مجلة الرسالة/العدد 348/في الطريق إلى يثرب

مجلة الرسالة/العدد 348/في الطريق إلى يثرب

ملاحظات: بتاريخ: 04 - 03 - 1940



للأستاذ محمود الخفيف

طافَتِ الذكرى فَطوفي بِقَصِيدِي ... واسكُبي في مِسمَعِ الدَّهرِ نَشيدِي

جَدِّدي قيثارَتي اللَّحْنَ وَهاتي ... مِن حَديثٍ أَبلَجِ الذِّكرِ فَريدِ

اُلهَدي وَالحَقُّ فيهِ والعُلَى ... والبُطُولاتُ وآياتُ الخُلُودِ

هِيهِِ. . . غَنَّيناَ بألحَان وِضَاءِ ... جَدَّ بالقَلْبِ حَنِينُ لِلغِناءِ

فَصَّلي أسْجَاعَها واستَلْهِمي ... كُلَّ نَشْوَانِ الصَّدَى حُلْوِ الأدَاءِ

رَجِّعي أنشُودَةً خالِدَةً ... كَمْ سَهَتْ عنها أغاني الشُّعَراءِ

أسمِعيها الشَرْقَ شِعراً سَلْسَلاً ... وَأَهيبي بِبَنيهِِ البُسَلاءِ

سيرَةٌ مِنْ جَانِبِ الله سَناها ... وَمَعان يوُقِظُ الرّوحَ صَدَاها

كلُّ نُورٍ هُوَ مِنها قَبَسٌ ... وَإلَيها كلُّ مَجْدٍ يَتَناهَى

خُطُواتٌ مُبتَدَاها عَزمَةٌ ... دُونَها الوَصْفُ، وَنَصْرٌ مُنْتهاها

إقْبسي قيثارَتي الوَحْيَ وهاتي ... مِن حَدِيثٍ قُدُسِيِّ اللَمَحَاتِ

أنشِديِنا فِيهِ أَعْلَى مَثَل ... خَطَّهُ التّاريخُ في مَاض وَآتِ

عِظَةُ الأجْيالِ فيهِ سَاقَها ... مَنْ أَتاها بالهُدَى والبَيّناتِ

النَّبِي العَرَبيُّ المصطفَى ... خَاتَمُ الرُّسُلِ سَمَاء المَكرُماتِ

حدِّّثي كيفَ اتّقَي كَيدَ الطَّغَامْ ... ومَشَى تَحتَ الدّجى هادي الأنامْ

ثانيَ اثنَينِ ترامَتْ بِهما ... في سَبِيلِ اللهِ بِيدُ وَرِجَامْ

أيُّها المُخرَجُ في جُنْحِ الدُّجى ... بِكَ يَنْجابُ عَنِ الدُّنيا الظَّلامْ

وَصِفي الصَّدِّيقَ يُخفيِ البُرَحَا ... في سُرَى يَكْرَهُ أنْ يَفتَضِحاَ

مُرسِلاً عَيْنَيْهِ في سُدفَتِهِِ ... كُلَّمَا أبْصَرَ فِيَها شَبَحَا

وهْوَ مَنْ لا يَرْهَبُ اللّيلَ ومَنْ ... طَلَبَ الصُّحْبَةَ فِيما اقْتَرَحَا

وبَكَى. . . حتى إذا فَازَ بها ... رَاحَ يَبْكي مِن جَديدٍ فَرَحا!

يا دُمُوعَ البِرِّ خَلَدْتِ الوَلاَء ... وَتَسامَيْت شَكاةً وَانْتِشَاَء

يا نُجومًا يَتَجدَّدْن على الدَّ ... هرِ جَمَالاً وَسَناَء وَضِياَء يَتَملاّكِ بنو الدُّنيا إذا ... طلَبوا في هذه الدنيا الوَفاَء

سَتَرَ الليْلُ الرَّفِيقَينِ فسَارَا ... كَيْفَ يَجْتَازَانِ في الليْلِ القِفاَرَا؟

آثَرَ الصَّدِّيقُ أنْ يَختَبِئاَ ... فَمَضَى يَطْلُبُ فِي البَيْداءِ غَارَا

عِنْدَ (ثَوْر) يَبْتَغِي مَوْضِعَهُ ... قَبْلَمَا يُوحِى لَهُ النَّجْمُ النهارَا

وَمَشى في إثرِهِ صَاحِبُهُ ... يَسْألُ اللهَ لِعَبدَيهِ اصْطِبَارَا

يُبْصِرُ الصِّدِّيقَ طَوراً سَابِقاَ ... يُسْرِعُ الخَطْوَ، وطَوراً لاَحِقاَ

ويَراهُ بَعدَ حِين قُربَهُ ... صامِتاً، يَرْنو إليهِ مُشفِقاَ

مُرْهِفاً أُذْنَيْهِ فْي البِيدِ إذَا ... هَفَتِ الرِّيحُ بِلَيلٍ أغْسَقاَ

حَذِراً يَرْتَابُ إن كان أمَامَهْ ... فَهوَ لاَ يَأمَنُ في الليلِ ظَلاَمَهْ

ومَتى عَادَ إلى خَلْفٍ رَأَي ... مَوضِعاً لَيْسَ تُرى فيهِ السَّلاَمَهْ

وَلَئِنْ سَارَ إلى جَانِبِهِ ... لَمْ يُصِبْ في ذَلِكَ السَّيرِ مَرَامَهْ

جُهْدُهُ أنْ يَتَلقَّى وَحْدَهُ ... إنْ بدا الشَّرُ، من الشَّرِ سِهامهْ

أيُّهَا البَاذِلُ فِي اللهِ اَلحَياهْ ... ياَ رَفيقاً فَاتَ في البَرِّ مَدَاهْ

أيُّهَا المُرْخِصُ في إيمانِهِ ... مَا يُعِزُّ النَّاسُ مِنْ مَال وَجَاهْ

سِرْتَ في الدُّنْيا حَدِيثاً عَطِراً ... تَنْشَقُ الدنْيا عَلَى الدهْرِ شَذَاهْ

بَلَغَا (ثَوْراً) وَمَا حَانَ السَّحَرْ ... فمَشَى يَأوِي إليّ الغَارِ القَمَرْ

يَا سِرَاجاً يَنسَخُ اللهُ بهِ ... ما تَدَجَّى مِنْ ضَلاَل وَاعْتكَرْ

قدَّرَ اللهُ لَكَ الظَعْنَ فَكَمْ ... عِبْرَةٍ فيهِ وَذِكرَى لِلْبَشَرْ

إن تَكُنْ أُوِذيتَ فيِ اللهِ لَقدْ ... كُنْتَ أَسْمَى مَنْ تَأَسَّى وَصَبَرْ

لَمَحَ الغَارَ فَأوْمَى عِنْدَ بَابِهْ ... لِلنِّبِيِّ المصطفَى، خَيْرُ صِحَابِهْ

قِفْ! تَمَّهلْ. . . بِأبي أنْتَ وأُمِّي ... رُبَّ شَرٍ خَبَأ اللّيْلُ لَنَا بِهْ

وَمَضَى يَسْتبْرِئ الغَاَرَ لَهُ ... لَيْسَ يَخَشى ماَ دَعَاهُ لاجْتِنَابِهْ

لَمْ يَخَفْ فِيهِ المُعْتمِاَ ... بَلْ دَعَاهُ حِرْصُهُ أَنْ يَقْدُما

مَدَّ في الظُلْمَةِ رِجْلَيْهِ إلى ... كُلِّ رُكنٍ بَاحِثاً لَنْ يُحْجِماَ

رُبَّ رَقْطَاَء أَثَارَتْ رِجْلُهُ ... أوْ أثَارَتْ فِي دُجَاهُ ضَيْغَماَ يَفْتَدِي بِالنَّفْسِ طهَ رَاضِياً ... كلُّ سِلْمٍ عِنْدَهُ أَنْ يَسْلَما

لاَذَ بِالْغَارِ الرَّسُولُ المصطفى ... معه الصِّدَّيقُ أوْفى من وَفَا

يَقِظَ الطَّرْفِ بِهِ ذَا أُهْبَةٍ ... مُنصِتاً في صَمْتِهِ مُسْتَهدِفاَ

كُلُّ هَوْلِ عِنْدَهُ مُسْتَعْذَبُ=في سَبِيِل الحقِّ حتى يُنْصَفَا

إمْلأي اللَّحْنَ خُشُوعاً وَاحْتِشامَا ... وَاجْعَليِ شِعْري صَلاةً وَسَلاَمَا

أسجُدي قيثارَتي واقتَبسي ... مِنْ جَلاَلٍ فاتَ في الأرضِ الكلاما

أعْجَزَ القَوْلَ وَكَمْ هامَ بهِ ... مَنْ رَأى فِيهِ قُصَاراه الهُياما!

كُلَّما اسْتَشْرَفَ ذُو لُبٍّ لَهُ ... كان كالأُفْقِِ: تدانى فَتَرامَى!

هلْ رَأَى قَطُّ بنو الدُّنيا كِفاحا ... غَيْرَ نُورِ الحَقِّ لم يَهْزُزْ سِلاحَا؟

هلْ رَأَوا قَطُّ يَتيماً مُمْلِقاً ... يَتَحدّى وَحْدَهُ اللُسْنَ الفِصَاحا؟

ذَلِكَ اللائِذُ بالغارِ غَداً ... يَمْلأُ العالمَ رُشْداً وفلاحا

هلْ رَأى قَطُّ بنو الدُّنيا يَقينَا ... مِثْلَ هذا حَيَّرَ المُسْتكْبِرينا؟

ظَلَّ عَشْراً وثلاثاً صابِراً ... يَتَحدَّى سَفَهَ المُستهزِئينا

كُلَّما زادُوه مِن كَيْدِهُمُ ... وَجَدُوا مِنْهُ قَنَاةُ لن تَلينا

أيُّها الصّابرُ، بالصَّبرِ غَداً=يَفتَحُ اللهُ لَكَ الفَتْحَ المُبينا

أيُّها الهامِسُ تحتَ الغَلَسِ ... وَهْوَ مَنْ يَحْمِلُ أَسْمَى قَبَسٍ!

أيُّها المُخْرَجُ لَيلاً لم يَكنْ ... هَمسُكَ القُدْسِيُّ بالمُحْتَبِسِ

هذهِ الدُّنيا غداً تشدو بهِ ... مِنْ ضِفافِ السِّنْدِ للأندلُسِ

ذلك الغارُ الذي لاذَا بهِ ... جِدَّةٌ الدُّنيا غداً مِنْ بابهِ

يَدرُجُ التّاريخُ مِنْ رُقْعَتِهِ ... ويَفيض النُّورُ مِنْ مِحْرابِهِ

يَمحَقُ البَاطِلَ في أصْنَامِهِ ... ويُميتُ الشِّرْكَ في أنْصَابِهِ

يَسَعُ الدُّنيا غداً هَيكلُهُ ... ويَلُّمُّ المَجْدَ مِنْ أنسابِهِ

سَوْفَ يَطوي مُلكَ كسْرى لو دَرى ... غَيْرَ بَاغِ، ويُذِلُّ القَيصرا

مَوْضِعٌ في البيدِ يسمو رُكنُهُ ... للثريا وَهْوَ في أصْلِ الثّرَى

مَوْئِلُ الدّين مشى في هجرةٍ ... أذِنَ الله بها أن يُنْصَرَا عُصْبَةُ الشِّركِ محا الصُّبحُ دُجَاها ... وَأتَى الحقُّ بما ألْجَمَ فَاها

لَيَتَهَا لما أَتَاها أذْعَنَتْ ... وَمَعَ الصُّبْحِ أفَاقَتْ مِنْ كَرَاها

صَدفَت عنهُ عِنَاداً وَمَضَتْ ... تُؤثِرُ الليْلَ عَلَى الصُّبْحِ اتجاها

يَا لها مِنْ عُصْبَةٍ غَاشِمَةٍ ... كهْلُها يَسْبِقُ فِي الشِّرِّ فتاها

طَلَبَتْ فِي رُقْعَةِ البِيدِ الرسُولاَ ... وَأتَتْ تَسْعَى شَبَاباً وَكُهُولاَ

يَسْمَعُ الصّدِّيقُ جَمْعاً هاهنا ... وَهُنا يَسْمَعُ مِنْ قُربٍ فًلًولاَ

أيُ ثَأرٍ هاجَهَا فَاْنطَلَقَتْ ... لا تَرَى عن ذَلِك البَغْيِ عُدُولا؟ َ

أتُرى تُدْرِكُ معنى الارْتِحَالِ ... وَتَرى أوَّلَ آيات النّضَالِ؟

لو تَخَطّتْ حُجُبَ الغَيْبِ رَأتْ ... مِلء هَذِِي البِيدِ من سُمْرٍ عوالِ

تَرْجُفُ الأرْضُ بِجَيْشٍ لَجِبٍ ... ظَافرِ الإقْدَام نشوانِ النِّصالِ

رَفَعَ الرَّايَةَ فِيهِ سَيِّدٌ ... يَجْعَلُ العَفْوَ بِهِ فَوقَ القِتَالِ

قالَ عِنْدَ الغارِ: يا قومِ هنا! ... قائلٌ منهم. . . ونادى موقنا

ورأى الصّدِّيقُ ما أَزْعَجَهُ ... فَشَكا البَثَّ وأبدى الحَزَنا

قال لا آسَي إذا نُجّيتَ مِنْ ... ذا وإن أوذِيتُ أوْ مِتُّ أنا

وَرَأى أحْمَدُ لا يَخْشى العِدَا ... ولَئِنْ كدَّرَهُ ذَاك الصَّدَى

قالَ: لا تحْزنْ! وَصَلَّي قائماً ... يَحْمَدُ الله عَلَى مَا أيَّدَا

أنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ سَكَناً ... وَوَقى الَجارَيْنِ مِن شَرٍ بَدا

وَتَوَلْتْ عُصْبَةُ الشِّرْكِ؛ فمَا ... يَفْتَحُ البَاطِلُ حِصْناً مُوصَدَا

أي حِصنٍ صَدَّ هاتيك الجُمُوعا ... فَتَوَلْوا عَنْهُ مِن يَأسٍ رُجُوعا؟

صِيغَ مِن أوْهَنِ نَسْجٍ بابُهُ ... لا يُرى إلا خُيُوطاً وَرُقوعا

مَا دَنَا مِنْهُ فتىً إلا انثنَى ... وَاجِفَ القلْبِ وَمَا كانَ هُلوعَا

أفْزَعَ الشِّرْكَ مِنَ الغَارِ غِناءُ ... فإذَا أَفْئِدَةُ الشِّرْكِ هَوَاء

ذَاتُ طَوْقٍ جَاوَبَتها أُختُها ... يا دُعَاءً رَاحَ يَتْلُوهُ دُعَاء

رَوِّعَا الشِّرْكَ بِلَحْنٍ هاتِفٍ ... إنّمَا كانَ مِن الله النَّجَاء

إنْ أتَى النَّصْرُ مِنَ الله فمَا ... يَنْسِجُ العَنْكَبُ - دِرْعُ وَوِقاء وَصِفَا مِن جانِب الرَّحْمَنِ حَشْدا ... مَلأ البَاطِلَ رُعْبًا لو تَبَدَّى

طافَ بالغَارِ أُولو أَجْنِحَةٍ ... قَدْ تلاقَوْا عِنْدَهُ وَفداً فَوَفْدَا

مِن جُنُودٍ لم يَرَوْها حُوَّمٍ ... أيْنَ مَن يَحْشُدُ كالرَّحْمَنِ جُنْداَ؟

حَيّيا أسماَء كالطّيْفِ الرَّفِيقْ ... تَسْرِقُ الخطْوَ عَلَى هَوْلِ الطريق!

تَحْمِلُ الزْادَ عَشِيَّا وَحْدَها ... ذَاتُ قَلْبٍ هُوَ بَالخَوْفِ خِليقْ

يا اْبنَةَ الصّديق هلْ منْ نَبأٍِ ... للرَّفيقين عَن الشِّرْكِ وَثيقْ؟

أمسِكي عَنْ لطْمَةٍ فاجرَةٍ ... طَرحَتْ قُرْطَكِ منْ وَغْدٍ صَفِيقْ

هِيِه عَبْدَ الله. . . قُصَّ الَخَبَرا ... هاتِ منْ نيّاتِهِمْ مَا ظهَرَا

وَخذ الحيطَةَ وَأحْذَرْ مَكرهُم ... وَتَخَيَّرْ من يُعفي الأثَرا

وتأهّبْ. . . آن أن يَسْتَأنِفَا ... فيِ سبيلِ اللهِ هذا السَّفَرا

تَبِعا فيِ وَحْشَةِ البيدِ الدلِيلاَ ... يَتِوَخْى بهما سيْراً طَويلا

يَدْرُجُ الحقُّ إلى غايَتهِ ... وقد اختَارَ لَهُ الله السَّبيلا

يَنْصرُ اللهُ به مَن هاجَرُوا ... مِنْ جُنُودٍ صَبَروا صبراً جَميلا

آيَة اللهِ انجْلَتْ في هِجْرةٍٍ ... تَهْتفُ الدّنْيا بها جيلاً فجيلا

هِجرةٌ تَحْمِلُ بُرْهانَاتِها ... وهيَ وحْيُ لِلنُهَى في ذاتِها

كلّمَا أمْعَن فِيهَا نَاظرٌ ... كَشَفَ المكنونَ مِنْ آياتِها

قَبسُ اللهِ الذي أنزَلُهُ ... يَنْجَليِ لِلنّفْسِ في غاياتِها

ذلك الداعِي الذي يلقى الصِّعابا ... لِمَ يَخْتارُ مِن القَوْمِ العَذَابا؟

وهْوَ لَوْ يَخْتارُ مُلكاً نَاَلَهُ ... من سَراةِ القَوْمِ طوْعاً لاَ اغْتِصابا

أوْ يشاء المالَ سَاقُوهُ لَهُ ... وهْو مَنْ يَفْنَى لهُ الناسُ طِلاَبا

إِنما يَسْعَى إلى اللهِ، وإنْ ... قَذَفوا في وجهِهِ السّمْحِ التُّرابا

لمَ تكُنْ هْجَرَتُهُ إلا جِهَادَا ... وإباءً وحِفَاظاً وجِلاَدَا

رَاحَ يَسْتأنِفُ في هجَرتِهِ ... في سبيلِ اللهِ؛ أعْبَاءً شِدادَا

سَارَ يَسْتَصرْخُِ مِنْ يَنْصُرُهُ ... ليُذِلَّ السَّيْفُ في الشّركِ العنادا

هادِيَ البَيْدَاء قدْ طالَ الَمسِيرْ ... وَرَجَتْ يَثْربُ إقبالَ البشيرْ إيهِ لا تُبطِئ فهذا فارِسٌ ... يَقْتَفي خَلْفُكَ آثارَ البَعِيرْ

الْتَفِتْ تُبصِرْهُ قَدْ ساَخَ به ... فَرَسٌ كادَ مِن الزّهْوِ يَطيرْ

صاح بالرَّكْبِ تَنكّبْتُ الأذَى ... ولَئِنْ أُطْلِقْتُ إنِّي لَنَصِيرْ

ومَشَى حَتَّى إذا ما اقْتَربَا ... راحَ يرْوِي للرَّسُولِ السّبَبا:

أُرْخِصَ المالُ لمن يَأتي بهِ ... فأتى يَطْلُبُ فِيَمنْ طَلَبَا

مُذ رأى ما حلَّ في السَّيْرِ بِه ... طَلَبَ الأمْنَ وعافَ الذَّهَبا

أقْبلي يَثْرِبُ من كلِّ البقاعِ ... بَلغَ السَّفرُ ثَنِيَّاتِ الوَداعِ

اجعَلِي في كلِّ وادٍ مَوْكِباً ... مُشْرَئِباً، وامْلأي كلَّ يَفاعِ

سِرْتِ في الدُّنيا إلى جَبْهَتِها ... مُنْذُ آوَيتِ بها أشْرَفَ داع

الخفيف