مجلة الرسالة/العدد 323/المسرح والسينما

مجلة الرسالة/العدد 323/المسرح والسينما

مجلة الرسالة - العدد 323
المسرح والسينما
ملاحظات: بتاريخ: 11 - 09 - 1939



من التاريخ

النهضة المسرحية في مصر

ونصيب الفرقة القومية منها وواجبها حيالها

النقاد وفرقة رمسيس

أحسن يوسف وهبي صنعاً بما ادعى لنفسه من صفة المؤلف فوق ما حظي به في الواقع من صفة الممثل. وقد كان من جميل حظه أن ظلت حقيقة رواية (المجنون) - التي افتتح بها مسرحه - خافية على الجميع من جمهور ونقاد أعواماً طويلة حتى عرضت رواية (وثيقة الطلاق) التي ظهر فيها جون باريمور في دور المجنون، وكاثرين هيبورن لأول مرة في دور ابنته، وحينئذ فقط عرف أن (مجنون) يوسف ليس إلا مجنون (وثيقة الطلاق)!

على أن يوسف كان قد ربح الكثير من هذه الصفة التي ادعاها لنفسه، والتي جعلته في نظر قومه مؤلفاً وممثلاً في عصر عز فيه المؤلف، ومع أن (المجنون) لم تكن الرواية القوية بالمعنى المفهوم إلا أنها كانت شيئاً جديداً وغريباً، وكما استرعى يوسف الأنظار في منولوج الجندي الجبان (متشكو) كذلك كان شأنه في دور المجنون، وهو ينجح في هذه الأدوار الشاذة التي تتطلب غرابة في الأطوار وشذوذاً في الطباع.

وليس من غرضنا أن نتحدث عن رواية المجنون أو عن غيرها من الروايات حديثاً مستفيضاً، وإنما أردنا بالحديث عنها أن نطلع القارئ على جانب من جوانب شخصية يوسف، وعلى سبب من الأسباب التي جعلت النقاد يهاجمونه بشدة ويعملون للقضاء عليه، ذلك أنهم استبعدوا أن يكون يوسف مؤلفاً، ولروايات أجنبية على الخصوص! ومع أنهم لم يستطيعوا في الوقت المناسب استكشاف حقيقة (المجنون)، إلا أن غريزتهم السليمة حملتهم على إنكار ما ادعاه يوسف لنفسه، وعلى إساءة الظن بزعيم النهضة المسرحية منذ البداية.

ومن بعد المجنون أخرجت (الشياطين السود)، وعلى ما أذكر حضر هذه الرواية بعض الوزراء والعظماء، ولما كانت النهاية فيها محزنة، فقد خطر ليوسف أن يقوم بتعديله وجعلها نهاية أمريكية، حتى لا يدخل الحزن على قلوب ضيوفه العظماء. وأما في الليلة التالية، وفيما تلاها من ليال، فقد عاد يوسف إلى النهاية المحزنة!

وهذه الحادثة أيضاً ترفع الستر عن جانب من جوانب هذه الشخصية العجيبة، وتلقي ضوءاً على سبب آخر من الأسباب التي ألبت النقاد على يوسف، وأعطتهم سلاحاً لحربه. وفي الواقع مضى يوسف في السخرية بالناس، ومهما يكن من شأن النجاح الذي ناله وحظيت به فرقة رمسيس، فقد كانت هذه المعاول الهدامة شديدة الوطأة على ذلك البنيان الحديث، ولم يقدر يوسف برغم ذكائه أثرها فيه، وتعالى على النقاد، وشمخ بأنفه، وصعر خده للصحافة، واعتبر نفسه قوة هائلة لا تتأثر بحملات كان يراها طائشة يقوم بها جماعة من الجهلاء في زعمه. ولم يرد الإفادة من هذه الأغلاط التي ارتكبها، أو العدول عن الخطة العرجاء التي سار عليها؛ وقد كان دوام النجاح، وإقبال الجماهير على مسرحه دليلاً عنده على أن حملات النقاد لا أثر لها حتى لو كانت على حق، فالحق عنده هو الواقع. ولعل الفرقة القومية لم تأخذ بنصيبها من الموعظة بعد ذلك، ولعلها إن غلقت أبوابها يوماً تذكر أنا نبهناها إليه وحذرناها منه.

كان من أغلاط يوسف إذن أن ادعى لنفسه ما ليس له وأن قام عامداً بتعديل الروايات التي أخرجها في مسرحه لتوافق مزاجه وما يراه خضوعاً لأهواء الجماهير أو الخاصة حتى لو كان ذلك حرباً على الحقيقة وقتلاً للفن، ثم استهتاره من بعد ذلك بالنقد والنقاد. ورغم خطورة هذه الأخطاء وغيرها فقد كانت حملات النقاد في بدايتها كأنها إعلانات ضخمة عن فرقة رمسيس ودعاية بلا أجر عنها، وبينما أخطأ النقاد فهم قلة أثر النقد بسبب إقبال الجماهير على مسرح رمسيس فإن يوسف أخطأ الفهم كذلك فأكثر من أغلاطه وأصر عليها وزاد في استهتاره بالنقاد

وحينئذ شحذ هؤلاء أسلحة جديدة وتدخلوا في حياة الممثل والممثلة الخاصة وأعنفوا في حملاتهم حتى خرج الأمر عن حدوده والنفوس عن أطوارها. وسرعان ما انتفت الصلة الوثيقة التي كانت، والتي يجب أن تكون، بين المؤلف والمترجم والمخرج والممثل من جهة، والناقد من جهة أخرى، وأصبح بعض الصحف ميداناً للسباب وفحش القول على حين كان يوسف ماضياً في سخريته وازدرائه - غير حاسب للعواقب حساباً - حتى يصل به الأمر أن يرى في حرمان الناقد من المقعد الذي يهديه إليه انتقاماً منه أي انتقام. ولم يكن غريباً إذن أن نسمع بألوان من الخصومات تدعوا إلى الأسى والأسف حتى انقطعت الصلة تماماً بين فرقة رمسيس والنقاد. أو قل أصبحت هي الصلة بين المتحاربين في ميدان القتال.

(للكلام بقية)

السينما والحرب

السينما كالصحافة تجد من واجبها أن تسجل الأحداث التي تقع على النحو الذي تراه كفيلاً بفائدتها، وأصحاب الشأن في عالم السينما يرقبون الحوادث الجارية ويأخذون منها ما ينفعهم، فإذا وقع حادث فذ في الأوساط الاجتماعية أو الفنية أو الاقتصادية أو غير ذلك فإنهم يسرعون بتسجيله ويسرع الجمهور بالإقبال عليه. والحروب بلا ريب أعظم الحوادث التي تقع وأوسعها مدى وأقواها أثراً، ولهذا فإن السينما تسجل أحداثها وتستغل وقائعها أعظم استغلال. ومن رأي (كل شيء هادئ في الميدان الغربي) يعرف إلى أي مدى تفيد السينما من الحروب. ولقد رأينا كيف كانت السينما إبان الحرب الكبرى وسيلة فعالة من وسائل الدعاية. وقد استغلها الحلفاء في تصوير أعدائهم أقبح تصوير وأفادوا من ذلك كثيراً، والى جانب هذا الاستغلال فإن السينما كانت وسيلة من وسائل التسرية عن الجنود في الميادين؛ وقام شارلي شابلن ملك المضحكين بنصيب وافر من هذا الواجب وقابل الجنود رصاص العدو وفي أفواههم بسمات استطاع شارلي أن يطبعها على شفاههم رغم الموت

وفي الأعوام الأخيرة شغلت الحرب أذهان الجماهير، ومن ثم بدأت مدينة السينما في إخراج روايات عن الحرب، وحينئذ واجهتها مصاعب كثيرة، فالوقت سلم وتصوير الحروب واصطراع المبادئ قد يرضي قوماً لكنه يغضب آخرين، ومعنى ذلك أن الرواية السينمائية التي ترضي الجبهة الديمقراطية تغضب حتماً الجبهة الفاشية أو النازية. والنتيجة أن الرواية السينمائية تخسر ميادين تباع فيها، وهذا ما حدث لرواية (كل شيء هادئ في الميدان الغربي) التي تناهض فكرة الحروب. فقد قوطعت ومنعت في البلاد التي تعيش على فكرة الحرب وتنشئ أبناءها جنوداً منذ طفولتهم. وكانت ألمانيا أشد البلاد حرباً لها رغم أن مؤلفها ألماني!

بيد أن مدينة السينما وجدت حلاً للمشكلة، ومن رأى روايتي (حصار) و (آخر قطار من مدريد) عرف كيف وفقت إلى هذا الحل العجيب. وسبيل ذلك أن وقفت الرواية نفسها على الحياد لا هي مع هؤلاء ولا هي مع هؤلاء، إنما هي مجرد استغلال لحوادث الحروب، مثل (آخر قطار من مدريد) التي طبقت عليها هذه الفكرة أتم تطبيق فكانت سلسلة من الحوادث الغريبة والوقائع المثيرة التي لا تقع إلا في الحروب. وأما (حصار) فكانت مناهضة لفكرة الحرب من الوجهة الإنسانية المحضة في الميدان الأسباني حيث يقتل الأخ أخاه واحتاطت الشركة التي أخرجت الرواية فلم تدع الملابس تميز الفريقين بعضهما عن بعض إلا بقدر يسير وكل ما رمت إليه هو استصراخ الضمير الإنساني أن يقف هذه المجازر البشرية

واليوم، والعالم يخوض غمار حرب ضروس، فإن السينما لن تتوانى عن القيام بواجبها. ويقيننا أنها ستكون وسيلة فعالة من وسائل الدعاية، وكذلك من وسائل التسلية والترفيه عن المقاتلين وغير المقاتلين في هذه الأيام العصيبة التي يجتازها العالم

(فرعون الصغير)

أخبار سينمائية

(لوسيل بال)

وقد اشتركت في تمثيل رواية (باب المسرح) مع لويس رينروجنجر روجرز. وقد اهتمت بأمرها شركة ركو راديو واعتزمت أن تجعل منها واحدة ممن تعتمد عليهن

كلارك جابل

هل تعرف كيف أصبح كلارك جابل فلاحاً؟ إن لذلك قصة طريفة. . .

لقد أهدت إليه زوجته كارول لومبارد بغلاً فاشترى محراثاً. وأهدت إليه آندي ديفين خمسة فراريج فاشترى خمسمائة. وأهداه بوب كوب جردلاً لحلب اللبن فاشترى بقرة. وهكذا أصبح كلارك جابل فلاحاً يفلح الأرض ويحلب البقرة ويربي الفراريج.

كاي فرنسيس

وقد سطع نجمها في رواية (الممر الوحيد) مع وليم باول ثم في (ثورة في الجنة) مع هربرت مارشال، وقد ظلت منذ البداية نجمة شركة وارنر ولم تنتقل إلى غيرها من الشركات؛ وأخيراً أعلنت أنها آثرت الزواج واعتزال الأعمال الفنية، وحتى الآن لم تنفذ عزيمتها

جنجر روجرز

وكانت تعرف باسم زميلة فريد استير، أما اليوم فإنها أصبحت حرة تعمل مع من تشاء وكانت تجربتها الأولى في رواية (سأهذبها بنفسي) مع جورج برنت، وفي هذه الرواية لم ترقص سوى رقصة فردية

فريد ماك موراي

يحب فريد ماك موراي صيد السمك حتى أنه ينتهز فرصة الفراغ من العمل في رواية (هل من ضرورة للأزواج) التي يظهر فيها مع مادلين كارول ويقضي وقته في صيد السمك. وهو ماهر جداً في الصيد حتى أنه يعود دائماً خالي الوفاض! وإذا ما سأله أحد في ذلك قال: إنه يلقي بالسمك إلى البحر مرة أخرى رحمة به وشفقة عليه!

(آنا نيجل)

بمناسبة آخر رواية لها (مس كافل)

وقد أخرجت هذه الرواية في وقتها وسوف تكون دعاية سيئة ضد الخلق الألماني، ويذكر القراء أن الحلفاء استغلوا في الحرب العظمى حادث (مس كافل) أعظم استغلال واكتسبوا عطف العالم باسمها