مجلة الرسالة/العدد 302/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 302/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 04 - 1939



أبو تمام - خليل مطران

1 - أرجو أن يثق الأستاذ الجليل (القارئ) أن البيت (من كل بيت يكاد الميت يفهمه) لأبي تمام لا للبستي. ولو أن الأستاذ الجليل أعاد قراءة ديوان أبي تمام وديوان البستي لو جد فيه قوة أداء أبي تمام وهي قوة الأداء التي يفتقد (مثلها) في ديوان البستي. أما قوله إن البيت ليس في ديوان أبي تمام فسهو منه لأنه في ديوان أبي تمام في باب المعاتبات صفحة 409 من الطبعة التي قرظه فيها الأستاذ إسعاف النشاشيبي، وهو في قصيدة مشهورة موجودة في الديوان وفي غير الديوان قالها يعاتب بها محمد بن سعيد كاتب الحسن بن سهل وأولها هكذا:

محمد بن سعيد أَرْعِنِي أُذُناً ... فما بِأذْنِك عن أُكرومَة صَمم

لم تُسقَ بعد الهوى ماءً على ظمأ ... ما كقافية يَسْقيكهُ فَهِمُ

من كل بيت يكاد المَيْتُ يفهمه ... حسناً ويعبد القرطاسُ والقلمُ

مالي ومالك شِبْهٌ أنشده ... إلا زُهَيْرٌ وقد أصغى له هرم

الخ. ويروي الشطر الثاني من البيت الثاني في بعض الكتب (كماء قافية) وأظن أن الأستاذ (القارئ) أخطأ فهم قول الثعالبي فإنه أراد أن يمدح قول البستي ببيت أبي تمام على سبيل الاستشهاد والتضمين فقال الثعالبي: يعجبني قوله من كل بيت الخ أي يعجبني قوله من الأبيات التي صفتها كيت وكيت. وأرجو أن يسامحني الأستاذ الجليل (القارئ) في هذا البيان

2 - قال الدكتور أدهم إني تأثرت بطريقة خليل بك مطران. وهذا يشرفني لو كان حقيقة، ولكنه ليس حقيقة، فإني لم أتأثر بطريقة خليل بك لا في قليل ولا في كثير. وإذا استطاع الدكتور أدهم أن يجئ بشواهد فإنها تكون شائعة بين الشعراء فليجئ بها، وإذا ساعدني اطلاعي الضئيل وذاكرتي الضعيفة أثبتُّ أني احتذيتها إما في شاعر آخر وإما لأنها شائعة بين الشعراء. وقد أرسلتُ لمجلة (المقتطف) المقالة الأولى في الرد على قوله عقب قراءتي مقالته في مجلة المقتطف. وليطمئن الدكتور أدهم فإني سأثبت له بمقالات عديدة وشواهد وأسباب كثيرة أنه واهم في قوله كل الوهم أولاً: لأني اطلعت على الأدب العربي والأوربي في سن مبكرة بالمدارس الابتدائية والثانوية وذكرت الأدلة وقارنت بين كل قصيدة لي والقصائد التي احتذيتها في مقالة (المقتطف)

ثانياً: إن قوله إن شعري يغلب عليه التشاؤم خطأ، ولا أظن أنه يرفع قدر شعر مطران لو صح، وفي شعري التفاؤل والتشاؤم

ثالثاً: أن ثقافتي الأوربية في أول نشأتها كانت ثقافة إنجليزية، وثقافة مطران في أول نشأتها كانت ثقافة فرنسية. ويتضح ذلك من توجيهي قصيدة في الجزء الأول من ديواني إلى الشاعر بيرون، ومن تعلمي اللغة الإنجليزية واتساع المجال إلى قبل سفري إلى إنجلترا وبعده للاطلاع على الأدب الإنجليزي

رابعاً: إن الأدب الفرنسي الذي اطلعت عليه اطلعت عليه في كتب مترجمة إلى اللغة الإنجليزية لا في شعر مطران، وإذا شرفني الدكتور أطلعته عليها وعلى ما أشرت به في هامشها خامساً: إن كثيراً من شعري ونثري يغلب عليهما التحليل النفسي أو السخر أو التفكير في مذاهب التفكير الأوربية الإنجليزية والفرنسية والألمانية الخ. ولم أر ولا أظن أن أكثر القراء رأوا مثل ذلك في شعر مطران، وسأوضح مراجع هذا التفكير الذي تأثرته في الأدب الأوربي

سادساً: إني لم أطلع على ديوان مطران إلا بعد نشري جزءاً من شعري على الأقل. وقد كنت قرأت شعر البارودي في الصغر ورثيته بقصيدة نشرها خليل بك نفسه في مجموعة مراثي البارودي، وكانت قراءتي لشعر البارودي لنشر أستاذه المرصفي الكبير كثيراً من قصائده وقصائد من عارضهم في كتاب (الوسيلة الأدبية) الذي وجدته في مكتبة أبي وأنا تلميذ بالمدارس الابتدائية

سابعاً: أني لم أقابل الأستاذ مطران غير ثلاث مرات، مرة في قهوة نلسون في الصيف بالإسكندرية على غير قصد، ومرة أخبرني الدكتور أبو شادي أن خليل بك يرحب بأن أزوره، والمرة الثالثة قابلته أخيراً في مكتب العشماوي بك في وزارة المعارف (أو هما مرتان). ولم يحاول في مرة منها أن يجعلني تلميذه أو أن يشجعني، ولم يشر إلى أتى أقاربه في مذهبه؛ بل إني ظننت وبعض الظن إثم، أنه في حديثه عن الأدب في قهوة نلسون في اللقاء الأول كان ينتقد مذهبي من غير إشارة انتقاداً مراً، وكنت قد نشرت أربعة أجزاء. والذي أعرفه خليل بك في ذلك العهد كان يتنصَّل من أن يكون قد أثر في الشعراء الشبان. وإذا كان قد شجع شباباً غيري فإنه لم يشجعني مطلقاً إلا بنشر رثائي للبارودي قبل ذلك العهد وقد أرسلته بالبريد ولم أكاتبه مرة أخرى. والحقيقة أن كلمة التجديد في ذلك العهد كانت يساء بها الظن كما لا يزال يساء بها الظن، وأن هذا كان من دواعي موقف خليل بك، وقد تحول الآن قليلاً

ثامناً: إنه من سوء حظي أني عندما اطلعت على شعر خليل بك لم أطلع على أحسنه وأروعه وأفخمه، بل اطلعت على القصائد التي نظمها لمداعبة الآنسات السوريات وجعلها على قدر فهمهن فظننت أن كل شعره من هذا القبيل. وزاد هذا الاعتقاد أني قرأت له شعراً يشبه بعض شعر الحفلات والحياة الفرنسية والاجتماعية. وقوى هذا الاعتقاد إكثاره من شعر المناسبات اليومية التي لا أكتب فيها ولا أرى أنها من خير الشعر، وقلة اهتمامه بنشر شعره لاشتغاله بالتجارة مما أخمل شعره الجليل وقلَّل أثرة؛ ومَدْحُ بعض الشعراء المتطرفين في التجديد له جعلني أشك في شعره وأزهد في قراءته ومنعني من تأثره والاستفادة منه كما كان ينبغي

عبد الرحمن شكري

عبث الوليد

قرأت ما كتبه الأستاذ الكبير عبد الرحمن شكري عن أمير الصناعة البحتري فكان عندي موضع إعجاب وإجلال. وإني لمعجب ومقدر لما يكتبه الأستاذ من الأبحاث القيمة والموضوعات الأدبية الطريفة فأقرأه بشغف وأتزود منه وأنتفع به. غير أن لي ملاحظة على قوله إن المعري (شرح ديوان البحتري وسماه عبث الوليد. ولعمري لو كان شعر البحتري عبثاً ما احتفل له أبو العلاء ولما سلخ له زماناً من عمره في شرحه وإلا كان المعري عابثاً لإضاعة وقته في شرح العبث الخ)

فإن المعري لم يشرح ديوان البحتري كله. وحاشا المعري أن يسمي سلاسل الذهب عبثاً. وكيف يصح ذلك منه وهو الذي يقول: (المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري) وهذه شهادة منه تعتبر أرقى من أهم شهادة في هذا العصر

وإنما اختار أبياتاً ارتكب فيها البحتري ضرورة من الضرورات أو استعمالاً شاذاً أو مذهباً نحوياً غريباً فشرح هذه الأبيات وبين ما فيها وأسماها عبث الوليد

وهذا الكتاب طبع بدمشق ويوجد منه نسخة بدار الكتب المصرية مأخوذة بالتصوير الشمسي برقم 7957. وهذه بعض أمثلة منه

حرف الهمزة من التي أولها: زعم الغراب منبئ الأنباء:

فلعلني ألقى الردى فيريحني ... عما قليل من جوى البرحاء

الأكثر في كلامهم لعلي وبها جاء القرآن وربما جاء لعلني

وهذا البيت ينشد على وجهين:

أريني جواداً مات هزلاً لعلني ... أرى ما ترين أو بخيلا مخلدا

ومنهم من ينشده لأنني وهو بمعنى لعلني الخ

وقال في محل آخر:

لم تقصر علاوة الرمح عنه ... قيد رمح ولم تُضِعْهُ خَطآء

خطآء بفتح الخاء رديء إلا انه جائز وقد حكي عن بعض القُراء المتقدمين: (أنه كان خطآ كبيرا) بالفتح والمد. والكسر أجود ليكون مصدراً لخاطأ لأنهم قد قالوا تخاطأته المنية قال الشاعر:

تخاطأت النبلُ أحشاءه ... وأُخَّرَ يومي فلم يَعْجَلِ

ويجوز أن يكون خطآ وهو مأخوذ من الخطوة كما يقال خطأه الله السوء أي جعل السوء يخطوه فلا يمر به، وقال:

وما دول الأيام نعمى وأبؤساً ... بأجرح في الأقوام منه ولا أسوى

قوله أسوى تسامح من أبي عبادة لما كان الأسو ظاهر الواو وكذلك قولهم أسوته في الفعل فأنا آسوه آنس بالواو، فجاء بها في أفعل الذي يراد به التفضيل وإنما القياس ولا آسى وما علمت أن أحداً استعمل هذه الفظة التي استعملها أبو عبادة وكأنه قال: ولا أوس ثم نقل الواو إلى موضع العين إذا بنى من أسا يأسو مثل أفعل فالأصل أن يجتمع فيه همزتان إلا أن الثانية تجعل ألفاً كما فعل بها في آدم فهذه الألف جاء بها أبو عبادة في أسوى بعد الواو يجب أن تكون الهمزة المخففة وقد أبدع في استعماله هذه الكلمة ومن التي أولها:

أبا جعفر ليس فضل الفتى ... إذا راح في فرط إعجابه

ولكنه في الفعال الكريم ... والخلق الأشرف النابه

جاء بالنابه مع إعجابه فجمع بين الهاء الأصلية وهاء الإضمار وذلك قليل إلا أن الفحول قد استعملوه واستحسنه كثير من المحدثين. وقالت امرأة من العرب تهجو ضرتها وتخاطب زوجها:

بطون كلب الحي من جدارها ... أعطيت فيها طايعاً أو كارهاً

حديقة علياء من مدارها ... وفرساً أنثى وعبداً كارهاً

ومن التي أولها: وكان الشلمغان أباً مولهاً:

بنو الأطروش لو حضروا لكانوا ... أخص مودة وأعم رأياً

قوله الأطروش يقول بعض أهل اللغة إنها كلمة لا أصل لها في العربية وقد كثرت في كلام العامة جداً وصرفوا منها الفعل فقالوا طرش يطرش وأفعول بناء عربي كثير. ويجوز أن يكون من أنكر هذه اللفظة من أهل العلم لم تقع إليه لآن اللغات كثيرة ولا يمكن أن يحاط بجميع ما لفظت به القبائل. وكان عبد الله ابن جعفر بن دستوريه يذهب إلى أن كلام العرب لا يمكن أن يدرك جميعه إلا نبي إذ كان غاية ليست بالمدركة. وممن كان ينفي الأطروش عن كلام العرب أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني الخ

هذه طريقة هذا الكتاب هو كتاب جليل على صغر حجمه نافع لا يصح أن يكون مجهولاً غير معروف بين الأدباء والسلام على الأستاذ

إبراهيم يسن القطان

المبتدأ الذي لا خبر له

لا شك في انه يوجد في علومنا ما يحتاج إلى التمحيص، ولقد درست النحو في هذه السنة فدرجت فيه على عادتي في الدرس من إيثار تمحيص المسائل على ترديدها كما دونها المؤلفون. ومن ذلك مسألة المبتدأ الذي لا خبر له، وهو الذي أشار إليه ابن مالك في قوله:

وأول مبتدأ والثاني ... فاعلٌ أغنى في أسَار ذَانِ وهم يقولون في إعراب هذا المثال: الهمزة للاستفهام، وسار مبتدأ، وذان فاعل سد مسد الخبر. وفي هذا الإعراب المشهور مؤاخذة من وجهين: أولهما أن هذا الوصف ليس مبتدأ في المعنى، لأن المبتدأ في الجملة الاسمية هو المحدث عنه أو المسند إليه أو المحكوم عليه، الخبر هو المحدث به أو المسند أو المحكوم به، والوصف في ذلك المثال جار مجرى الفعل، فهو محدث به لا محدث عنه، ومسند لا مسند إليه، ومحكوم به لا محكوم عليه

وثانيهما انه كلما كان هناك مبتدأ وجب أن يكون هناك خبر، فلا يمكن وجود مبتدأ لا خبر له، وهذا كما لا يمكن وجود خبر بدون مبتدأ، ولا وجود فعل أو فاعل بدون الآخر، وذلك لأنه لا يعقل وجود محدث عنه أو مسند إليه أو محكوم عليه بدون وجود محدث به أو مسند أو محكوم به، ولا يمكن أن يسد الفاعل الذي بعد ذلك الوصف مسد الخبر، لأن الفاعل مسند إليه، والوصف إذا كان مبتدأ يقتضي مسنداً لا مسنداً إليه فإذا قيل إنه ليس معنى المبتدأ هو المسند إليه أو نحوه، وإنما هي تسمية اصطلاحية بمعنى الاسم العاري عن العوامل اللفظية، فيكون ذلك الوصف مبتدأً بهذا المعنى، وإن كان مسندا لا مسنداً إليه، فالجواب أن هذه التسمية الاصطلاحية لا نظير لها في علم النحو، فلا يسمي فيه فاعل إلا إذا كان في المعنى فاعلاً، ولا يسمى فيه مفعول إلا إذا كان في المعنى مفعولاً، ولا يسمى فيه حال إلا إذا كان في المعنى حالاً، وهكذا. فيجب أن يكون المبتدأ كذلك، ولا يصح أن تكون تسميته تسمية لفظية صرفه، لأنه لا يوجد في النحو إعراب لا معنى له

والذي أراه أنه لا يجب أن يعرب مبتدأ كلً اسم عربي عن العوامل اللفظية، وقد استثنوا من ذلك اسم الفعل فلم يعربوه مبتدأ. وأنا أستثني منه ذلك الوصف فلا أعربه مبتدأ أيضاً، وإنما يعرب عندي اسم فاعل مرفوعاً لتجرده من العوامل، كما يرفع الفعل المضارع لتجرده منها، فإذا كان اسم مفعول أعرب اسم مفعول، وهكذا. وبذلك يستقيم جعل ذلك الوصف مسنداً، وجعل مرفوعة مسنداً إليه.

عبد المتعال الصعيدي

مباراة موسيقية غنائية تنظمها جماعة الأسايست في القاهرة

نظمت جماعة الأسايست بالقاهرة مباراة علمية في البحوث الموسيقية والغنائية، واعدت للفائزين فيها أربع جوائز، اثنتين منها للبحوث المقدمة باللغة العربية، والأخريين للبحوث المقدمة باللغتين الفرنسية أو الإنجليزية

أما الموضوعات التي اختيرت لهذه المباراة فهي:

الموسيقى العربية - بحث في أحد أعلامها (أعماله، منبع إلهامه، أثره في الموسيقى العربية، الخ.) وآخر في الأغاني الشعبية المصرية، وثالث في الموسيقى المصرية الحديثة الموسيقى الغربية - بحث في ترجمة حياة أحد الأعلام الثلاثة: باخ - بيتهوفن - دبوسي، وبحث آخر في السوناتا، وثالث في عصر من العصور الموسيقية: العصر القديم (الكلاسيكي)، العصر الإنشائي (الرومانطيقي)، الموسيقى بعد الحرب، الموسيقى المقارنة، بحث في المقابلة بين الموسيقى العربية والموسيقى الغربية والصلة بينهما قديماً وحديثاً والاشتراك في هذه المباراة مباح للمقيمين في مصر، بشرط ألا تزيد سنهم على الثلاثين، وألا تستغرق البحوث أكثر من ثلاثين صفحة من القطع الكبيرة مع عدم النقل الحرفي من المراجع. وتقدم طلبات الاشتراك حتى آخر الشهر الحالي، والبحوث إلى يوم 31 مايو المقبل مع رسم قدره 15 قرشاً باسم سكرتيريه الجماعة بشارع المغربي رقم 9 بالقاهرة

أما لجنة التحكيم فقد ألفت من حضرات الدكتور محمود احمد الحفني رئيساً ومدام بتسي ستروس وكيلة، ومصطفى رضا بك، والأستاذ توفيق الحكيم، والدكتور. ب. شيفر الستر، والأستاذان ج. هوتيل، وا. تيجرمان، والدكتور هانس هيكمان: أعضاء، والمسيو سالتيل سكرتيراً

دار الثقافة في السودان

من بين المهتمين بإيجاد دار تجمع المثقفين من المصريين والبريطانيين والسودانيين لتبادل الرأي وتوثيق التعارف، المستر ولسن مساعد السكرتير الإداري بالخرطوم. وقد ذكر أن ثلاث شخصيات كان لها الفضل في اقتراح هذا المشروع وتأييده هم المستر كوكسن مدير المعارف والمستر نيوبولد والمستر كمنجز. وقال إن بعض الناس يطلقون عليها أسم نادي القلم، وهذا خطأ إذ أن الاسم المراد إطلاقه عليها هو دار الثقافة

وسيباح الاشتراك في هذه الدار لجميع الأجناس. وستزود بالكتب الإنجليزية والعربية، وستلقى فيها محاضرات في شئون تهم الوطنيين والبريطانيين وتهم السودان بصفة عامة عودة البعثة الألمانية من القطب الشمالي

وصلت البعثة الألمانية العادة من القطب الجنوبي إلى كوكسهافن على الباخرة شوابنلند وقد حصلت على نتائج مهمة. وكان المارشال جورنج قد أمر بتأليفها ضمن استكشاف منطقة تمتد إلى شرقي خط جرينتش وغربية في القارة المتجمدة الجنوبية. وقد بلغت الباخرة شوابنلند تلك الأصقاع في يناير الماضي وبدأَت البعثة أعمالها في الحال

وقامت برحلتين جويتين وضعت بهما الخرائط لإقليم لم يستكشف بعد وتبلغ مساحته 350 ألف كيلو متر مربع، ويبلغ مجموع مساحة الأراضي التي استكشفت من قبل 600 ألف كيلو متر مربع. ويتألف الإقليم الذي استكشف من بقعة واحدة يحدها من الشرق نجد من الجليد يرتفع فجأة ويمتد في اتجاه القطب ويحتوي على سور من الصخور يختلف ارتفاعاً وهبوطاً إلى أن يتصل بالقطب. وقد جاءت الخرائط التي وضعت لكل ذلك فريدة في بابها

ونزلت البعثة في أثناء طيرانها على حواجز من الجليد ورفعت العلم الألماني على كثير من القمم وجعلت تلقي كلما اجتازت 15 كيلو علماً من أعلام الصليب المعقوف. ثم إن البعثة استكشفت الحاجز الجليدي حتى الدرجة 18 , 30 شرقاً وجابتَ الشاطئ حتى الدرجة 20 شرقاً. وفي 6 فبراير شرعت السفينة في العودة لأن سوء الطقس وحالة الجليد كانت تنطوي على أخطار كبيرة. وأثبتت الطائرات المائية جودتها الفائقة في استخدامها في تلك الأصقاع. وتبلغ أقصى نقطة جنوبية وصلت إليها البعثة الدرجة 72 والدقيقة 44 جنوباً والدرجة الصفر من خط الطول. أما أقصى نقطة غربية فهي الدرجة 71 والدقيقة 33 جنوباً والدرجة 4 والدقيقة 5 غرباً. وبلغت أقصى نقطة شرقية الدرجة 22 والدقيقة 10 جنوباً والدرجة 16 والدقيقة 30 شرقاً. ووضعت الأعلام الألمانية على هذه الدرجات لتعيينها. وقامت البعثة إلى جانب كل ذلك بجس بالراديو في 119 موضعاً، وكان 31 موضعاً منها على علو يزيد على 20 ألف متر. وقام الأستاذ باركلي العالم السيولوجي بأبحاث تتعلق باحتمالات صيد الحيتان أجرى تجارب بالشباك ودرس حياة الحوت

الأدب المصري في نظر المستشرقين

سبق للرسالة أن أشارت إلى أن الأستاذ المستشرق الكبير بروكلمن ينشر الآن الجزء الثالث والأخير من تكملة كتابه (تاريخ الآداب العربية) والذي فيه يتناول مظاهر الأدب المصري شعراً ونثراً. هذا إلى جانب المحاضرة التي ألقاها في مؤتمر المستشرقين المنعقد في بروكسل في السنة الماضية والذي عرضت له الرسالة في حينه. وقد لفت الأستاذ بروكملن في محاضرته هذه، أنظار المستشرقين إلى ضرورة نقد كتب الأدب العربي الحديث. وقد ظهرت بوادر ذلك في عدد فبراير سنة 1939 من مجلة المشرقيات وهي أهم مجلة ألمانية موقوفة على النقد في دوائر الاستشراق حيث نشر المستشرق المعروف هاج ببرلين نقداً لمسرحية الدكتور بشر فارس (مفرق الطريق). بدأ المستشرق نقده بذكر مؤلفات الدكتور بشر فارس في الأدب والعلم وأشار إلى مكانتها، ثم تطرق إلى المسرحية فبين الفكرة البعيدة المرمى التي تدور عليها المسرحية من الناحية الفلسفية، ووصف الطريقة الرمزية في التعبير عن العواطف والحركات على المسرح، فقال إن الحوار في المسرحية بين النطق والإشارة مما يتطلب من المخرج مقدرة ويترك له مجال الافتنان. أم لغة المسرحية فيراها الناقد منتقاة. وقد يتفق للقارئ أن يقف أحياناً لتفهم تعبير جديد في الأدب العربي. وهنا يرى المستشرق هاج أن النقاد عندنا أثبتوا قدر هذه المسرحية على اختلاف مناحيهم: فذكر أنها نالت من الناحية الأدبية تقدير الدكتور زكي محمد حسن (أهرامِ 25 أبريل سنة 1938) ومن الناحية الفنية اعتراف الأستاذ زكي طليمات بأنها حدث جديد (الرسالة عدد 250 في 18 أبريل سنة 1938) ثم ذكر رأي الناقد ميخائيل نعيمة بأنها كزي جديد في الأدب العربي (الرسالة عدد 251 في 25 أبريل سنة 1938) ثم عقب المستشرق هاج بأن هذه المسرحية تمهد طريق الاستحداث الأدبي في العالم العربي كما وقع ذلك في الأدب التركي. ثم يختم المستشرق بهذا السؤال: هل يقدر المؤلف أن يصل إلى الغاية التي يقصد إليها؟ فجاء جوابه أن هذه المسرحية إن لم يتفق لها أن تحقق الغاية في المستقبل فإنها قوبلت بارتياح عظيم. وزاد على ذلك أن المؤلف لا يشك في أنه قد حان الزمن الذي فيه أصبح الإيجاز والإيماء في الإنشاء الرفيع أحب إلى القارئ العربي المهذب من التطويل والتذييل

م. ك