مجلة الرسالة/العدد 315/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 315/البريد الأدبي

ملاحظات: بتاريخ: 17 - 07 - 1939



مصر والأمم العربية

أخي الأستاذ الزيات:

أقدم إليك أصدق التحيات، ثم أذكّرك بما تعاهدنا عليه من أن نكون جنوداً في جيش الأخوّة العربية إلى أن نموت

وأنا من جانبي أذكر مع الأسف أن الحكومة المصرية لن تستجيب بسرعة إلى المطالب التي اقترحتها في كتاب (ليلى المريضة في العراق)

فلم يبق إلا أن ننوب عن الأمة إلى أن تستجيب الحكومة لما اقترحناه، والأمم في كل أرض أسبق من الحكومات إلى الخير والجميل

والذي يهمني هو تذكيرك بما صنع إخواننا العرب هذه السنة في تمجيد مصر: فمجلة الحديث التي تصدر في حلب أصدرت عدداً خاصاً عن وادي النيل، ومجلة العرفان التي تصدر في صيدا أصدرت عدداً خاصاً عن وطن شوقي وحافظ وصبري والبارودي، ومجلة المكشوف التي تصدر في بيروت أصدرت عدداً خاصاً عن الوطن الذي كابد في سبيله الملك فؤاد، وجريدة الهدف التي تصدر في بغداد تستعد لإصدار عدد خاص عن جورجي زيدان وهو لبناني احتضنه وادي النيل

فما رأيك إذا اقترحت عليك أن تصدر الرسالة أعداداً خاصة عن سورية ولبنان والعراق؟

وما رأيك إذا اقترحت عليك أن تصدر الرسالة أعداداً خاصة عن الحواضر المشهورة في البلاد العربية مثل تونس والجزائر ومراكش واليمن والحجاز؟

تأكد، أيها الأخ، أنك لن تجد أية صعوبة في تنفيذ ما أقترحه عليك، وتأكد أن هذه الخدمة الأدبية ستحفظها لك مصر، لأن مصر يهمها أن تتعرف إلى سائر الأقطار العربية تعرف الشقيق إلى الشقيق

وفي انتظار جوابك بالقبول أرجو أن تتقبل تحية أخيك المخلص

زكي مبارك

(الرسالة): اقتراح الصديق سديد مفيد. وسنعمل على تنفيذه بعون الله بعد شهور الصيف.

الروحيات والمعنويات في الإسلام

أستاذنا العزيز الزيات:

تحية وبعد فقد كتب أستاذنا الدكتور زكي مبارك في العدد (314) من (الرسالة) الغراء مشيراً إلى ما كتبنا إليه ذاكراً ما ذكرناه من إنّا نرى أن اللذات التي سينعم بها المؤمنون في الجنة لذات روحية، وأن اللذات التي ذكرها القرآن الكريم ليست كلها لذات حسية، وأن القرآن الكريم عندما ذكر النعيم المادي إنما ذكره كجزاء لما قدّم العباد من حسنات تتصل كلها بالروحانيات والمعنويات. فرأينا كلاماً أن أستاذنا أحمد أمين صادق كل الصدق في نظرته إلى أن القرآن كتاب روحانيات وكتاب معنويات، وأنه عند ذكره الأشياء المادية لا يريد بها لذات مادية، وأنه إن أراد بها أو ببعضها أشياء حسية إنما هي نتيجة اتباع لروحانيات، واتصال بمعنويات. هذا هو الرأي الذي يستقيم مع أصل النصوص ويستقيم مع الفكر الإسلامي السليم. وإلا لو أراد أستاذنا الدكتور زكي مبارك منا أن نفهم فهمه لأخذنا بالرأي المضحك السقيم الذي ذكره مثلاً ابن عابدين في الجزء الثالث من حاشية (المختار) الدر المختار ص315 فيما ذكره (من مطلب لا تكون اللواطة في الجنة من أنه قد قيل إنها سمعية فتوجد، وقيل يخلق الله تعالى طائفة نصفهم الأعلى كالذكور والأسفل كالإناث وأن الصحيح الأول. وفي البحر حرمتها أشد من الزنا لحرمتها عقلاً وشرعاً وطبعاً. . .). فلو أخذنا بالرأي الذي يقول به أستاذنا الدكتور لقلنا: إن المراد بالولدان أن يفهم ذكرهم هذا الفهم السقيم، وحاشا لله أن يكون كذلك. والأقرب إلى العقل أن يكون ذكر الولدان التمتع بالفكرة الروحية التي يبعثها الجمال الحسي، وإنه إن جاز إن نأخذ في ذكر الحور العين باللذة الحسية، فإنه لا يجوز أن يفهم هذا عن ذكر الولدان. على أن ما ذكره القرآن الكريم من حور عين ومن ولدان ولحم طير ورحيق وأباريق وفاكهة، لا يجوز بحال أن نفهم أن ذكرها يؤيد أن القرآن يعنى بالحسيات، أو أنه كتاب حسيات، لأنه كما قلت إنما عنايته موجهه للمعنويات وذكرها يراد به اللذات المعنوية. وإن أريد من بعضها أو من ذكر بعضها اللذات الحسية فعلى أنها تابعة للذات المعنوية ويراد من ذكرها تقوية معاني الروحانيات عند المؤمنين لأنها جزاء من عمل صالحاً وجزاء من اتقى

والغريب أني عند صدور عدد (الرسالة) الأخير قابلني في الترام أحد المبشرين الأمريكان يجادلني في هذه الفكرة التي يريد دكتورنا أن يأخذ بها المسلمون. وبعد فالدكتور زكي مبارك عزيز علينا ولكن أعز منه كتاب الله والفكرة الإسلامية السليمة التي يجب أن ندافع عنها، وهي أن الإسلام دين روحانيات ومعنويات وأن ليس معنى هذا أنه لا يعنى بالحسيات والماديات، بل هو يعنى بها وبتنظيمها التنظيم الذي يتصل بأن يرقى بالإنسان إلى الروحانيات، وأنه عند ذكر الماديات الأخروية لا يريد بها جزاءها الحسي، بل يريد بها جزاءها المعنوي الروحي، وأنه إن أراد ببعضها اللذة الحسية، فإنه لا يريدها حقيرة متواضعة، كما هي في دنيانا، بل يريدها عزيزة تتصل أكبر ما تتصل بالروحانيات والمعنويات، والسلام عليكم ورحمة الله.

محمود علي قراعة

جماعة الفن والحرية

قرأنا في عدد (الرسالة) رقم (314) الصادر في 10 يوليو سنة 939 كلمة جاءت في صفحة البريد الأدبي تحت عنوان (الفن المنحط) وقد ورد في هذه الكلمة أنه بهذا الاسم قد تكونت جماعة من الفنانين هي اليوم في طريقها إلى التفرق والتحلل لأنها لم تجد عند الفنانين والصحافة والجمهور ما كانت ترجوه من تشجيع، وأن الفن المنحط الذي ندعو إليه هذه الجماعة لا يمكن أن يقال عنه أنه منحط فعلاً ما دام يجد من يقول عنه إنه فن، إذ أنه لا يمكن أن يكون الفن فناً ومنحطاً في الوقت نفسه إلا إذا كان كاذباً. فالفن هو نتاج الحس؛ ومتى توفر فيه الصدق، فإنه سام رفيع، ولا يفسده شيء، ولا ينقص من شأنه شيء إلا أن يكون تكلفاً فهو عندئذ ليس فناً، وإنما هو تهريج وتجارة.

وقد جاء في هذه الكلمة أيضاً أنه إذا كانت جماعة (الفن المنحط) قد تألفت من أفراد صادقين في شعورهم وتعبيرهم ففنهم رفيع من غير شك مهما تواضعوا وقالوا إنه منحط؛ أما إذا كانوا يتكلفون هذا الانحطاط ففنهم منحط حقاً لا لشيء إلا لهذا التكلف.

وكل ما جاء في هذه الكلمة صحيح من غير شك في نظر كاتبها فقط بل نظرنا أيضاً، لأننا لا نعتقد أبداً أن جماعة من الجماعات يمكن أن تقوم باسم (الفن المنحط) لتدعو الناس إلى الانحطاط في الفن

لقد تكونت جماعتنا باسم (الفن والحرية) وأعراضها تنحصر في الدفاع عن حرية الفن والثقافة وفي نشر المؤلفات الحديثة وإلقاء المحاضرات وإقامة المعارض الفنية العامة، ثم هي تعمل في نفس الوقت على إيقاف الشباب المصري على الحركة الأدبية والاجتماعية في العالم

هذه هي أغراض جماعة (الفن والحرية) فإذا كان فيها ما يدل على أنها تدعو إلى الانحطاط في الفن فنحن نغتفر للكاتب ما ذهب إليه في أمرها. أما أن يتصدى لنقد جماعة من الجماعات كاتب لا يعرف حقيقة اسمها ولا يعرف حقيقة أغراضها معتمداً في هذا على الإشاعات والأقاويل فهذا ما ننزه كاتباً في (الرسالة) عن خطأ الوقوع فيه

أنور كامل

عن اللجنة الدائمة لجماعة (الفن والحرية)

انحطاط الطاقة ونهاية الكون؟

إلى عالمنا المصري الدكتور محمد محمود غالي:

أقرأ بإعجاب المقالات العلمية العظيمة التي يجود بها يراع العالم الطبيعي المحقق الدكتور محمد محمود غالي على صفحات الرسالة فأشعر بحنين نحو السوربون لأنه يخيل إلى وأنا أطالعها أني أستمع إلى أولئك العلماء الأعلام أساتذة تلك الجامعة الكبيرة التي تلقيت فيها العلم أيام الصبا

وتتبعت على الأخص بإمعان مقالات الدكتور الأخيرة عن موضوع انحطاط الطاقة وتدهورها المستمر المحتم من صورها العليا كالكهرباء والطاقة الميكانيكية إلى صورتها السفلى وهي الحرارة، وكيف أن الكون سائر نحو ما يسمونه (الموت الحراري) على حد تعبير الدكتور العالم أي السكون التام الذي سينتهي إليه في جميع أبحاثه بجميع أجزائه وجزيئاته وذراته ومحتوياتها على النحو الذي شرحه الدكتور بما أوتي من علم وبلاغة، فلا كواكب تدور ولا شموع تسطع، ولا سيارات تُضاء، ولا حركة من أي نوع ولا كهرباء ولا جاذبية ولا ضوء ولا حرارة مرتفعة الدرجة الخ. وبطبيعة الحال لا حياة على الأرض ولا على غيرها بل إن الحياة تكون قد اندثرت من الكون قبل ذلك بملايين وملايين السنين لزوال أسبابها وعدم توفر شروطها وعواملها، وما هي إلا حلقة من تطورات الطاقة تنتج من تحول الطاقة الكيميائية الناتجة من احتراق المواد الغذائية داخل الأنسجة إلى طاقة ميكانيكية كحركة الجسم وحركة أعضائه الداخلية وتفاعلاته الكيميائية البيولوجية وفي النهاية إلى حرارة شأن جميع صور الطاقة أثناء تحولها في الطبيعة

فعاودني حين قرأت هذه الصورة المقبضة لنهاية الكون اعتراض قديم قام في ذهني حين سمعت هذا الرأي لأول مرة فيما مضى عند درس الطاقة البيولوجية، وقد أشار فعلاً إلى هذه النهاية المحزنة أستاذي العالم الفسيولوجي الكبير المأسوف عليه (داستر) في دروسه بالسوربون وفي كتابه النفيس (الحياة والموت)

وإني أطرح هنا هذا الاعتراض على الدكتور غالي لأستقي من بحر علمه الواسع راجياً منه أن يتحفنا بكلمة في هذا الموضوع من كلماته الفياضة تروي غليلي.

أقول إنه لو كانت نهاية الكون هذه تحدث للأسباب المذكورة لحدثت من زمن. ذلك لأنه لو فرضنا أنه يلزم مثلاً مليار أو أكثر من السنين لتحول جميع صور الطاقة العليا في الكون إلى حرارة غير مرتفعة الدرجة لتم ذلك من زمن بعيد لأن المادة (أو مجموعة المادة والطاقة) قديمة، ولأنه مضى على الكون أضعاف أضعاف أضعاف هذه المدة. وهل يمكن أن يتصور العقل أن للكون بداية؟ أليس هذا مخالفاً لأبسط الحقائق العلمية وللنواميس الطبيعية الأساسية، وعلى الأخص لناموسي بقاء المادة وبقاء الطاقة وعدم تلاشيهما؟ فَكل من المادة والطاقة ثابت لا تخلق منه ولا تنعدم منه ذرة واحدة، وإن كانت صورهما في تحول مستمر من الواحدة إلى الأخرى. وإذا كان العلم الحديث أوشك أن يوحد بين المادة والطاقة فيمكن أن يقال إن مجموعهما ثابت لا يخلق منه شيء، ولا ينعدم منه شيء.

وبالجملة فإنه إذا كانت تلك الأسباب (انحطاط صورة الطاقة العليا وتحولها شيئاً فشيئاً إلى حرارة منخفضة الدرجة) من شأنها أن تقضي على الكون بالسكون التام المطلق لحدث ذلك من قديم الزمان

فإذا صح هذا الاعتراض ألا تكون النتيجة الطبيعية المنطقية أن هناك إذا عوامل أخرى مجهولة الآن لم تدخل في حساب العلماء والرياضيين قد يكشف عنها العلم في المستقبل فتغير وجه المسألة ويطمئن حينئذ رجال الغد على مصير الكون؟

نصيف المنقبادي المحامي

عدد المكشوف الخاص عن مظاهر الثقافة في مصر

أصدرت زميلتنا المكشوف البيروتية عدداً خاصاً عن مظاهر الثقافة في مصر في 56 صفحة مزدانة بالصور المختلفة، حافلة بالفصول الممتعة والبحوث المستفيضة في شتى مناحي الأدب المصري، دبجه أكثر من 40 كاتباً وشاعراً مصرياً، وبه حديثان أحدهما لمعالي هيكل باشا، والآخر لسعادة العشماوي بك

وقد وُفق أكثر الكتاب كل التوفيق فيما عالجوه من الموضوعات، ولكن أقلهم غلبت عليه نزعته الخاصة فلم يفطن إلى الحكمة من إصدار هذا العدد فخرج فيما كتب عن أسلوب المؤرخ المقرر الذي تقتضيه هذه الحال

والعدد يباع بمصر في المكتبات التالية: التجارية الكبرى بأول شارع محمد علي، النهضة المصرية - 15 شارع المدابغ، الهلال بشارع الفجالة، زلزل - 3 ميدان سليمان باشا.