مجلة الرسالة/العدد 403/مجد بغداد

مجلة الرسالة/العدد 403/مجد بغداد

ملاحظات: بتاريخ: 24 - 03 - 1941



للأستاذ محمود رمزي نظيم

في سنة 1936 زار مصر وفد عراقي كان بين رجاله شاعر

العراق الكبير الأستاذ معروف الرصافي وألقى قصيدة حيا بها

مصر، ودعا الأستاذ محمود بسيوني رئيس مجلس الشيوخ

يومئذ ورئيس الرابطة العربية الوفد العراقي إلى داره بحدائق

القبة، ونظم صاحب الإمضاء هذه القصيدة يحي بها العراقيين

وشاعرهم، ولم تسمح الظروف بإلقائها ولا بنشرها. وقد رأى

تسجيلها اليوم في الرسالة لتخلد بخلود هذه الصحائف

أهلا بسادة بغداد وشاعرها ... من شاد بالشعر ركناً في مفاخرها

تهز أعطافها تيهاً قصائده ... لما يصور فيها من خواطرها

في نهضة بعثت بغداد ثانية ... دار السلام لباديها وحاضرها

وآمنت برسول المجد أمتها ... والمجد ما زال يجري في مشاعرها

الهاشمي دعاها يوم صافحها ... بدعوة هي نور في بصائرها

هيهات تذهب بغداد وما صنعت ... والله خلد غراً من مآثرها

تلك الرصافة قد عادت مباهجها ... والحسن في الجسر مجد في سرائرها

ونهر دجلة فياض كعادته ... في المجد يربط ماضيها بحاضرها

فكم ليالٍ تغنت في شواطئه ... أصغى الزمان إلى تطريب زامرها

وكم حديث كأزهار الربيع بها ... يفيض في الحي من الهام سامرها

وكم مجالس علم حوله عقدت ... تجلو القرائح فيها عن جواهرها

واهاً لأيام إخوان الصفاء بها ... وللرسائل تتري في محابرها

قد خلد المجد والتاريخ شاعرها ... والعلم والنور من تخليد ناثره بالدين والعلم قد سادت أوائلها ... وهكذا الحال يجري في أواخرها

واليوم عادت لبغداد مظاهرها ... بالجيش أو طائرات في حظائرها

قامت لتحمي من الدنيا كرامتها ... كرامةُ الناس أمست في عساكرها

يا من نزلتم ضفاف النيل تشبهها ... حول الفرات ضفاف من نظائرها

أرض تآخت بغرس في منابتها ... كما تآخت شعوب في حواضرها

وفد العراق بلاد النيل ترفقه ... كأنما هو نور في نواظرها

إن القلوب التي سُرَّت بمقدمه ... تترجم اليوم من أعلى منابرها

بني العروبة حييتم برابطة ... تهدي تحيتها في دار كإبرها

دار إذا حلت الأضياف ساحتها ... قامت تهلل ترحيبا بزائرها

أهدي التحية تقديراً لشاعركم ... إن العروبة في زهو بشاعرها

بالأمس قد عطرت مصراً بتحيته ... واليوم يسمع منا مثل عاطرها

(الجيزة)

أبو الوفاء

محمود رمزي نظيم