مجلة الرسالة/العدد 318/الله في علاه!. . .

مجلة الرسالة/العدد 318/الله في علاه!. . .

ملاحظات: بتاريخ: 07 - 08 - 1939



للأستاذ سيد عبده

خرج الملاح والليل عاصف. . .

يتلمس رزقه بين جرجرة البحر القاصف. . .

ومياه السماء تنزل مدرارا. . .

والرغبة في الحياة تدفعه للعمل ليلاً ونهارا. . .

وبسمة الأمل تثير في قلبه نارا. . .

فإذا بقاربه يرتطم بالصخر. . .

وإذا ببسمة الأمل تصبح صيحة الضر. . .

والرغبة في الحياة صرخة القبر. . .

ومع ذلك فقد نجا. . .

من أنقذه. . .؟؟

من نجاه. . .؟؟

هو الله في علاه. . .!!

خرج الشاب في رحلة إلى الصحراء. . .

يتلمس نزهة بين الرمال الصفراء. . .

يحمل القوت والأمل والرجاء. . .

ونسيم الربيع يهب عليلاً. . .

والشمس قد مالت فبدا الوقت أصيلا. . .

ونشوة النصر قد بدأت تدب في قلبه قليلاً قليلا. . .

فإذا به يضل الطريق. . .

وإذا بقلبه العاصر قد ملئه اليأس والضيق. . .

لأنه فقد الأمل في الحياة. . .

وقارب من أجله منتهاه. . .

ومع ذلك فقد نج من أنقذه. . .؟؟

من هداه. . .؟؟

هو الله في علاه. . .؟؟

كان حاكما غشوما جبارا. . .

بذل قومه ويصليهم من عذابه نارا. . .

ويستعبد شعبه فلم يجدوا منقذاً منه إلا فرارا. . .

فهذه قطعة من جحيم. . .

والحياة في ظله بؤس وبلاء عظيم. . .

مضت الأيام فإذا عهده قد زال. . .

وإذا بالحال يصير غير الحال. . .

وأصبح الحاكم عبرة لسواه. . .

من أهلكه. . .؟؟

من أفناه. . .؟؟

هو الله في علاه. . .!

إنه عامل فقير انتبذ في المجتمع مكانا قصيا. . .

يحتقره القوم لأنه لم يك سريا. . .

ويجهله الخلق لأنه غداً نسيا منسيا. . .

يبذل الجهد ويتعب النفس كي يعيش ويحيا. . .

مضت الأيام فإذا به قد أثرى. . .

وتبدل ذله عزا. . .

وبؤسه سعدا. . .

وخموله ذكرى. . .

من أسعده. . .؟؟

من أغناه. . .؟؟

هو الله في علاه. . .! سيد عبده

المدرس بالأورمان