقرار اللجان الفرعية للرسائل بعد تعديلها.
وستحتفل الوزارة في اليوم الثلاثين من هذا الشهر بقاعة المحاضرات بجامعة فؤاد الأول بتوزيع الجوائز عليهم، فيلقي معالي الوزير خطاباً، ثم يرد عليه أحد الأساتذة الفائزين بكلمة.
نشر الأدب العربي باللغة الفرنسية
نشرنا من قبل نبأ عن تأليف شعبة محلية لجمعية (جيوم بدييه) تكون مهمتها نشر كتب الأدب العربي القديم باللغة الفرنسية، رغبة في إيجاد صلة بين التفكير العصري وتفكير القدماء من أبناء لغة العرب.
ونذكر لهذه المناسبة أن جمعية (جيوم بدييه) قد درجت في فرنسا على ترجمة المؤلفات التي صدرت باللغة اللاتينية ترجمة صحيحة باللغة الفرنسية.
وستبدأ الشعبة المحلية بترجمة كتاب عربي يقدمه معالي الشيخ مصطفى عبد الرزاق بك وزير الأوقاف وتتوخى الجمعية في ترجمتها الحرص على إثبات النص العربي في أحد وجهي الكتاب وفي الوجه المقابل الترجمة الفرنسية.
وستطبع كتبها في مصر، ثم توزع في الخارج.
هافاس والرسالة
روت وكالة هافاس أن الحملة التي قامت بها مجلة (الرسالة) على الطرق بصفة عامة والتجانية بصفة خاصة قد أحدثت تأثيراً كبيراً بالمغرب، وأن قاضي سطات من كبار حملة الأقلام في المغرب الأقصى وهو من رؤساء هذه الطريقة قد ألف كتاباً صغيراً في الرد على مجلة الرسالة وسيطبع عما قريب بعاصمة تونس. وقالت الوكالة المذكورة إن لهجة هذا الكتاب على غاية من الحدة ضد الهادم للطريقة التجانية وخصوصاً ضد الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء بالجزائر.
هذا النبأ المفترى لا يوجد إلا في رأس مختلقة من أصحاب هذه الوكالة. وقد كذبت هافاس في هذا الخبر مرتين، فالرسالة لم تقم بحملة ما ضد الطرفيين، وهي أرفع من أن تقوم بحملة من هذا النوع، وكل ما كتبته في هذا الموضوع لا يتجاوز كلمة صغيرة للأستاذ علي الطنطاوي، كتبها تعقيباً على مقال للعلامة الحجوي مندوب المعارف بالمغرب أبان فيها أن الطرق - بصفة عامة - عديمة الجدوى، هذا إن لم تكن سبباً للتفريق بين جماعات المسلمين. والكلمة حق في حق لا تصل أن تكون حملة في الواقع؛ على أن الرسالة أفسحت المجال للشيخ محمد الحافظ التجاني للدفاع عن الطريقة التجانية بما لا تعد بعده أنها حملت على هذه الطريقة.
أما الكذبة الثانية فهي أن هذه الحملة الموهومة قد أحدثت تأثيراً كبيراً في المغرب، والقاضي الذي أشارت إليه الوكالة أكبر شأنه أنه تجاني متطرف من غلاة التجانين ليس أكثر. هذا علاوة على أن الطرقية بالمغرب خفت صوتها منذ أصبحت أداة مسيرة بيد رجال القبعات مختفية تحت أصحاب العمائم.
أما مجلة الرسالة الزاهرة، والأستاذ علي الطنطاوي المسلم المؤمن، والشيخ عبد الحميد بن باديس المصلح الكبير، فهؤلاء جميعاً أكبر من أن ينتقدهم طرقي مذبذب في كتيب خرافي.
فاس - المغرب الأقصى
(ا. ن)
بكلية القرويين
في الفقه المقارن
أخرج الأستاذ الشيخ عبد المتعال الصعيدي الطبعة الثالثة من كتابه (الميراث في الشريعة الإسلامية والشرائع السماوية والوضعية) وهو بحوث في الفقه المقارن عني فيها المؤلف ببيان فضل الميراث في الشريعة الإسلامية على غيرها بعد أن بين أحكام الميراث في الإسلام، وأحكامه في غيره من الشرائع السماوية والوضعية.
ويتناول المؤلف بعد بيان أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية، والمواريث في الشرائع القديمة: عند قدماء المصرين، وعند الأمم الشرقية القديمة، وعند العرب في الجاهلية، وفي الشريعة اليهودية، وعند قدماء اليونان، وعند قدماء الرومان؛ ثم المواريث في الشرائع الحديثة: في القانون الفرنسي، وعند الاشتراكيين.
وبعد ذلك يجري الموازنة في الميراث في الإسلام والشرائع القديمة والحديثة. ومن مواضع الموازنة: التسوية بين الذكور والنساء، التسوية بين الأخوة، إيثار أرشد الذكور، إعطاء البكر نصيبين. . . الخ
وقد سار في كل ذلك على نهج قويم من حيث بيان الأسباب المعقولة والأحكام، وقرع الحجة بالحجة؛ والكلام يتسلسل في أسلوب بين، سهل الورود، مسعف بالإفادة، إلى حسن تبويب ودقة ترتيب.
وتمتاز هذه الطبعة عن سابقتها بكثير من الزيادات والتنقيحات. ويقع الكتاب في 136 صفحة من القطع المتوسط. ويطلب من مكتبة الشرق الإسلامية بشارع محمد على أمام دار الكتب الملكية.
الأسماء العربية لجبال القمر قرأت مقالة الأستاذ قدري حافظ طوقان، المنشورة في العدد 294 من (الرسالة)، بعنوان (القمر بين الحقيقة والخيال) فأعجبني ما جاء فيها من الحقائق العلمية الموضوعة بقالب يغري القارئ بمطالعتها. ولما كان حضرة الكاتب قد تطرق فيها إلى الكلام على جبال القمر، كما أنه ذكر أسماء بعضها، أحببت أن أؤيد كلامه بأمثلة أخرى من هذه الأسماء، تهمنا بنوعٍ خاص نحن الشرقيين، فأقول: كنت قد وقفت على كتابين بالفرنسية للعلامة الفلكي مورو أحدهما بعنوان (يوم في القمر) وثانيهما بعنوان (بحث في القمر). إن المؤلف يذكر في كليهما الأسماء الجغرافية التي أطلقها علماء الفلك من أبناء الغرب على جبال القمر، كما أطلقوا غيرها على سائر عوارضه السطحية. ومما يلفت الأنظار من هذه التسميات التي تعد بالمئات، تلك الطائفة التي اتخذت لها أسماء تعود إلى مشاهير التاريخ الشرقي، بل العربي على الأخص. وهاأنذا ذاكرها فيما يلي، مع ما يقابلها بالإفرنجية نقلاً عن الكتابين المشار إليهما:
أبو االفدا
ألغ
ثابت (بني قرة)
الحسن (بن الهيثم)
الزرقالي (إبراهيم بن النقاش الطليطلي)
المأمون
نصير الدين (الطوسي)
ولا يخفى أن أغلبية هذه الشخصيات كانت ذات يد طولي في علم الفلك وما يتصل به من العلوم الأخرى. فلا غرو أن يخلد ذكرهم بهذه الطريقة العلمية الصامتة التي قلما يعلم بها إخلافهم اليوم. وهلا تذكرنا هذه التسميات العربية بما يماثلها في كوكبنا الأرضي، حيث نجد مواقع عديدة سميت بأسماء مشاهير رجال العرب كجبل طارق وبلد الوليد والقاهرة والمدرسة المستنصرية وغيرها مما يطول سردها ويخرج بنا عما أردنا من هذه الكلمة. .
(بغداد) كوركيس حنا عواد