مجلة الرسالة/العدد 371/البريد الأدبي
مجلة الرسالة/العدد 371/البريد الأدبي
إلى الأستاذ الشاعر علي محمود طه
قرأنا بإعجاب كبير ديوان (ليالي الملاح التائه)، وفي مطالعتنا لمقدمات القصائد مررنا بمقدمة القصيدة التي عنوانها (خمرة نهر الرين) وقد جاء فيها:
(يتفرد نهر الرين بجنات أعنابه، وأشجاره الباسقة، وقصوره التاريخية، ذلك النهر الذي ينبع من سويسرا ويمر بين فرنسا وألمانيا ويخترق هولندة حتى مصبه في بحر الشمال. وقد تغنى بجماله وفتنته شعراء مبدعون، احتفل الأدب بآثارهم ومنهم الشاعر الإنجليزي جون كيتس الذي أودع قصائده الأخيرة إلى محبوبته أرخم ما غناه عشاق نهر الرين. . .)
واعتماداً على ما نعلمه من دراستنا لأخبار الشاعر المبدع جون كيتس وأشعاره لا نجد في ديوانه كله أية قطعة تغنى فيها بنهر الرين مباشرة أو عرضاً، وليس في قصائده المعروفة إلى محبوبته (فاني براون) أي تغن بنهر الرين.
وزيادة في الإيضاح نذكر أن الشاعر المذكور لم يترك إنجلترا في حياته إلا مرة واحدة، وذلك في عام 1820 تلبية لدعوة الشاعر (شلي) الذي كان في إيطاليا في تلك السنة. وكانت الطريق التي سلكها (كيتس) بحرية. ومنذ اليوم الذي ترك فيه إنكلترا حتى وفاته بعد ذلك بزمن يسير لم يقل غير قصيدة واحدة وهي مشهورة في الأدب الإنكليزي بعنوان (النجم الساطع) إلى (فاني براون)، وليس فيها إشارة إلى النهر المذكور الذي لم تقدر له رؤيته في حياته.
أما الشاعر الإنكليزي الذي تغنى بنهر الرين فهو (اللورد بيرون) في قصيدته الطويلة وذلك في المقاطع (46 - 55) من الفصل الثالث؛ وهي من أجمل ما قيل في التغني بجمال نهر الرين وعظمته.
وختاماً تقبل أستاذي هذه الملاحظة، وليس يقل من شأن شاعر الحب والجمال (جون كيتس) ألا يتغنى بجمال نهر الرين وكفاه ما تغنى به. ودم للمعجب.
علي كمال
حول أخي إسماعيل أدهم قرأت جل ما كتب في المجلات والجرائد المصرية خاصاً بأخي المرحوم (إسماعيل أحمد أدهم) وقد رأيت أن بعض الكتاب قد وقعوا في بعض الأخطاء، ورأيت من الواجب أن أنبه إلى تلك الأخطاء إحقاقاً للحقيقة، وخدمة للتاريخ.
ولقد كتب صديقي الأستاذ (عبد الحفيظ نصار) مقالاً في العدد الأخير من مجلة (الرسالة) فوقع في بعض الأخطاء منها أنه ذكر أخي إسماعيل حفيد أدهم باشا كان وزير المعارف التركية سابقاً. والحق أن إبراهيم أدهم باشا كان وزيراً للمعارف المصرية - أي مدير المدارس المصرية - على عهد ساكن الجنان المغفور له (محمد علي الكبير) وخلفه العظيم الخديو (إسماعيل)
وقد أشار إلى هذا الأستاذ الأديب (صديق شيبوب) في المقال المنشور له في جريدة البصير بتاريخ (2 أغسطس 940) نقلاً عما كتبه المرحوم علي باشا مبارك في خططه.
وذكر الأستاذ نصار أن أخي نشر أبحاثاً متفرقة في الرسالة كان آخرها بحثه عن (عام الفيل) والحقيقة أن آخر مقال له فيها هو (الذرة وبناؤها الكهربائي)
وذكر أيضاً أن أول كتاب صدر له في مصر (مصادر التاريخ الإسلامي) والصواب (من مصادر التاريخ الإسلامي) وقد صودر - كما أذكر - بقرار من مجلس الوزراء وليس بمرسوم ملكي كما قال الأستاذ.
وقال أيضاً إن له كتاباً اسمه (الأنساب العربية) والصواب (علم الأنساب العربية) وقد نشرته مجلة (الحديث) الحلبية
هذا، ولي عودة - إن شاء الله - لتصحيح أخطاء بعض الكتاب.
(الإسكندرية)
إبراهيم أحمد أدهم
مأخذ طائش
قال الأديب أحمد جمعة الشرباصي: لما أخرجت وزارة المعارف ديوان المرحوم حافظ إبراهيم لم تنشر به عدة قصائد له، وذكر مقطوعة من شعره في وصف الطيارة لم تنشر بديوانه وهي: يجري بسابحة تشق ... سبيلها شق الإزار
والحقيقة أنها موجودة بالجزء الثاني صفحة 77 في استقبال الطيار العثماني فتحي بك، وكانت طائرته قد سقطت به ومات قبل إتمام رحلته إلى مصر، فرأى حافظ من الوفاء نشر هذه القصيدة بعد موته لتكون له حياً وميتاً. فهل اطلع الأديب الشرباصي على الديوان؟
أحمد حسين حسنين
تصحيح بيت في ديوان (حافظ) بمناسبة ذكراه
إلى حضرات الأساتذة المحترمين الذين ضبطوا وصححوا ديوان شاعر النيل (أحمد حافظ إبراهيم) رحمه الله
جاء في الجزء الثاني من الديوان مطلع قصيدة (تصريح 28 فبراير):
مالي أرى الأكمامَ لا تُفَتِّحُ ... والروضُ لا يزهو ولا يُنفِّحُ
وذلك بتشديد الكلمة الأخيرة من صدر البيت ومثلها من عجز البيت، وعلى هذا فوزن البيت لا يستقيم مطلقاً مع وزن القصيدة. إذا فالأصح أن يكون بيت المطلع بلا تشديد هكذا:
مالي أرى الأكمامَ لا تَفتَحُ ... والروض لا يزهو ولا يَنفَحُ
هذا ما خطر لي لدى مطالعتي ديوان حافظ بجزئيه منذ أمد بعيد، وقد سجلت هذا الخاطر. . . والآن بمناسبة ذكرى هذا الشاعر العربي العظيم أعرض ملاحظتي المتواضعة على البيت المذكور أمام الأساتذة المصححين للديوان ليقولوا كلمتهم، وكذلك أعرضها لقراء الرسالة ليتدبروها جيداً ويُبدوا آراءهم فيها، ولله أسأل أن يهدينا إلى الصواب.
(العراق - العمارة)
أنور خليل
نؤت بالحمل وناء بي
نشر الأستاذ الطنطاوي في العدد (362) مقالاً جاء فيه تلك العبارة:
(. . . وكانت السيارات تسير متعاقبة يكاد ينوء بها ثقل ما تحمل. . .). وقد أشار في الهامش إلى أن هذا هو التعبير الصحيح رغم شيوع عكسه، وهذه الإشارة إن أفادت شيئاً، فإنما هي تفيد أن تعكس خطأ.
وقد قرأت في كتاب الأمالي ما نصه: (يقال: نؤت بالحمل أنوء به نوْءا، إذا نهضت به، وناء بي الحمل ينوء بي نوءا، إذا جعلني أنهض به) اهـ
وقد دفعني ما قرأته في الأمالي إلى أن أرجع إلى القاموس، فأدهشني أن كلا الكتابين متفق، وذلك بعد أن أرجعت البصر فيهما مرات، وهاك الدليل: يقول القاموس في مادة (ناءَ): (ناء نوْءَا وتنْواءَ): نهض بجهد ومشقة، و (ناء بالجمل) نهض به مثقلاً، و (ناء به الحمل): أثقله وأماله كأناءه) اهـ
ولو تلمسنا وجاهة كل من التعبيرين، لوجدنا أن قولنا نؤت بالحمل أوجه بكثير من قولنا ناء بي الحمل، والتعبير نفسه ينطق بذلك فما رأي الأستاذ الطنطاوي؟؟
(كفر المياسرة)
عوض عوض الدحة
مغالطات
أستاذي الكبير الزيات
قرأت للأخ الأديب أحمد جمعة كلمة في الثقافة عدد 83 حول ترجمة لابن الفارض في كتاب (تاريخ الأدب العربي) إذ نقل منه هذه العبارة:
ومن أشهر شعره - يعني ابن الفارض - تائيتاه الكبرى والصغرى، تبلغ الأولى 600 بيت، والثانية 103 أبيات، وقد استوعبتا أغراض الصوفيين وأسرارهم ولا يقرأهما إلا من رزق الصبر والجلد إلى حل تلك الرموز، يقول في مطلع الكبرى:
نعم بالصبا قلبي صبا لأحبتي ... فيا حبذا ذاك الشذا حين هبت
تذكرني العهد القديم لأنها ... حديثة عهد من أهَيل مودتي
نقل هذه العبارة، وقال إن فيها عدة أخطاء:
1 - في عدد أبيات التائية الكبرى، فهي ليست 600 بل 779 بيتاً كما عدها بنفسه مراراً.
2 - إن التائية الكبرى ليست مبدوءة بما ذكرتم من قول ابن الفارض:
(نعم بالصبا قلبي صبا. . .) البيتين 3 - في إتيانكم بالبيتين متعاقبين والحقيقة أن البيت الثاني (تذكرني العهد القديم. . .) الخ جاء في التائية الصغرى - لا الكبرى - بعد أربعة أبيات. . . الخ، وأنا أعجب للأخ أحمد جمعة، كيف جشم نفسه هذا الجهد الكبير، والأمر أسهل مما يعتقد؟؟
أما عن عدد الأبيات فقد صدق أستاذنا الزيات، فلقد رجعت إلى طبعات ديوان ابن الفارض المختلفة، فوجدت اختلافاً كبيراً في عدد الأبيات، أبيات هذه القصيدة. فبعض الطبعات ذكرت هذه القصيدة في نحو 600 بيت، وعلى هذه الطبعة اعتمد أستاذنا الزيات في كتابه (تاريخ الأدب العربي) صفحة 229 من الطبعة الخامسة كما ذكرت، وصفحة 352 من الطبعة السادسة وكذلك اعتمد عليها أيضاً الدكتور زكي مبارك في كتابه التصوف الإسلامي جـ 1 ص130 حيث يقول: (ولا يسع من يهتم بدرس ابن الفارض أن يغفل التائية الكبرى، وهي نحو ستمائة بيت، وقد نظمها تحت وحي صوفي. الخ). وطبعة أخرى ذكرت هذه القصيدة نفسها في 758 بيت، وطبعة ثالثة ذكرت هذه القصيدة أيضاً في 762 بيت، وأحمد جمعة يقول إنها تبلغ 779 بيتاً كما عدها بنفسه مرات فلا يصح له بعد ذلك أن يخطئ الأستاذ في عدد الأبيات قبل التثبت في حين أنه أخذ بأكثر هذه الطبعات دقة وعناية.
هذه واحدة. وأما الثانية: فأنا معه فيها، إذ أن التائية الكبرى مبدوءة بقول ابن الفارض:
سقتني حُميَّا الحب مقلتي ... وكأسي محيا من عن الحسن جلَّت
فأوهمت صحبي أن شرب شرابهم ... به سُرَّ سرىِّ في انتشائي بنظرة
ولعله يرى معي أن هذا لا يعد خطأ، وإنما هو سهو، وكان الأجدر به أن يعطيه اسمه الصحيح. . .! وأما الثالثة: فهي مغالطة صريحة ولا تجدر بطالب الحقيقة والناقد المنصف.
ألم يقل أستاذنا: (يقول في مطلع الكبرى: (نعم بالصبا قلبي صبا. . .) البيتين؟ أليس البيت الثاني: (تذكرني العهد القديم. . .) الخ خامس أبيات القصيدة؟ وهل أن الإتيان ببيتين متعاقبين يدل على أنهما كذلك في أصل القصيدة؟؟
اسمع يا أخي كلمة الحق: كان يكفيك أن تقول: (وقع سهو في كتاب (تاريخ الأدب العربي) حين ذكر مطلع التائية الصغرى، على أنها الكبرى.). إنك لو فعلت ذلك لكنت من المقسطين.
عبد الحفيظ أبو السعود
إلى الدكتور زكي مبارك
لا ضَيْرَ أن يلحق التأخير تهنئتي ... ما العِبرةُ إلا بالخواتيمِ
كمثل فعلك: مجهودٌ وتضحيةٌ ... يتوَّجان بتقدير وتكريم
أن الوسام الذي أُعطيته ثقةٌ ... للرافدين وحقٌ غير مهضوم
سفارةٌ لك في الأقطار يحمدها ... ساعٍ يؤلف ما بين الأقاليم
مِزاج أكؤسها من كوثرٍ شَبِمٍ ... ووِرد أنهارها من عذب تسنيم
الفكر والقلم المفتول ساعِدُهُ ... قد أولياها بمشبوبٍ ومضروم
فانهض (مباركُ) للجُلَّى بلا وَهَنٍ ... ما كان مقتحِم الجُلَّى بمهزوم
واقبل كأصدق ما هُنِّئتَ تَهنئةً ... ممن قصائدُه وحي الحواميم
عامر محمد بحيري
استدارك
سقطت عبارة من مقال (من عجائب الفهم. . .؟) المنشورة بالعدد 370 صفحة 1259 عند السطر 26، وهاهي ذي:
(وقد بينت أن الحياة عن الأستاذ العقاد في قصيدته هي النزول إلى ظواهر الدنيا للاتصال بها وإدراكها، وليست الحساسية النفسية كالتألم والفرح وسائر حركات النفس)
الإمام أبو هريرة في كتاب (فجر الإسلام)
تحدث الأستاذ أحمد أمين في كتاب فجر الإسلام عن أبي هريرة كما تحدث عنه (جولدزيهر) وأمثاله، ومما قاله: (والحنفية يتركون حديثه أحياناً إذا عارض القياس كما فعلوا في حديث المصراة، فقد روي أبو هريرة أن رسول الله ﷺ قال: (لا تصروا الإبل والغنم من ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعاً من تمر) قالوا: (أبو هريرة غير فقيه، وهذا الحديث مخالف للأقيسة بأسرها، فإن حلب اللبن تعد وضمان التعدي يكون بالمثل أو القيمة والصاع من التمر ليس بواحد منهما)، اهـ (ص269)
كلامه هذا يفهم شيئين: الأول أن الحنفية يقدمون القياس على حديث أبي هريرة إذا عارضه. الثاني أنهم يرونه غير فقيه؛ ونسبة الأمرين إليهم نسبة غير صحيحة. أما في تعارض الخبر والقياس فالإمام وصاحباه وجمهور الحنفية على أن الخبر مقدم على القياس مطلقاً سواء كان الراوي فقيهاً أو لا، وذهب فجر الإسلام - واختاره ابن أبان وأبو زيد - إلى أن الراوي إن كان فقيهاً قدِّم خبره على القياس مطلقاً، وإن كان غير فقيه قدم خبره أيضاً على القياس إلا إذا خالف جميع الأقيسة وانسد باب الرأي؛ وبهذا تبين أن الحنفية لا يقولون بتقديم القياس على الخبر ومن ذهب منهم إلى تقديمه عند انسداد باب الرأي يعممه في كل خبر راوية غير فقيه لا بخصوص أبي هريرة وأما أن أبا هريرة غير فقيه، فهذا لم يقل به غير فجر الإسلام وصاحبيه المذكورين، وقد شنع الحنفية عليهم قولهم هذا وردوه أبلغ رد كما هو معلوم لمن يطالع أصولهم، فنسبه القول بذلك إليهم نسبة باطلة.
ولك أن تتساءل كيف نسل الأستاذ إلى الحنفية كل هذا وهم منه براء؟ والجواب أنه قد اعتمد في كتابه فصل الحديث في فجر الإسلام على (مسلم الثبوت وشرحه)، أكثر من أي كتاب آخر، وشارح المسلم لما تعرض لقول فخر الإسلام موافقيه وأبان عن وجهة نظرهم قال: (ومثلوا لذلك بحديث المصراة، وهو ما روى أن رسول الله الخ الحديث. قالوا أبو هريرة غير فقيه وهذا الحديث مخالف للأقيسة كلها إلى أن قال: وفيه تأمل ظاهر فإن أبا هريرة فقيه مجتهد لا شك في فقاهته الخ. . .). ولا يخفى أن الضمير في قالوا راجع إلى فخر الإسلام ومن وافقه، ولكن الأستاذ أحمد أمين حول الضمير إلى الحنفية، ونسب قول فخر الإسلام إليهم، ولا أدي كيف تغاضى عن سياق الكلام، وكيف تغاضى عن اعتراض الشارح على القول بعدم فقاهة أبي هريرة، وكيف تغاضى عما في كتب الأصول من النص على فقه أبي هريرة والرد على فخر الإسلام ومن تابعه في قولهم ذاك؟
وصفوة القول أن ما نسبه الأستاذ إلى الحنفية في هذه المسألة غير صحيح وإنما هو لفخر الإسلام لم يوافقه عليه غير اثنين، وهو قول مردود من الحنفية أنفسهم.
مصطفى حسني السباعي