مجلة الرسالة/العدد 345/الأدب في أسبوع

مجلة الرسالة/العدد 345/الأدب في أسبوع

مجلة الرسالة - العدد 345
الأدب في أسبوع
ملاحظات: بتاريخ: 12 - 02 - 1940



الفن

كنت أرجأت الحديث عن (الفن الفرعوني) الذي أراد الدكتور طه حسين أن يجعله أحد العناصر في (الغذاء الروحي والعقلي للشباب) في عصرنا هذا، وهو رأى متداول قد عاد إليه فلان وفلان ممن استطارتهم العصبية فعصفت أعاصير بعماد الرأي وحسن البصر وكمال التقدير لما ينبغي أن نقيم عليه حضارتنا المصرية الإسلامية. والعصبية هي دليل الضعف، وهي الآفة التي تتخون الرأي، وهي الهدم الذي يأتي بنيان العقل والعاطفة من القواعد حتى يدمره تدميراً. وسنوجز القول ما استطعنا، فإن الإفاضة والشرح والبيان مما لا يتسع لها هذا الباب.

فالفنان هو القلب النابض الذي يفضي إليه الدم الحي الذي تعيش به حضارة أمته في عصره، وهو الفكر القلق النافذ المتلقف الذي ينقد الحياة الاجتماعية في عصره بألفها أو ينكرها، وهو العبقرية الماردة التي لا تخضع إلا لناموس الحياة الأعظم. والفنان بطبيعته الإنسانية فكرة معبرة عن حقيقة الاجتماع الإنساني الذي يعيش عليه، وعن طبيعة الأرض التي يمشي فيها، والسماء التي يستظل بها؛ وكل أولئك ينشئ للفنان أفكاراً وأخيلة وأحلاماً تستمد غذاءها من ينبوعها الذي يتفجر بين يديه ولعينيه وفي قلبه.

ونحن لو تتبعنا الآثار الفنية وتاريخها في كل أجيال الناس من الهند والصين والعرب والترك والروم، وكل الأمم القديمة، وسائر الأمم الحديثة - لم نخطئ أثر الحياة الاجتماعية في الأثر الفني، ولا أثر الطبيعة الجغرافية في جوه الفني. ونعني بالحياة الاجتماعية كل ما تقوم عليه من الدين وعقائده وشرائعه، وما يتميز به العصر من الأخلاق والعادات والوراثات والأساطير الشعبية التي انحدرت إليه من القدم، ثم سائر أسباب الحضارة المعاصرة بكل مادتها وألوانها وحقائقها وأباطيلها. وأما الطبيعة الجغرافية، فهي صورة الأرض بنباتها وأنهارها وفدافدها وحيوانها وغابها، وما إلى ذلك، وجو السماء بصفائه والتماعه وشمسه وقمره ونجومه وسحابه وثلوجه وصيفه وشتائه وربيعه، وغير ذلك مما يولد في نفس الفنان ألواناً من أخيلة الفن التي يريد تحقيقها أو تمثيلها أو ابداعها؛ والأثر الفني لا يمكن أن يكون خالياً من تأثير هذين العنصرين المميزين.

فالفن - ولاشك - نتيجة من نتائج الاجتماع الإنساني والطبيعة التي تحتضنه، فهو يتأثر بها تأثراً بينا، لمكان الإحساس المرهف البليغ من الفنان القدير المتمكن. فأعظم الآثار الفنية التي يعدها الجيل الأوربي - مثلاً - في طليعة العبقرية الفنية، هي الآثار العظيمة الخالدة، التي نشأت وربت وترعرت وامتدت تحت ظلال الكنيسة والعقائد المسيحية، التي عاش في مدنيتها الفنانون الذين أبدعوها، وتأنقوا فيها وبالغوا في إتقانها؛ ونحن لا نحتاج هنا إلى أن نضرب المثل بفلان وفلان من الفنانين الإيطاليين والفرنسيين وغيرهم، ولا أن نعدد آثارهم التي بقيت إلى اليوم أصلا للفن الأوربي الحديث. وهذه الآثار كما يشاهدها المشاهدون تختلف باختلاف الطبيعة الجغرافية التي هي سبب ثان في إنتاج الفنان. فكذلك الفنون الصينية والهندية تتميز بالاجتماع الوثني الذي يعيش فيه الفنان الصيني أو الهندي، وبطبيعة البلاد الهندية والصينية. ونحن لا نشك أن أعظم الفنون والآثار عامة قد كان نتيجة لازمة للعقيدة الدينية - وثنية كانت أو إلهية - وللطبيعة الجغرافية التي تمد عليها من ظلالها؛ وإن الدين والعقيدة هما عماد الاجتماع وأصله وأعظم مؤثر في توجيه أغراضه وحياطتها وتدبيرها وتوليدها، فهما إذن اصل قائم في الحضارة التي تدين بهما مهما تطورت بعد ذلك وخرجت عليهما فأهملتهما. وذلك لأن الشعوب تحتفظ من الأديان بخصائص كثيرة لا يمكن أن تؤثر فيها تطورات الحضارة المدنية الخاضعة للعلم والسياسة وما إليهما.

الفن الفرعوني

فالفن الفرعوني - بغير شك - ليس إلا نتاجاً مركباً من الوثنية المصرية الفرعونية والطبيعة المصرية الرائعة القوية، وأثرها بين في هذه الأبنية الضخمة بتماثيلها الغريبة المتقنة المختلفة الدلالات على المعاني الدينية المصرية القديمة، وعلى الأصول الاجتماعية الخاضعة للوثنية الفرعونية التي كان يعيش عليها الشعب المصري القديم. فهذه الديانة القديمة الجاهلية التي عبدت أوثانها وتقدست بعقائدها الباطلة، وخضعت لأساطيرها الرهيبة المخيفة، واستمدت تهاويلها من الإيمان بجبرية هذه الأوثان والقوى الطبيعية المختلفة كالشمس والنيل والتمساح وكذا وكذا من الأوهام الغالية، هي أنتجت هذا الفن المصري القديم بمعابده وتماثيله وكتابته الهيروغليفية المعبرة أدق تعبير عن حقيقة المدد الفني للآثار المصرية الفرعونية.

والفنان الفرعوني لم يستطع أن ينشئ هذه الآثار الهائلة الغريبة التي بقيت هذه القرون الطوال تتحدى الزمان المتطاول عليها، ولم يمنحها هذا الجبروت الهائل والاستبداد الطاغي إلا بالقوة التي أنشأنها ودبرتها له عقائده الوثنية الرهيبة، وإيمان المجتمع المصري بها إيماناً خاضعاً متعقباً أيضاً، وأعانتها الطبيعة الجغرافية المصرية العظيمة بشمسها وقمرها وصيفها وشتائها، وصحرائها التي تحف بالنيل العنيف المتدفق بسلطان طاغ كسلطان الفراعنة الملوك. كل أولئك أثار الفنان وأمد إحساسه المرهف بالمادة التي استطاع أن يصوغ فيها فنه الوثني العبقري

وعلى ذلك فيجب أن تقرر أن الفن المصري الفرعوني - على دقته وروعته وجبروته - أن هو إلا فن وثني جاهلي قائم على التهاويل والأساطير والخرافات التي تمحق العقل الإنساني، فهو إذن لا يمكن أن يكون مرة أخرى في أرض تدين بدين غير الوثنية الفرعونية الطاغية - سواء أكان هذا الدين يهودياً أم نصرانياً أو إسلامياً أو غير ذلك من أشياء الأديان.

تمثال نهضة مصر

وهذا (تمثال نهضة مصر) القائم في (ميدان المحطة)، والذي أقامه المثال القدير (مختار)، أنا أراه فلا أرى فيه إلا تقليداً فاسداً لآثار حضارة قد دثرت وبادت ولا يمكن أن تعود في أرض مصر مرة أخرى بوثنيتها وأباطيلها وأساطيرها وخرافاتها. نعم، هو تقليد رائع يدل على قدرة الفنان الذي نحته، ولكنه لا معنى له الآن في مصر الإسلامية. هل يستطيع الفنان الذي نحته وأقامه أن يعيد في مصر تاريخ الوثنية الجاهلية، واجتماع الحضارة الفرعونية، وما يحيط بذلك من الأبنية الضخمة التي شادها أوائله، والتي كانت وحياً للفنان الفرعوني الذي عبد الشمس وخضع لفرعون وأقر له بكل معاني الربوبية، وآمن بالأباطيل والأساطير والتهاويل الدينية الوثنية الضخمة الهائلة المخيفة التي قذفها في قلبه أبالسة عصره من الجبارين والطغاة؟ وهل يستطيع أن يجعل في أرض مصر شعباً وثنياً متعبداً للفراعنة والجبابرة بالخوف والرهبة والرعب حتى يتأثر بمعنى هذا الضرب من الفن المصري القديم؟ ولكن أفي مصر الآن من الشعب من يستطيع أن يجد له معنى أو تأثيراً أو اهتزازاً إلا من القدم وأخيلة القدم؟ كلا. . . كلا.

لقد ذهب كل هذا، لقد دثر، لقد باد. إن الأصول الفنية التي يكون بها الفن فناً قلما تتغير، وهي ممكنة دانية في كل الآثار على اختلاف أنواعها وبلادها وأراضيها وأديانها، ولكن روح الفن هي دين المجتمع وعقائده وطبيعة أرضه وسائر أسباب حضارته، وهي التي تمنح الفنان القوة والقدرة على الإبداع، وهي التي ترفع فنه أو تضعه.

وإذن فدعوة الدكتور طه إلى الاستعداد من الفن الفرعوني - كما استمد (مختار) - ثم دعوته إلى جعل اجتماعنا اجتماعاً إسلامياً، ثم استمدادنا أيضاً من الفن الإسلامي - تناقض عجيب في أصل الرأي، لا يمكن أن يكون ولا أن يعمل به إلا إذا شئنا أن نوجد لمصر حضارة مقلدة ضعيفة ملفقة من أشياء ليست نتيجة ولا شبه نتيجة للاجتماع المصري الإسلامي الحديث الذي تدعو إليه ويدعو إليه الدكتور طه حسين!!

وبشر أيضاً!!

يقول بشار بن برد لخلف بن أبى عمرو في حديث جرى بينهما معابثة ومزاحاً:

ارفْق بعمرو إذا حركتَ نسبته ... فإنه عربيٌ من قواريرِ

وصديقي (بشر) قارورة عطر نشوان من نفحات روحه، قارورة عربية معربدة تختال بطيها تياهة من الخفة والطرب. وأنا أرفق به ولكنه يأبى - كرماً منه - إلا أن يتحطم في يدي ليسكب طيبه عليها فيعبق بها، ويبقى أبداً يتضوع منها نسيماً يسكر، ويعلق بهذا القلم من عطره أثر خالد كرائحة الحبيبة في ذكرى المحب، و (للرسالة) بعد ذلك من شذاه ما يفور وما يتوهج وما يسطع من نضج عبيره.

وبشر - هذا الإنسان الرقيق - يتجهم لي ويملأ علي (بريد الرسالة) زلزلة ورعداً وبرقاً وصواعق. . . ويبصرني بفروق اللغة بين (وضع بحراً) و (اخترعه)!! وأنا بلا شك لا أستطيع أن أشغل نفسي بتبصيره بمنطق اللسان العربي. ثم لا يكتفي بهذا بل هو يغلو في تقديري فيعدني من (الخلق) الذي يقف على معاني الألفاظ العربية من (إلا كباب على قراءة الصحف اليومية)!! كلا، بل يجوز ذلك فيعلمني مجاز العربية وحقائق بيانها ودقائق ألفاظها!! أوه، بل هو يعرفني بالقرآن لأني (من عامة الناس في هذا الزمان) ممن يفهمون القرآن - كلام الله - بما يغلب عليهم من عامية العصر!! ولا يكون كل ما يكتبه (بشر) من علمه هذا (إلا على جهة التسلي والتلهي)! بلى، فهو يرحمني ويشفق على أن يدخل بي في المقاييس العربية الدقيقة الغامضة التي تستهلك قوة العقل والإدراك، فهو يأخذني من قريب!! وأنا قد أخطأت وأسأت وأثمت وحبط عملي، ومحقني اندفاعي إلى شعر بشر (أتلمس) - هكذا قال بشر - أتلمس له الخطأ!!

ولا كل هذا أيها العزيز، (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة)، وأنا يا بشر لا أطاولك في علم ولا فقه ولا بيان ولا معرفة، فأنت أنت، وأنا حيث أنا من العجز والبلادة، ورحم الله امرأ عرف قدر نفسه.

ومن جَهِلتْ نَفْسُه قدرهُ ... رَأَى غيرهُ منْه ما لا يَرَى

وأنا يا صديقي أقل شأناً وأضعف من أن أجرى في عنانك، ولكنك - إذ كتبت ورددت وأعطيتني فوق ما أستحق في نفسي - تحملني على المركب الصعب، فكان أولى بك أن تهملني، فإما إذ أبيت فلا بأس عليك إذ أنا أقحمت نفسي معك؛ فاصبر على هذا البلاء (فالحر يظلم أحياناً فيظلم)

وقد زعموا - أيها العزيز - أنه كان رجل عبادي بالحيرة البيضاء، فلاقى ضحضاحاً من الماء لابد له أن يجوزه ويخوض فيه، فاستعان الله وأقبل على الماء - وهو إلى الكعبين حسب - فلما دخله صاح: (الغريق، الغريق!) يستنجد أصحابه، فتناولوه يسألونه: ما دعاك إلى هذا وليس غرق؟ فقال: (أردت أن آخذ بالحزم)

وأنت - أيها الصديق - تأخذ بهذا الزم، فتهرول إلى (لسان العرب)، و (أساس البلاغة) و (الألفاظ الكتابية) تحشد لي ما جاء فيها من مادة العربية في قولهم (زلزل) ولا تكتفي بهذا بل تسعى إلى (الأغاني) (طبعة بولاق!) تقلب أوراقه، تستخرج تراجم المغنين وأصحاب الملاهي كإسماعيل بن جامع وإبراهيم ابن ميمون الموصلي - وغيرهما في دواوين العربية وأصولها - فتفلي ألفاظها وتجري عينيك وراء إصبعك على حروف الكلمات عساك تقع على جملة يكون فيها (زلزل) وما يخرج منها وما يتداعى إليها، ولا تكتفي أيضاً فتتناول من بين كتبك أحد فهارس القرآن الكريم - (وهو الحجة العليا في مثل هذه المشكلات) - كما قلت وإن لم تقل، فتجد اللفظ في آيات بينات منه. فتجمع ذلك كله في مقالك - أو ردك على - حشداً بارعاً عظيما تضاهي به عمل (المستشرقين) الثقات الإثبات المتضلعين المتقنين المجيدين! الذين لا يدعون للحرف مكاناً إلا نبشوه وتقصوه ورموا بعضة فوق بعض (أخذاً بحزم العبادي. . .) الذي عرفت. وهو أسلوب فاسد عندنا لا يعول عليه في الحجة، وإنما هو أسلوب ضروري حسن حين يراد منه المقارنة والتدبر لاستخراج المعاني من الألفاظ وبيان سرها من الحقيقة والمجاز ودقة التصوير للأغراض التي نصبت لها هذه الألفاظ.

والنصوص التي جمعتها وحشدتها ورتبتها تختلف في حقائقها ومجازها في العربية، وأنت لم تشرح حرفاً واحداً منها تبين عن وجه مجازه على العبارة التي وقع عليها، ولو كنت فعلت ذلك أو أحسنته لطويت كل الذي نشرته عليّ وعلى القراء. . . تعلمني به ما غاب عني من (القرآن وهو في صدري، والتفسير والحديث واللغة وهي شواغلي) - كما تقول - وأنا لا أضن عليك، أيها الصديق، بما يجعل لحشدك هذا - الذي رعتنا به حين قذفته علينا - قراناً ونظاماً يسلك فيه ويمضي عليه، ويعرف به من لا يعرف سر البيان وكيف يكون مجازه على طريق اللسان العربي المبين!!

فأصل الحرف (زلزل) من (زلّ الشيء إذا زلق فتحرك فتدأدأ، فمر مراً سريعاً في ذهابه عن مستقره). فلما ضعفت العرب الحرف، فقالوا: (زلزل وتزلزل)، ضاعفوا معنى هذه الحركة، فكان معناها الحركة الشديدة العظيمة والاضطراب والتزعزع، وتكرار هذه الحركة مرة بعد مرة، حتى كأن بعض الشيء يزل عن مكانه، فينقض على بعض ويتساقط ويتقوض. وإذن، فشرط مجاز هذا الحرف أن يكون لشيء يتحرك حركة عظيمة شديدة، فالرجل يتزلزل، والأقدام والأيدي والرؤوس والقلوب وما إليها من أعضاء الإنسان المتحركة حركة ما، وكذلك الحيوان كالإبل جاء راعيها بها (يزلزلها) أي يسوقها سوقاً عنيفاً كأنها تزل معه مرة بعد مرة، والمكيل في مكياله كالبر والشعير كل يتزلزل لأنه يحرك فيتحرك، والدار والأرض والدنيا كلها تتزلزل لأنها تتحرك أو يجوز عليها الحركة فيتهدم بعضها على بعض، والنفس كذلك لأنها تضطرب في حيزوم المحتضر اضطراباً شديداً يتجلى في الكرب الذي يلحقه والضيق الذي يأخذه، فينتزع الأنفاس، ويضطرب القلب بالنبض الشديد، ويزيغ البصر، وتتحرك اليد والرجل في الحشرجة حركة كثيرة شديدة بتردد النفس في نزاع الموت والحياة. ومع ذلك فأنا أدع أشياء كثيرة لا أتناولك منها أيها الصديق.

أما الأُذن. . . فالإنسان من بين جميع الحيوان هو الذي لا يحرك أذنيه ألبتة، لا في طرب ولا غضب، فما بالك وهي ليست مجرد حركة، وإنما هي حركة شديدة مهدمة لأنها زلزلة. فإذا علمت ذلك وتلقيت وتدبرته وأحكمته ولم يأخذك العناد عليه عرفت أنه لا يمكن أن تقول (أذني زلزلت) لأن الزلزلة تتطلب أصلها المقرر وهو الحركة والانتقال والزلة بعد الزلة من مكان إلى مكان ولو على وجه المبالغة. فدع أذنك من آذان خلق الله الذين صورهم فأحسن صورهم - إن شئت. وأنا لا أصنع في كلامك هذا تعباً فأتلمس لك الخطأ كما تزعم، ولكن انظر يا بشر كيف يتكلم الشعراء عن الآذان وعن الزلزلة؛ يقول بشار في مغنية:

لعمُر أَبى زُوَّارِها الصّيدِ، إنهم ... لفي مَنظر منها وحسنِ متاعِ

(تُصلى لها آذانُنا) وعُيوننا ... إذا ما التقينا والقلوبُ دَوَاع

إذا قَلدَت أطراَفها العود (زَلزلتْ ... قلوباً) دَعاها للوساوِس داعِ

يروحون من تغريدها وحديثها ... نَشاوَى، وما تسقيهم بصُواع

لعوبٌ بألباب الرجال وإن دنت ... أطيع التُّقى والغي غير مُطاعِ

فانظر صلاة الآذان بالخشوع والإنصات والسجود للصوت، وتأمل زلزلة أوتار العود التي تزلزل القلب بوقعها وتوقيعها. وكيف أتم المعنى بذكر الوساوس وهي قلق واضطراب. . . وأما أنت أيها العزيز

فلا تذهبْ بحلْمك طامياتٌ ... من الخُيلاءِ ليس لهن بابُ

فإنك سوف تحكمُ أو تَناهَى ... إذا ما شبتَ أو شاب الغرابُ

محمد محمود شاكر