مجلة الرسالة/العدد 376/البريد الأدبي

مجلة الرسالة/العدد 376/البريد الأدبي

مجلة الرسالة - العدد 376
البريد الأدبي
ملاحظات: بتاريخ: 16 - 09 - 1940



غذاء العواطف والعقول

نشرت الرسالة كلمة للآنسة فوقية كامل في الاعتراض على ما عقَّبنا به على كلمة الدكتور مشرّفة بك: (العواطف من القُوى الأساسية في حياة الإنسانية، وهي تحتاج إلى غذاء كما تحتاج العقول) فقد نهينا القراء عن تصديق هذا الكلام، ودعوناهم إلى متابعة أخبار الحرب بين الإنجليز والألمان، فأخبار الحرب هي زاد العواطف والعقول في هذه الأيام العجاف!

والآنسة فوقية كامل تسأل عن معنى ذلك النهي ومدلول هذه الوصية.

وأجيب بأن ذلك متصل بأحاديث مرّت في الرسالة منذ أسابيع في الرد على من يتوهمون أن الحوادث العمومية تصرف الناس عن شواغلهم الخصوصية، ومن تلك الشواغل نوازع القلب والوجدان.

وعلى ذلك يكون الكلام ورد مورد السخرية من الذين لا يرضيهم إلا أن تكون أيام الحرب ملاطم ومناحات، فلا يهفو قلب في إثر قلب، ولا يظمأ روح إلى روح.

وبهذا يُحلّ الإشكال، والسلام!

زكي مبارك

سرقة أدبية قبيحة

لسنوات مضت كتب الأستاذ الجليل خليل جمعة الطوال من مثقفي شرق الأردن بحثاً على صفحات مجلة الشباب التي كان يصدرها الأستاذ محمود عزمي عن (الشاعر الفارسي والفيلسوف الرياضي عمر بن إبراهيم الخيام) - وقد قدم لبحثه (بتوطئة) استعرض فيها تواريخ الآداب العربية تخلص منها إلى (حياته) و (تاريخ ولادته) و (تصانيفه) و (رباعياته ومن قام على ترجمتها) - وختم بحثه بذكر أسانيد البحث ذاكراً أنه استمده من المصنفات الآتية:

1 - موسوعة العلوم البريطانية ج16 ص786 طبعة 14.

2 - فيتز جرالد

3 - نزهة الأرواح للشهرزوري.

4 - تاريخ الحكماء للقفطي.

5 - جامعة التواريخ لرشيد الدين.

6 - '

7 - ديوان عمر الخيام لأحمد صافي النجفي.

8 - ديوان عمر الخيام تعريب أحمد رامي.

ومن العجب العاجب أن هذا البحث الذي عالج فيه كاتبه مصاعب الاطلاع على المصادر السالفة مستنداً كل جملة إلى المصدر الذي استقاها منه يسطو عليه الأستاذ عبد الحميد سامي بيومي كما تنعته مجلة الثقافة فينقله إلى مجلة الثقافة فتنشره له بعددها 86 الصادر في 30 أغسطس سنة 1940 بعنوان عمر بن إبراهيم الخيام حياته وفلسفته!!!. . .

(جرجا)

محمود عساف أبو الشباب

الغناء المصري

سيدي الأستاذ رئيس تحرير الرسالة

بعد التحية. إنني أعتقد أن الأستاذ سيد قطب في مقاله عن الغناء المصري قد ظلم المؤلفين خصوصاً بعد أن نزل إلى ميدان التأليف الغنائي كثير من أقطاب الأدب المصري أمثال شوقي بك والأستاذ رامي وغيرهما. ونظرة واحدة في أغنية (في الليل) من شعر شوقي وفيها البكاء والأنين والنوح والشوق الخ، ترينا أن الذنب في الضعف ليس ذنب المؤلفين. وما يقال عن شوقي بك يقال عن رامي وغيره. وقد أحصيت أكثر من خمسمائة أغنية مصرية قديمة وحديثة ووجدتها إما أنها تحتوي على الضعف الذي ينعيه الأستاذ سيد قطب، أو على إغراء رخيص للميول الجنسية، وقد سبق أن تألفت لجنة من أفاضل الأدباء للعمل على ترقية الأغاني المصرية والسمو بها عن هذا الضعف، وكان من بين أعضائها شاعر اشتهر بميوعة أغانيه التي تنشرها له الصحف الأسبوعية، ولم أجد فيمن ألف من اقترب من شكسبير الذي تعتبر أغاريده المقياس الحي للأغاني ولو أن من القسوة أن نقارن شعراءنا بشكسبير، إلا أن النهوض بالأغاني يجعلنا ننظر النظرة السامية لهذا الشاعر الذي كان إذا اضطرمت عواطفه لا يلجأ للبكاء والنحيب بل كان يخرج من أزماته النفسية رجلاً كامل الرجولة، مما كتب لأغاريده الخلود

إن العلة إذن ليست في التأليف ولا في التلحين، بل هي تتجه لنفسيتنا الخاصة، فقد حتمت الظروف الطبيعية أن تتجاوب النفس المصرية بعاطفتي الفرح والحزن في آن واحد لمسبب واحد، وتأصلت هذه النفسية فينا من أقدم العصور وورثناها عن أسلافنا فأصبحنا مثلهم نجد اللذة فيما يحزن كما في أغانينا المريضة، وقد كشفتُ أثناء إقامتي في صعيد مصر عن سر هذه النفسية المعقدة ونشرت ملخصاً عنها في البلاغ يوم 15 مايو سنة 1933 بعنوان: (ندب النساء في مصر وما يعرف عندنا بالعديد)، وقد ذكرت في هذا البحث أن نغمة الصبا محببة إلى قلوبنا لأنها تميل إلى الحزن، وقد أيد الأستاذ الكبير العقاد هذا الرأي بعد ذلك بسنوات في مقال له عن الجهاد عن (أغاني الزفاف والأفراح) وعلى ذلك يجب ألا نلوم التأليف أو التلحين، لأن هذا الضعف عنصر من عناصر طبيعتنا المصرية، وأرجو أن أتمكن قريباً من نشر بحثي الخاص بهذا الموضوع كاملاً.

(كوم حمادة. بحيرة)

كامل يوسف

عضو بالمعهد البريطاني الفلسفي بلندن

المعاني شائعة، ولا تجوز الملكية فيها

تحت هذا العنوان في عدد من الرسالة مضى كتب الأستاذ محمد عبد الغني حسن مقالاً طريفاً ضمنه دفاعاً حاراً عن طائفة الشاعرين والناثرين ضد غارة جماعة الناقدين الذين يعطلون بنقدهم المواهب المتوثبة والاجتهاد المطرد. فعنده أن المعاني شائعة ولا يجوز أن نعد من يهتدي إلى تسجيل معنى قد سجله من سبقه، ناقلاً، أو سارقاً، أو لصاً؛ بل إن المعاني الإنسانية زاخرة تضطرم بها كل نفس، ويجيش بها كل صدر، وليست وقفاً على طائفة دون أخرى. وهذا حق، فما المعاني إلا وليدة مؤثرات تكاد تتشابه في كل الأعصر والأزمان، والناس هم الناس في كل مكان، فلا مبرر إذن لهذه الغارات إلا إذا كانت السرقات بينات. . .

ولكن اقرأ معي هذين البيتين لكبيرين من الشعراء قيلا لغرض واحد ثم انظر ماذا ترى

قال المرحوم أحمد شوقي على لسان (أتوبيس) الكاهن في رواية (كيلوبترا) يخاطب غزاة مصر من الرومان:

قسما ما فتحتمو مصر لكن ... قد فتحتم بها لرومة قبرا

وقال الأستاذ حسن القاياتي يخاطب حفدة الرومان الذين يبغون فتح لوبيا:

وما ملكوها غير نزلة ساعة ... وما القبر مملوكا لمن فيه ينزل

ألا ترى معي يا سيدي أن المعنى واحد في البيتين، وأوشك أن أقول إن أحدهما مأخوذ من الثاني؛ فلمن تعطى الأفضلية في الاهتداء إلى هذا المعنى النبيل، أم تقول إن المعاني شائعة ولا يجوز فيها الملكية والاختصاص وكفى؟

محمود المرسي خميس

حول (الجندول)

سمعنا أغنية (الجندول) مرة أخرى مسجلة على اسطوانات بعدما سمعناها على شريط ماركوني، وكنا نود من الأستاذ عبد الوهاب أن يتلافى - في هذه المرة - الأخطاء التي وقعت منه في المرة الأولى، حتى يعيد إلى هذه القصيدة الجميلة ما أضاعه من معانيها الرائعة. فهاهي ذي الأخطاء تعاد علينا ثانياً كما هي (فسُرى الجندول) كما في ديوان الشاعر بضم السين، يقولها (فسَرى) بالفتح، و (ذهبي الشَّعر) بفتح الشين يقولها (الشِّعر) بالكسر، والمعنى كما هو مفهوم الشَّعر لا الشِّعر، (ويوم أن قابلتَه) بفتح التاء يقولها (قابلتُه) بالضم. ونحن هنا نريد أن نسأل الأستاذ عبد الوهاب عن السبب في تكرير هذه الأخطاء مع أنها ظاهرة، وقد أشار إليها كثير من النقاد؟

محمد السيد شوش

غلطة!

أستاذنا (الدكتور مبارك) مولع بتعقب الأخطاء اللغوية التي يقع فيها كبار الأدباء والكتاب؛ حتى إنه تمنى أن تسجل دروس اللغة العربية التي يلقيها المدرسون المختصون على طلاب المدارس الثانوية بواسطة المذياع. . . حتى يتسنى له أن يحاسب هؤلاء المدرسين على ما يقعون فيه من أخطاء محاسبة المفتش المختص. فلعله أن يكفكف من حدته، ويلتمس لهم العذر إذا نحن نبهناه إلى غلطة مكشوفة وقع فيها وهو من هو، أجل، فقد أورد في كلمته المنشورة بالعدد الفائت من (الرسالة) الغراء هذا البيت:

فلا تحسبوا هنداً لها الغدر وحدها ... سجيةَ نفس، كلُّ غانية هندُ

بفتح تاء سجية! ولا شك أن هذا خطأ والصواب ضمها، وسبب ذلك لا يخفى على مثل الدكتور الفاضل.

إبراهيم محمد نجا

استدراك

سقطت من مقال (من عجائب الفهم أيضاً) للأستاذ زكي طليمات، وذلك في العدد 374 صفحة 1389 فيما بين السطرين السابع والثامن من العمود الثاني، الفقرة الآتية:

(والمسرحية لا تنهض بناحيتها الفلسفية فحسب، بل هناك عناصر أخرى تستند إليها وتستمد منها رونقها وبهاءها. وأهم هذه العناصر بلاغة العرض لحوادثها، وجودة الحبك لمشاهدها، وبراعة الحوار، ومبلغ توفيق الكاتب في تقدير المعلوم واستكناه الغامض مما يجول في أقطار النفس البشرية، وذلك عن طريق شخوص مسرحيته. وأعتقد - وأنا رجل مسرح - أن في مسرحية (مفرق الطريق) لبشر فارس شيئاً كثيراً من هذا).

إلى الأستاذ إبراهيم أدهم

كان لوفاة المرحوم شقيقكم الدكتور إسماعيل أدهم وقع شديد في نفوسنا لما له من اليد الطولى على الأدب العربي.

وإني أرجو من الأخ أن يسمح لي أن أسأله عدة أسئلة إظهاراً لما غمض علينا من حياة الفقيد:

أولاً: هل صحيح أن الدكتور إسماعيل أدهم ذهب إلى روسيا ونال درجة الدكتوراه؟ وإذا كان قد مكث في روسيا فكيف أذنت له الحكومة المصرية بدخول الأراضي المصرية؟ وما هي المدة التي مكثها في الأراضي الروسية؟

ثانياً: هل صحيح أن الدكتور أدهم كان ملماً باللغة الألمانية؛ ولقد أخبرني من أثق به أنه أثناء التحقيق معه بصدد كتابه (لماذا أنا ملحد) تبين أن لم يكن يعرف الألمانية بل ولا الروسية أيضاً، وما هي المدة التي قضاها الفقيد في تركيا؟

ثالثاً: هل ألف الفقيد كتاب (لماذا أنا ملحد) أم ترجمه وعن أي لغة ترجمه؟

هذا ونرجو من الأستاذ الفاضل أن يظهر لنا الحقيقة على صفحات الرسالة الغراء

إبراهيم حسنين البريدي

نؤت بالحمل وناء بي

قرأت ما جاء في عددي الرسالة الغراء 371و373 خاصاً بهذا التركيب (نؤت بالحمل وناء بي) وما أثير حوله. ولقد أحسن الأستاذ أبو الفضل السباعي حين ساق الآية الكريمة: (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة) سناداً قوياً يدعم به رأيه في أرجحية التعبير بالشطر الثاني من التركيب (ناء بي الحمل) ومؤيداً بذلك رأي الأستاذ علي الطنطاوي.

وقد رأيت خدمة للعربية أن أورد بعد التقري والجهد ما ذكره (المبرد) خاصاً بهذا التركيب وأمثاله. قال رحمه الله معلقاً على معنى في بيت الفرزدق:

وأطلس عسال وما كان صاحباً ... رفعت لناري موهناً فأناتي

هكذا الرواية. قال: (رفعت لناري من (المقلوب)، وإنما المراد رفعت له ناري والكلام إذا لم يدخله لبس جاز القلب للاختصار. قال الله عز وجل: (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة). ومن كلام العرب: إن فلانة لتنوء بها عجيزتها. والمعنى لتنوء بعجيزتها.

وقد سبق إلى هذا القلب كثير من شعراء العرب. أنشد أبو عبيدة للأخطل:

مثل القنافذ هدّاُجون قد بلغت ... نجرانُ أو بلغت سوآتِهم هجرُ

فجعل الفعل للبلدتين على السعة. وأنشد الفرزدق:

غداةَ أحلَّت لابن أصرمَ طعنةً ... حصين عبيطات السدائف والخمر

بنصب طعنة ورفع عبيطات والخمر على ما وصفنا من القلب، غير أن الكسائي أنشده عكس ما أسلفنا، فرفع طعنة ونصب عبيطات رائياً بعدم القلب وعليه فالرواية بكلا الشطرين صحيحة في محض العربية.

محمود مصطفى بدوي