مجلة الرسالة/العدد 441/قصيدة مطران في (مي)
مجلة الرسالة/العدد 441/قصيدة مطران في (مي)
قد تولى رفاقُنا وبِقينا ... يعلم الله بعدهم ما لِقينا
هل من الصاب في كؤوسك سُؤرٌ ... قد سقينا يا دهر حتى روِينا
أوداع يتلو وداعاً وتأبين ... على الإِثر معقبٌ تأبينا
أيها الشاعر الذي كان حيناً ... يتغنى وكان ينحَب حينا
حطِّم العود، إن كر الليالي ... لم يغادر في العود إلا الأنينا
أن يُلمَّ الردى بَميّ وأن يط ... فئَ مصباحها أليس غبينا؟
طالع السعد كيف بدل نَوْءا ... يبعث الريح والسحاب الهتونا
فإذا ما أقرَّ أمسِ عيونا ... قَرَّح اليومَ بالدموع عيوناً
نعمة ما سخا بها الدهر حتى ... آب كالعهد سالباً وضنينا
أبهذا الثرى ظفرت بحسن ... كان بالطهر والعفاف مصونا
لهف نفسي على حِجيً عبقري ... كان ذخراً فصار كنزاً دفينا
إيه يا مي أسرف اليتم تبري ... حاً بروح كان الوفيَّ الحنونا
فقدك الوالدين حالا فحالا ... جعل البيض من لياليك جُونا
ورمى أصغريك رامي الكبير م ... ن فذاقا المنون المنونا
أقفر البيتُ، أين ناديك يام ... ي إليه الوفود يختلفونا
صفوة المشرقين نبلا وفضلا ... في ذراك الرحيب يعتمرونا
فتساق البحوث فيه ضروباً ... ويدار الحديث فيه شجونا
وتصيب القلوب وهي غِرَاثٌ ... من ثمار العقول ما يشتهينا
في مجال الأقلام آل إليك أجلس ... بق في المنشئات والمنشئينا
في لغات شتى وفي لغة الضا ... د تجيدين صوغ ما تكتبينا
أدب قد جمعت فيه علوما ... يخطئ الظن عَدها وفنونا
وتصرفت فيه نظما ونثرا ... باقتدار تَصرَّفَ الملهمينا
تبتغين الصلاح من كل وجه ... وتعانين شقوة المصلحينا
وحي قلب يفيض بالحب للخير ... ويهدي إليه من يهتدونا
ويود الحياة عزا وجهدا ... لا يود الحياة خسفا ول فهو آنا يبث بثاً رفيقاً ... يملأ النفس رحمة وحنينا
وهو آنا يثور ثورة حر ... عاصفاً عصفة تدك الحصونا
ينصر العقل، يكشف الجهل، يوحي ال ... عدل، يرعى الضعيف والمسكينا
أين ذاك الصوت الي يملك الأس ... ماع في كل موقف تقفينا
فُجِع الشرقُ في خطيبته الفص ... حى وما كان خطبها ليهونا
أبلغ الناطقات بالضاد عَيَّت ... بعد أن أدت البلاغ المبينا
أطربته وهذبته وحثت ... هـ على الصالحات دنيا ودنيا
بكلام مفصل زانت الحك ... مة فيه البيان والتبيينا
قدرته لفظاً ولحظاً وإيما ... ء بما ودت المنى أن يكونا
ذاك في العيش ما شغلت به وال ... غيد تلهو وأنت لا تلهينا
لم ترومي إلا الجليل وجانب ... ت الأباطيل واتقيت الفتونا
وجعلت التحصيل دأباً وآتي ... ت جناه فطاب للمجتنينا
فعليك السلام ذكراك تحيا ... وبرغم البعاد لا تبعدينا
خليل مطران
-