مجلة الرسالة/العدد 326/عبث الأقدار

مجلة الرسالة/العدد 326/عبث الأقدار

ملاحظات: بتاريخ: 02 - 10 - 1939



تأليف الأستاذ نجيب محفوظ

للأديب محمد جمال الدين درويش

القاص نجيب محفوظ شاب حديث عهد بالقصة، ولكني أعده في الصف الأول ومن المبرزين فيها وخاصة في القصة القصيرة، وأقاصيصه في مجلة الرواية تؤيد ما ذكرت، وتجعلنا نشد على يده إعجاباً بفنه، وتهنئة بفوزه، واستبشاراً بمستقبله في عالم القصة

وهو يمتاز بذوقه الخاص، وطريقته التي اكتسبها من القاص الكبير محمود بك تيمور في كتابه الأقاصيص، ومقدرته الفنية على كتابتها. . . وهو يتخذ مما يشاهده، وما سطرته الأيام والحوادث في سجل المحيط المصري مادة لأقاصيصه، ولذا نرى قصته الجديدة عبث الأقدار مطبوعة بالطابع المحلي. . . تصفحها تجد أنه قد أظهر خوفو فرعون مصر وباني الأهرام كأنه بين ظهرانينا يتمتع بالحياة، والأهرام نلاحظ ونشاهد طريقة بنائها وضجيج العمال وغناءهم. وقصارى القول أن القصة ترينا ما وقع من الحوادث في عهد باني الهرم. كل هذا بأسلوب سهل خال من الكلفة يخطه قلمه على نهج نفسه التي تركها على سجيتها تسجل أفكاره بكل بساطة كأن الفن طوع أمره. وقد نفخ في كلماته من روحه فجعل العبارات كأنها قلوب تنبض وتجيش بالحياة والعواطف تشوق القارئ إلى قراءتها فتتسلسل فصولها تحت أعينه كشريط السينما حادثة في إثر أخرى وتجبره على ألا يلقيها من يده إلا بعد أن ينتهي من قراءتها. . . فيرى أن الأستاذ نجيب عرضها بأسلوب الوصاف أو خلقها بريشة الرسام أو كونها بعدسة المصور

وعلى رغم طول القصة تمكن الأستاذ نجيب من السيطرة على أعصابه ووجدانه حتى أخرج عبث الأقدار كما هي الآن محبوكة كما ينبغي فن القصة. . . وإذا عرفنا أن هذه أول قصة يكتبها طويلة نغتفر للقاص بعض هنات ومآخذ في القصة، ولكني أحاسبه على سوء طبعها وحشوها بالغلطات المطبعية وهي تقع في 160 صفحة من القطع الكبير

وآمل أن تلقى عبث الأقدار من الرواج ما هي أهل له وهي خليقة بالعناية والاعتبار

محمد جمال الدين درويش