مجلة الرسالة/العدد 382/ليالي الملاح التائه

مجلة الرسالة/العدد 382/ليالي الملاح التائه

ملاحظات: بتاريخ: 28 - 10 - 1940



(أهدى الشاعر النابه الأستاذ علي محمود طه نسخة من ديوانه

إلى صديقه الأستاذ فؤاد بليبل فأوحت إليه هذه الهدية الأبيات

التالية)

شاعرٌ تاهَ في بِحَارِ خَيالِه ... واهْتَدَى كُّل تائِهٍ بِضَلالِهْ

طافَ بالكونِ ينشدُ الحسنَ فيهِ ... ضارِباً في وِهادِهِ وجِبَاله

كلَّما شامَ بارِقاً من جمالٍ ... راحَ يَشْدُو بسِحْرِهِ وَدَلاله

يَتَغَنَّى مُصَوِّراً كلَّ ما يَبْ ... دوا لِعَيْنَيْهِ أَوْ يمرُّ بِبَاله

بارعُ الرَّسْمِ بالبليغِ مِنَ اللَّفْ ... ظِ خَبيرٌ بمَوْضعِ اسْتِعماله

تِلْكَ ألْوَاحُ شِعْرِهِ ماثِلاتٌ ... حافِلاتٌ بالعَذْبِ منْ أقْوَاله

قَدْ أرَانا بِبَدْرِهِ الصَبِّ لَوْحاً ... يَقِفُ المرءُ حائراً بِحيَاله

قمرٌ عاشقٌ قد اقْتَحَمَ الْحِصْ ... نَ على شَمْسِ مَخْدَعٍ لم تُبَاله

وَتَدَلَّى عَلَى النَّوَافِذِ وَلْهَا ... نَ إليها وَلَفَّها بحبَاله

واحْتَوَاها بِنَورِهِ وَهْيَ وَسْنَى ... يا لبَدْرٍ مُتَيَّم بِمثَاله!

وَهْوَ رَانٍ يَغَارُ من قُبَلِ البَدْ ... رِ المُعَنَّى عَلَى شِفَاهِ غَزَاله

وَأرَانَا بِهِ وَقَدْ غادَرَ الْخِدْ ... رَ عَشِيقاً يَبْكي عَلَى آماله

قَدْ سَبَانَا مِنْ كِّل فَنٍّ بسابٍ ... مِنْ أغارِيِدِهِ وَرِقَّةِ قاله

وَبِمَا عاينَتْ مِنَ الْحُسْنِ عَيْنَا ... هُ وما قَدْ رآهُ في تَجْوَاله

أينَ مِنْهُ (فِينسيا) الآنَ و (الري ... نُ) وَأيَّامُ حِلِّهِ وَارْتحاله؟

أين ذَاكَ (الْجُنْدُولُ) يُرْقِصُهُ المَوْ ... جُ فيَنْسَابُ مُمْعِناً في اخِتياله

بُحَّ صَوْتُ القيثَارِ فِي كفِّ حَادِي ... هِ وَطافَ السَّاقِي عَلَى آهَاله

مَوْكِبٌ يتركُ العقولَ حَيَارَى ... ليْتَ لِي أنْ أرَى سَنَاً (كرنفاله)

أيْنَ تِلكَ الآرامُ مِنْ فتيةِ (الآ ... رِ) وَهَلْ حَال عَهْدُهَا عن حاله؟

شاعرٌ هامَ بالجمالِ فغَّنا ... هُ بشعرٍ أيْنَ الطَّلا مِنْ زلاله؟ عَبْقرِيُّ الإيقَاعِ عَذُب القوافي ... تَتَمَشَّى الحياة في أوْصَاله

مَا لياليهِ غيْرُ مِنَ الوَحْ ... يِ عَلَيْهِ رَفَّتْ بَنَاتُ خَيَالِهْ

فَاتِكَأتُ اللِّحاظِ مِنْ كِّل بكرٍ ... سَلَّحَ السحرُ جفنُها بِنِبَالهْ

خَاشِعَاتٌ، مًعَرْبِدَاتٌ، شَوَاجٍ ... عَاِبثَاتٌ بكلِّ قَلْبٍ وَالِهْ

أيْنَ (بودليرُ) مِنْ رَقِيِق مَعَاني ... هِ وَإبْدَاعِ نَظْمِهِ وَجَلاَلِهْ؟

أعْتَقَ الشِّعْرَ مِنْ عَتِيقِ صَحَاري ... هِ وَمِنْ عِيسه وَمِنْ أطلاَلِهْ

وَتمشَّي مَعَ الحديثِ جَرِيئاً ... لاَ يُبَالِي الرَّجْعِيَّ مِنْ عُذّالِهْْ

مُعْجِزَاتٌ من الْبَيَانِ تَجَلَّتْ ... فِي قريضٍ يسبى النُّهي بجمالِهْ

(دار الأهرام)

فؤاد بليبل