مجلة الرسالة/العدد 339/تحية الرسالة في صباح عيدها الثامن

مجلة الرسالة/العدد 339/تحية الرسالة في صباح عيدها الثامن

مجلة الرسالة - العدد 339
تحية الرسالة في صباح عيدها الثامن
ملاحظات: بتاريخ: 01 - 01 - 1940



للأستاذ محمود الخفيف

صباحك مثّل أحلامها ... وجدد يا عيد أيامها

صباح تهلل في المشرقين ... وضئِ الأسِرَّة بسامها

على جانبيه ترُّف المنى ... وقد فتَّق البشر أكمامها

وتنفى أهازيجه الضاحكات ... كروب الحياة وأوهامها

تهز الفُراتين أصدقاؤها ... وإن من النيل إلهامها

تجاوب بغدادُ هذا الغناَء ... وكم عشقت مصر أنغامها

وكم هزت الكونَ دارُ الرشيد ... وأسمعت الدهر ترنامها

تحمِّلها ودها جِلَّق ... وقد عودت مِصر إعظامها

وكم بعثت من ربُاها الهتاف ... فحيت على النيل أهرامَها

خمائلُ لبنان تهفو لها ... ويستروحُ القدس أنسامها

لها منهما اللمحاتُ الوضِاءُ ... إذا استلهم الرأيُ أفهامَها

ويصبو الحجازُ وكم طاف منه ... خَيالُ يساور أحلامها

ويزجى الأغاريد سودانُ مصر ... ويختصُّ بالودِّ أعلامها

تهش لألحانه الغاليات ... وتعزو إلى الحبِّ إحكامها

تلقَّى الرسالة في المشرقين ... بلاد تُوِّشج أرحامها

تلاقى على الضاد أبناؤها ... وإن فرّق الملك أقوامها

لها الشرق إما مضت موطناً ... ويهوى بنو الشرق إكرامها

يطوف به إذ تُلِمُّ اليقين ... فإن من الرُّوح إلمامها

يحبُّ تسامحها كل حُرّ ... وما انفكَّ يكِبرُ إسلامها

يَدين بشِرعتها في الجهاد ... ويعلى عن الشك أحكامها

ألم يَرَ ماضيهَا العبقريَّ ... وقد أرهف الحق أقلامها؟

وَيبْلُ عزيمتها في الأمور ... إذا استعجل العصر إبرامها؟

وكيف مشت تستحث النفوس ... وتكشف في الشرق أسقامها؟ تعلمها كيف تأبى الهوان ... وترغم من رام إرغامها

تروض على البأس في قولها ... شبول البلاد وآرامها

وكم بدعة ساقها المبطلون ... فراحت تحطم أصنامها

غداً يحتمي ببنيها الذِّمار ... كما حمتِ الأسد آجامها

تجدد في العيد عهد الوفاء ... وقد صحب الصدق أقسامها

إذا أبهمت في الخلاف الأمور ... جلت بالصراحة إبهامها

ويعجزُ عن حلمها شانئٌ ... يحاولُ بالمْين إيلامها

وتقدِم لَكنها في الحياِة ... تريك عن الُهجر إحجامها

لها صفحة في سجل الخلود ... تعاجز في الشرق من رامها

تنزه شعري فلم أُزجه ... رخيص المدائح نمامها

وما اهتز يوماً لغير العلي ... فغنى هداها وإلهامها

عرفت علاها فغنَّيتها ... وحليتُ بالدُّرِّ أعوامها

بدأت لها أمس غالي العقود ... ولن أبلغ الدْهرَ إتمامها

-